من ناحية مبدئية، ليس في الأمر ما هو استثنائي. فمنذ سنوات متفاوتة بين مدينة عربية وأخرى، اعتادت السينما الأوروبية ان تعرض جديدها خلال «ايام» او «مهرجانات» سينمائية تقام في الخريف في هذه المدينة العربية او تلك. كما اعتادت هذه العروض ان تكون الفرصة الوحيدة المتاحة للهواة كي يشاهدوا افلاماً لا تعرض عادة في الصالات التجارية، ليس لعمق فنّيتها او صعوبة مواضيعها او لغاتها السينمائية، بل لمجرد ان الصالات او ما تبقى منها في المدن العربية، صارت وقفاً على السينما الجماهيرية الآتية من هوليوود او من القاهرة. وهذا العام تتزامن ثلاث تظاهرات من هذا النوع في تونسوبيروتوالقاهرة. ولئن كانت حصص المدن الثلاث من الأفلام تتفاوت وتتنوع، فإن التظاهرة البيروتية تبدو هذا العام الأكثر تنوّعاً من ناحية اوروبيتها حيث إن التظاهرة التي تحمل الرقم الثامن عشر بالنسبة الى الدورات السنوية، تتضمن، الى مسابقة افلام الطلاب اللبنانيين التي صارت تقليداً سنوياً، افلاماً آتية من مختلف الدول الأوروبية كاشفة عبر ثلاثة وثلاثين فيلماً روائياً طويلاً عن حساسيات اجتماعية وفنية أخّاذة. وإذا كان المهرجان الذي افتتح فعالياته امس الخميس بعرض فيلم بولندي قد خصّ البلد المضيف بعروضه الطلابية، فإنه اضاف الى ذلك تكريماً خاصاً بالفنان الراحل محمود مبسوط (فهمان)، عبر عرض فيلم لهاني طنبا من تمثيله. اما بالنسبة الى العروض الرئيسة، فإن معظمها آت كما اشرنا من بلدان لها عراقة في تاريخ السينما، انما مع ندرة في الإنتاج مثل هنغاريا والدنمارك واليونان وتشيخيا وقبرص. اما بالنسبة الى الدول الأكثر انتاجاً وحضوراً، مثل فرنسا وبلجيكا وإسبانيا وإيطاليا وإنكلترا، فإنها تعرض افلاماً مميّزة كانت حققت شهرة ومكانة بفضل عرضها في العامين السابقين في «كان» وغيره ومن ابرزها: «بوليس» و «المحبوبات» و «الفنان» من فرنسا و «عام آخر» للرائع مايك لي من انكلترا و «الطفل ذو الدراجة» للأخوين البلجيكيين داردين... وبقي ان نذكر ان التظاهرة الأوروبية تقام في بيروت بالتعاون مع جمعية «متروبوليس» في قاعتها في مبنى صوفيل حتى الرابع من كانون الأول (ديسمبر) المقبل.