علمت «الحياة» أن جماعة «الإخوان المسلمين الأردنية» شكّلت لجنة لتقصي الحقائق هي الأولى من نوعها، للتحقيق في مزاعم وجود «تنظيم سري» داخل الجماعة، وسط اتهامات تطلقها قيادات بارزة في تيار الحمائم بوقوف قيادة «الإخوان» المحسوبة على تيار الصقور وراء التنظيم، المتهم بإدارة أمور الجماعة من وراء غطاء. وعُلم أن اللجنة التي يرأسها القيادي الإخواني البارز ونقيب المهندسين السابق وائل السقا بتكليف من المكتب التنفيذي (حكومة مصغرة تدير أمور الجماعة) بدأت عملها قبل أيام، بعد أن تصاعدت لغة الاتهام ضد قيادة «الإخوان»، ووصل الأمر إلى حد القول إن الصقور «يقودون كياناً يتحكم بقرارات الجماعة، ووصول شخصيات بعينها إلى مواقع قيادية، من دون وجه مشروع». وبدأت قصة «التنظيم السري» عندما أعلن القيادي البارز في تيار الحمائم خليل عسكر قبل أسابيع أنه كان عضواً سابقاً في هذا التنظيم، متحدثاً عما اعتبره دوراً للقائمين عليه في السيطرة على مقاليد الجماعة والإمساك بزمامها. ولم تمض ايام، حتى أعلن قيادي آخر في تيار الحمائم وهو أحمد الكوفحي أنه كان عضواً سابقاً في التنظيم ذاته، مؤكداً أن هذا الكيان كان مسؤولاً عن إدارة شؤون الجماعة، وإيصال القيادات المحسوبة عليه إلى المناصب الأولى فيها. وتصاعدت حدة الحديث عن «التنظيم السري»، على وقع خلافات داخلية طاحنة، عززها إعلان بعض قادة الحمائم مبادرة محلية للإصلاح عرفت اختصاراً باسم «زمزم»، اتهمت قيادة الجماعة بتغليب الشأن الفلسطيني على الشأن الأردني، في إشارة إلى أن الخلافات بدأت تأخذ طابعاً ديموغرافياً. من جهته قال أحد أعضاء لجنة تقصي الحقائق ل»الحياة» إن «اللجنة بدأت بالفعل في جمع المعلومات حول الاتهامات المتعلقة بوجود تنظيم سري داخل الجماعة». وأضاف أن «التحقيق سيطاول كل من أورد اتهامات تتعلق بوجود التنظيم السري، كما سيطاول كل من وردت أسماؤهم بالوقوف وراء هذا التنظيم». وزاد أن «لجنة تقصي الحقائق سترفع نتائج التحقيق إلى المكتب التنفيذي للجماعة، حال الانتهاء منها». وفي السياق ذاته، قال الرجل الثاني في الجماعة زكي بني ارشيد، وأحد أبرز المتهمين بالوقوف وراء «التنظيم السري»، إن «اللجنة الجديدة هدفها الوقوف على حقيقة الاتهامات التي أطلقتها قيادات وأعضاء في الجماعة بوجود مثل هذا التنظيم». وأضاف أن «قيادة الجماعة لم يقدم لها أي خبر أو معلومة حول الادعاءات بوجود تنظيم سري داخل كيان الجماعة (...) وقناعتي الشخصية أنه لا يوجد شيء اسمه تنظيم سري، وكل ما ورد في هذا الشأن تهم غير صحيحة (...) الاتهامات بوجود التنظيم السري لا تعدو كونها محاولات للتضليل أو تضخيم بعض الاجتهادات التي أراد البعض تحويلها لعناوين كبيرة خالية من أي مضمون». لكن المراقب السابق لجماعة الإخوان عبدالمجيد ذنيبات، وأحد أبرز المطالبين بإجراء تحقيق موسع حول وجود تنظيم سري قال ل»الحياة» إن «تشكيل لجنة لتقصي الحقائق من قبل المكتب التنفيذي أمر يدعو إلى الاستغراب، فكيف تشكل مثل هذه اللجنة من قبل جهة متهمة أساساً بإدارة التنظيم السري». وأضاف أنه «يتوجب على المكتب التنفيذي تشكيل لجنة محايدة من مجلس الشورى». وزاد: «إذا كان المكتب عازم بالفعل على إجراء تحقيق نزيه وكشف الحقائق، فعلى بعض قادته أن يعترفوا بأنهم كانوا وما زالوا يديرون تنظيماً سرياً، وبعدها لكل حادث حديث». وتابع: «الحديث عن التنظيم السري أمر قديم معروف منذ الثمانينات، وهناك بعض أعضائه خرجوا منه وأكدوا أنهم كانوا أعضاء فاعلين فيه، وهو تنظيم تديره قيادة الجماعة الحالية بعيداً من قراراتها المعلنة». واستطرد: «التنظيم السري لا يزال قائماً، ولا يزال يؤدي أدواراً خارج إطار التنيظم، وقادته يرتبون أوضاعهم ويدفعون الجماعة باتجاه إجراءات بعيداً من السياسات المعلنة، وهناك أشخاص بإمكانهم أن يدلوا بشهادات تؤكد صحة ما أقول».