لم يكن أكثر المتفائلين من قاطني بلدة القديح يتخيل قبل 7 سنوات أن يكون فريق كرة اليد بالنادي ضمن المنافسين على تحقيق البطولات المحلية، عطفاً على وضعه الفني والمالي الذي كان يعيشه، إذ كان جل هم تلك الجماهير استمرار فريقها في الدوري الممتاز بعد أن عاش مرحلة من التأرجح ما بين الصعود للممتاز، والهبوط إلى الدرجة الأولى، خصوصاً ان الفريق كان يتدرب في ملعب اسفلتي لا يليق بمدرسة، فضلاً عن أن يكون ملعباً لأحد الأندية الرياضية التي تلعب الدوري الممتاز، لكن الإرادة والإصرار والروح التي امتلكتها إدارة النادي بقيادة سامي آل يتيم كان لها دور في ما تحقق. في 2004 أطلقت الإدارة المضرية الشابة خطة طويلة الأمد هدفت إلى أن يأخذ الفريق وضعه ضمن دائرة المنافسة وبعثت به إلى وسائل الإعلام وكان في حينها محل تندر بعض الجماهير خصوصاً العارف ببواطن أمور نادي مضر من ناحية الإمكانات المادية والبنية التحتية، إلا ان الأمور اختلفت لاحقاً ونجح أبناء القديح في تحويل الحلم إلى حقيقة والسراب إلى واقع، اذ تحول ذلك النادي إلى بعبع مخيف لكل الأندية بعد مضي 5 سنوات من بدء الخطة الإدارية، ليسير الفريق بخطى ثابتة نحو البطولات بعد ان بدأها على مستوى الفئات السنية التي كانت لها اليد الطولى في وصول اللعبة إلى ابعد مدى، فبعد ان فرض الفريق نفسه محلياً انطلق نحو المشاركات القارية فكان في الأولى وصيفاً، وفي الثانية بطلاً ووصل إلى العالمية من البوابة الأصعب، متجاوزاً من سبقوه في ممارسة اللعبة. مضر حول الحلم إلى واقع فهو أزاح عمالقة كرة اليد السعودية من عرش اللعبة فاسقط الخليج وابعد الأهلي وزاحم النور ليؤكد أنه الأقوى، وتجاوزت سطوته الفرق المحلية ليبسطها على المستوى القاري. الأمر المؤكد ان أبناء مضر لن ينسوا 21 تشرين الثاني (نوفمبر) يوم عانقوا السحب وحققوا البطولة الآسيوية الرابعة عشرة للأندية أبطال الدوري لكرة اليد على كأس الأمير محمد بن فهد في ذكرى ستبقى راسخة في أذهانهم بعد طرقهم أبواب العالمية متجاوزين فرق فعلت المستحيل لتحقيق الهدف ذاته، وعاشت بلدة القديح ليلة من ليالي العمر امتدت فيها ساعات الفرح لأيام سهرت فيها جماهير النادي مع الأبطال الذين أوقدوا شموع الفرح في قلوبهم. طموحات الإداري الشاب علي سعيد مرار الذي يحتل منصب مدير الفريق عالية فهو يؤمل على تحقيق النتائج الايجابية في بطولة العالم ويقول ل«الحياة»: «نجحنا بتقديم انجاز هو اقل ما يمكن تقديمه إلى هذا الوطن، ففوز مضر هو فوز لليد السعودية قاطبة، فنحن لعبنا باسم الوطن ولذلك كان الجهد مضاعفاً، و- الحمد لله - أننا توجنا جهدنا ولم نحبط 7 آلاف مجشع حضروا في الصالة ومئات الآلاف ممن تابعونا بقلوبهم، وهذه البطولة خير هدية لهم». وأضاف: «عشت تقلبات البطولة التي جاءت احداثها مشابهة لاسمي فقد كنت أعيش شأني شأن بقية اللاعبين والجهازين الفني والإداري مرارة التعب والتفكير، وبعدها عشت سعادة الفرح بهذا الفوز الذي وضعنا على أبواب العالمية وهدفنا المقبل هو الظهور بمستوى مشرف في تلك البطولة». وحول المباراة النهائية قال: «اللقاء النهائي لم يكن سهلاً فعلى رغم التفوق في الإمكانات المادية للفريق اللبناني الذي لعب البطولة بفريق مدجج باللاعبين الأجانب، إلا ان كل تلك الفوارق ذابت مع اللعب القتالي، ورجحت الروح ميزان القوى لمصلحتنا، وكتبنا انجازاً بمداد الذهب وقدمنا هدية هي اقل ما يمكن تقديمه لهذا الوطن المعطاء». من جانبه، قال جناح الفريق وهدافه ماجد ابو الرحى: «شكراً لكل من اسهم في حصولنا على هذا اللقب، الذي من خلاله أكدنا علو كعب كرة اليد السعودية، وما حدث في الفترة الماضية ليس سوى كبوة، والجماهير عودتنا على الوقوف معنا ونحن و- الحمد لله - لم نعدهم خائبين فقد حققنا الحلم، ومن يملك مثل جمهورنا لا بد ان يحقق مراده، ولا أبالغ إذا قلت انني شعرت بلحظات التتويج منذ وصولنا إلى الصالة وشعرت باهتزاز الصالة من خلال الحضور الجماهيري الذي قضى على كل الآمال اللبنانية بالحفاظ على اللقب، فمضر بفوزه بهذه الكأس ضرب عصفورين بحجر واحد، فتوج بالكأس مرة ورددنا اعتبارنا من السد الذي هزمنا في النسخة الثالثة عشرة في لبنان». وأعرب حارس الفريق البحريني محمد عبدرب الحسين عن سعادته باللقب الآسيوي الأول في حياته الرياضية وقال: «شعرت مع الفريق وكأنني أحد عناصره منذ سنوات طويلة، فهذا الفوز سيكون طريقي نحو الشهرة، وأهمية اللقاءات والبطولة هي من حتمت علي الظهور بهذه الصورة الرفيعة، وما جاء تحقق بفضل مساندة زملائي اللاعبين في الدفاع المستميت، إضافة إلى الزخم الجماهيري الكبير الذي غصت به مدرجات الصالة». ولم يكتف مضر بالفوز والانجاز التاريخي، فنجح في تقديم وجوه شابة في هذه البطولة سيكون لها شأن كبير في تاريخ اللعبة، إذ برز من الفريق قائد فريق الناشئين متصدر الدوري محمد عباس الذي شارك في معظم اللقاءات كلاعب أساسي وقال: «ان تبدأ كبيراً فهذا يحتاج إلى جهد كبير، وانا وعلى رغم صغر سني كوني لا أزال العب في فئة الناشئين إلا ان ثقتي بنفسي كبيرة، وثقة الجمهور أجبرتني على تحمل المسؤولية، وانا هنا اشكر المدرب الكبير سفيان الحيواني الذي أكد أنه علامة بارزة في خريطة التدريب العربي، فقد قادنا لهذا الإنجاز».