يأتي تراجع الإدارة الأميركية عن إعادة سفيرها روبرت فورد إلى دمشق والتريث حتى نهاية العام، لأسباب أمنية وأخرى سياسية ترتبط بالتصعيد المنهجي للوضع هناك واستعداد الجامعة العربية وتركيا وواشنطن اتخاذ عقوبات ضد النظام السوري. وفي قرار تم حسمه في الأيام الأخيرة وبعدما كانت الاستعدادات الأسبوع الفائت تتجه نحو عودة فورد قبل عيد الشكر يوم الخميس، أعلنت الخارجية الأميركية أن هذه الخطوة «لن تتم هذا الأسبوع كما كان مقرراً، لكنها ستحصل قبل نهاية العام». وقالت الناطقة باسم الخارجية الأميركية فيكتوريا نولاند إن الولاياتالمتحدة ستتشاور مع حلفائها «في شان الموعد الملائم لعودته»، خصوصاً بعد قيام دول عربية وأوروبية بسحب سفرائها منذ خروج فورد الشهر الفائت ولأسباب أمنية. وقالت نولاند: «نريد أن نتأكد أنه سيكون في مأمن عند عودته، وأن سورية ستكون راغبة في الوفاء بالتزاماتها بموجب اتفاقية فيينا (حول حماية الديبلوماسيين) بحيث يتمكن من أن يكون فاعلاً ويخرج للقاء الناس». وتتخوف الإدارة من اعتداءات لموالين للنظام (الشبيحة) ضد فورد الذي تم استهدافه أكثر من مرة من قبلها في الأشهر الأخيرة. وعلق مسؤول أميركي رفض كشف هويته أن «خطتنا الحالية هي أن يعود في موعد قريب نسبياً». وأثار فورد استياء النظام السوري حين انتقده علناً، وخصوصاً على صفحة السفارة الأميركية في موقع فايسبوك، وحين توجه مرتين إلى مدن كانت تشهد تظاهرات مناهضة للنظام. كما أثار حفيظة النظام بلقاءاته برجال أعمال بارزين وإقناعهم بالابتعاد عن النظام وبشخصيات من المعارضة وفي المجتمع المدني. ويرتبط تأجيل عودته إلى جانب الأسباب الأمنية، لتزامنها مع الوتيرة التصعيدية للوضع في سورية واستعداداً للخطوات الإقليمية والدولية المتوقعة في الأسابيع المقبلة. إذ فيما تعد واشنطن وبحسب مصادر موثوقة رزمة جديدة من العقوبات ضد شخصيات في النظام وأجهزة الأمن السورية، تنتظر أيضاً خطوات مماثلة من الجامعة العربية وتركيا كما تعمل الإدارة من خلال مجلس الأمن للتحضير لتحرك دولي على شكل إدانة للنظام وأعمال العنف. وما زالت الإدارة الأميركية مقتنعة بأن الرئيس السوري «انتهى» وأن الأمر متعلق «بحجم الضرر الذي سيلحقه إلى حين خروجه». وفيما لا تتوقع واشنطن حلاً سريعاً للأزمة، ترى أن تحرك الجانب الإقليمي سيعجل في نهايتها. ويقابل بقاء فورد في العاصمة الأميركية، الغياب المستمر للسفير السوري عماد مصطفى عن واشنطن، واستبعاد عودته قريباً. وما زالت وزارة العدل الأميركية تحقق في تهم موجهة ضد المواطن السوري الأميركي أحمد السويد بالتجسس على أفراد المعارضة السورية في العاصمة الأميركية، وتلقي اتصالات وتعليمات من مصطفى.