رأَسَ رئيس المجلس النيابي اللبناني نبيه بري في مبنى البرلمان في وسط بيروت امس، جلسةً حضرها 128 طفلاً من مختلف الأعمار والفئات، من اللبنانيين ومن جنسيات عربية عدة، لمناسبة اليوم العالمي للطفولة وبتنظيم من المجلس الاعلى للطفولة. وحضر الجلسة رئيس الحكومة نجيب ميقاتي وعقيلة الرئيس اللبناني وفاء سليمان وشخصيات. وتحدث الاطفال عن هواجسهم وتطلعاتهم وطرحوا اسئلة. وافتتح بري اللقاء مؤكداً أنه أراد للمجلس النيابي أن «يكون طليعة البرلمانات في منطقتنا الاقليمية والعربية في استخدام ديبلوماسية برلمانية لأجل القضايا الوطنية والعربية، وفي الطليعة الاحتلال والعدوان الاسرائيلي على وطننا والاراضي العربية، وأن يلعب دوراً «طليعياً» في بناء جسر من العلاقات بين لبنان المقيم ولبنان المغترب وأجيال هذا الاغتراب، والدور الأهم هو مساهمة المجلس النيابي اللبناني في عملية التربية على الديموقراطية». الديموقراطية والتربية ولفت الى أن «الديموقراطية كنهج حياة غائبة عن المناهج التربوية، والمواطن اللبناني يعيش واقع الديموقراطية كعملية إجرائية تجرى على مستوى رئاسة الجمهورية كل ست سنوات، ومثلها انتخاب السلطة المحلية، المتمثلة بالبلديات والمختارين، وتجرى على المستوى النيابي كل اربع سنوات، وتخضع هذه العملية الاخيرة (البرلمانية) كل مرة الى قانون مثل لبنان، وليس الى قانون كما يريد لبنان ان يكون في المستقبل». وأشار الى ان «التكنولوجيا سبقت تخلف العملية التربوية، وانتم على الانترنت والفايسبوك والتويتر تستطيعون رؤية تطور النظم السياسية في العالم وعملية تداول السلطة والحكم الرشيد، وان تكونوا طليعة «الشعب يريد». ولكن يبقى ان هذه التكنولوجيا صالحة للتحريك ولكنها لا تكوّن فكراً»، وخاطب الأطفال قائلاً: «كونوا طليعة «الشعب يريد إلغاء الطائفية»، وكونوا طليعة «الشعب يريد قانون انتخابات عصرياً»، و «الشعب يريد خفض سن الاقتراع ومشاركة الشباب»، و «الشعب يريد إشراك المرأة في كل ما يصنع حياة المجتمع والدولة السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية»، وليس مجرد شعارات لا تضمن إنصاف المرأة ولو بحق الكوتا». وأعلن أنه نهاية الشهر الجاري «سيتم الاعلان عن مأسسة هذه العملية البرلمانية للتربية على الديموقراطية بالتعاون بين الادارة البرلمانية وبرنامج الاممالمتحدة الاقليمي». ميقاتي أما ميقاتي، فدعا الاطفال الى أن يحلموا: «لا تجعلوا لحلمكم حدوداً، لا يمكنكم تحقيق ما تصبون اليه الا بالحلم، وبالحرية التي هي قمة الحلم». وأكد أن الحرية «ليست مطلقة بلا حدود، بل تنتهي عندما تبدأ حرية الآخرين. ليس مسموحاً ان تكون الحرية بلا حدود، بل عليكم ان تضعوا لها ضوابط لتحترموا انفسكم قبل احترام الآخرين». وقال: «لا تخافوا سلوك الطرق الوعرة، لأن خياراتكم واضحة، فلا خيار الارتهان والتبعية للخارج مفيد، ولا نهج العناء والمكابرة في الداخل مفيد، لبنان هو النموذج الغني بتنوعه وبالعيش الواحد، والذي علينا العمل للحفاظ عليه، علينا التعاون جميعاً لنحول الحلم الى سعي وإنجاز». وخاطب الأطفال قائلاً: «خذوا العبرة من أخطائنا ولا تستسلموا». ثم تحدثت سليمان عن دور الأطفال «في مجتمع أفضل بعيد من التمييز والحرمان من التعليم والطبابة»، مؤكدة «أن الظروف التي يعيشون فيها، ومساحة الحقوق التي يتفاعلون في داخلها، ونوعية التقديمات الاجتماعية والصحية والثقافية التي ينعمون بها، ومدى مشاركتهم في المعرفة والقرار وبناء المستقبل، تعكس الصورة الحقيقية للأوطان». ولفت الوزير وائل ابو ابو فاعور الى أن «لقاء اليوم فعل ديموقراطي بامتياز»، وقال: «هؤلاء جميعاً يعبّرون عن الاطفال ضحايا الاعداء والقتلة والغزاة من المنصوري الى قانا، لكنهم ايضاً ضحايا لنا ولانقساماتنا ولحروبنا ولصراعنا الدامي على السلطة، وهم أحياناً ضحايا لغفلتنا او سهونا او عدم اهتمامنا، فيعنَّف بعضهم، ويُستغَل بعضهم، ويُعتدى على بعضهم، ويُهجَّر ويُشرَّد ويُفقَّر بعضهم الآخر». ودعا الى أن يكون «الاطفال حافزاً لنا للحوار والوحدة في وطن انقسم الى حدود التشظي وامتنع فيه الحوار الى حدود القطيعة». ثم وجَّه الاطفال اسئلتهم الى الرئيسين وأبو فاعور. وسألت طفلة معوَّقة بري: متى تكون لنا مدارس غير خاصة بنا؟ فأجابها: «عندما يصبح هناك دولة في لبنان». وعلق بري خلال الجلسة على وجود عدد كبير من الفتيات، وقال: «عوضتم في هذه الجلسة الظلم اللاحق بالمراة في الانتخابات النيابية». وقدم الطفل صلاح حصيبان، المصاب بمرض السرطان، مداخلةً تحدث فيها عن معاناة الاطفال الذين يعانون المرض وغيره، وخاطب الموجودين قائلاً: «هل تعلمون ان كلفة علاجي سنويا تبلغ اربعين الف دولار، وأنه لولا وجود مركز سرطان الاطفال لتأمين علاجي مجاناً، متحملاً الأعباء كاملة بما فيها الدواء، لما استطاع اهلي ان يهتموا بي كما يفعلون الآن، أليس من حق جميع المرضى اللبنانيين ان يحصلوا على العلاج المجاني؟». وبدا بري وميقاتي منبهرين من اسلوب الطفل والعبارات التي قالها، وردَّ بري قائلاً: «هذا مطلب مهم لكل اللبنانيين الذين يجب ان يكونوا مضمونين صحياً، وهذا واجب، فأنت تتكلم باسم الشعب اللبناني وانت تمثل المجلس أكثر منا» . وعن حماية اللاجئين العراقيين من العنف في لبنان، أجاب بري: «لا يوجد في لبنان شيء اسمه عنصرية. ان مشكلة لبنان هي الطائفية».