واصلت القوى السياسية اللبنانية في الأكثرية والمعارضة استكمال عدتها لخوض الانتخابات النيابية بإعلان اللوائح في الدوائر المختلفة، بموازاة استمرار تداعيات الخلافات ضمن الصف الواحد التي يخشى كل فريق من انعكاسها على نتائج عملية الاقتراع في 7 حزيران (يونيو) المقبل، لغير مصلحته. فيما غادرت بيروت عصر أمس وزيرة الخارجية الفرنسية ميشال إليوماري بعد محادثات مع رؤساء الجمهورية ميشال سليمان والبرلمان نبيه بري والحكومة فؤاد السنيورة، بعدما أعلنت عن اتفاقات تعاون أمني بين البلدين مؤكدة استعداد بلادها للمساهمة في مراقبة الانتخابات النيابية في إطار الاتحاد الأوروبي. (راجع ص 7 و8) وسعى معاونو رئيس «اللقاء النيابي الديموقراطي» وليد جنبلاط الى التخفيف من أضرار الكلام الانتقادي الذي قاله في مناسبة مغلقة قبل أسابيع عن حلفائه المسيحيين وعن تيار «المستقبل» وزعيمه النائب سعد الحريري وبثته محطتا «نيو تي في» و «أو تي في»، عبر لقاء وزير الدولة وائل أبو فاعور مع البطريرك الماروني نصر الله بطرس صفير أمس، وعبر اتصالات مكثفة أجراها بعض معاونيه مع بعض حلفائه المسيحيين، ومع النائب الحريري. وحاول النائب الحريري إثناء رعايته إعلان لائحة البقاع الغربي وراشيا أمس بدوره التخفيف من ذيول تصريحات جنبلاط، خصوصاً ان أبو فاعور في عداد هذه اللائحة. وسبق ذلك إعلان أبو فاعور انه أكد للبطريرك صفير التمسك بالخيار الاستقلالي وتحالف قوى 14 آذار، مذكراً بالمصالحة التي رعاها صفير، فيما قال المرشح على لائحة جنبلاط رئيس «حزب الوطنيين الأحرار» دوري شمعون ان «كلام الليل يمحوه النهار»، بينما طالب النائب من كتلة «المستقبل» عزام دندشي جنبلاط بالاعتذار من عكار لأنه كان قال انه تم استقدام ألف شاب منها الى بيروت «هربوا» في 7 أيار. وأعلن النائب الحريري أثناء إعلانه لائحة البقاع الغربي ان هذه «الأرض هي نفسها التي حاولوا استغلال مقاومتها وتضحياتها لمصلحة نظام الفساد والحرمان ومنع أي صوت فيها غير صوت القاتل والقبضة الحديد التي أحكمها نظام الوصاية». وقال عن الخصوم في اللائحة المنافسة: «يريدون اليوم عبر سارقي المؤسسات ان يعيدوا الى هذه الأرض الحبيبة نظام الوصاية». واتهم البعض بأنهم «يتظاهرون انهم كانوا من أصدقاء الرئيس الشهيد (رفيق الحريري) وهم كانوا بالفعل وزراء النظام الذي اغتاله... أي صديق يفرح لقتل صديقه؟». وتحدث خلال المهرجان الوزير أبو فاعور الذي خاطب الحريري قائلاً: «كلمة وليد جنبلاط إليك نحن معك في السراء والضراء وخيارنا واحد وسيكون الدليل في 7 حزيران...». وشهد البقاع الغربي إطلاق ماكينة حزب البعث العربي الاشتراكي الانتخابية من قبل أمينه القطري الوزير السابق فايز شكر، دعماً للائحة المعارضة. في موزاة ذلك، وصل السفير اللبناني لدى سورية ميشال خوري، قبل ظهر أمس الى دمشق ليباشر عمله، في خطوة تاريخية طال انتظارها بعد قرار رئيسي البلدين تبادل العلاقات الديبلوماسية في 13 آب (أغسطس) 2008 للمرة الأولى منذ الاستقلال. وأكد خوري في تصريح الى «الوكالة الوطنية للإعلام» الرسمية اللبنانية في دمشق ان «العلاقات بين لبنان وسورية جيدة جداً وطبيعية وأخوية وكذلك بين الشعبين الشقيقين». وأضاف: «هذه العلاقات القوية والتاريخية أرسى دعائمها الرئيسان اللبناني ميشال سليمان والسوري بشار الأسد»، معرباً عن تطلعه «الى مستقبل أفضل لهذه العلاقات الطبيعية وليست الجديدة». وكان خوري وصل صباحاً الى نقطة الحدود السورية - اللبنانية حيث كان في استقباله مندوب من وزارة الخارجية السورية والأمين العام للمجلس الأعلى اللبناني - السوري نصري الخوري وسفراء الدول العربية المعتمدون في دمشق. يذكر ان القائم بأعمال السفارة اللبنانية في دمشق المستشار رامي مرتضى كان رفع العلم اللبناني أمام باحة السفارة في 16 آذار (مارس) الماضي إيذاناً ببدء العمل فيها. وكانت السفارة السورية في بيروت فتحت أبوابها في أواخر كانون الأول (ديسمبر) والتحق بها ثلاثة ديبلوماسيين سوريين أعلاهم السكرتير الأول شوقي شماط، ووافق لبنان على اعتماد السفير السوري علي عبد الكريم علي سفيراً في لبنان. وينتظر ان تبلغ حمى إعلان اللوائح الانتخابية ذروة جديدة اليوم ومعها خطاب التعبئة الانتخابية، حيث أعلنت المعارضة لائحتها في دائرة الكورة في مهرجان حاشد وضمت سليم سعادة (الحزب السوري القومي الاجتماعي) وفايز غصن (المردة) وجورج عطاالله (التيار الوطني الحر). وأجل العماد عون إعلان لائحتي المعارض في جبيل والمتن الشمالي من اليوم الى موعد لاحق. وفي نيويورك، طرح الوفد الأميركي أمام مجلس الأمن في جلسة مغلقة أمس الاثنين مسألة الانتخابات البرلمانية اللبنانية المقبلة ليؤكد «دعمنا للبنان سيادي ومستقل وحر وخال من التدخل الخارجي طبقاً للقرارات الدولية 1559 و1680 و1701»، بحسب تعبير نائب المندوب الدائم السفير اليخاندرو وولف بعد انتهاء الجلسة. وقال وولف في تصريحاته للصحافة: «اننا ما زلنا نشعر بالقلق البالغ نتيجة استمرار تهريب السلاح (الى لبنان) بانتهاك للقرارين 1559 و1701»، مؤكداً ان تهريب السلاح «يقوض سيادة لبنان ويقوض تفرد القوات المسلحة اللبنانية بفرض سلطتها وحدها على لبنان». وقال ان القوات المسلحة اللبنانية هيا البوابة «الشرعية» التي يمكن لها وحدها ان «تؤمن أمن لبنان ويجب حمايته والدفاع عنه»، مشيرا الى انه «ما زالت هناك ميليشيات مسلحة تعمل في لبنان بانتهاك لقرارات مجلس وضد شرعية الدولة اللبنانية».