يعد شارع المكرونة من أهم الشوارع الرئيسة في مدينة جدة، إذ يقطع الكثير من أحيائها، انتزع هذا المسمى من خلال إنشاء أول مصنع سعودي عليه لإنتاج «المعكرونة» في عام 1971(أي قبل 40 عاماً من الآن). وكحال اسم الشارع الذي يبدو شاذاً نوعاً ما، وتقفز التساؤلات إلى ذهن من يسمع به لأول مرة عن سر إطلاق هذا الاسم عليه، فإن الأكلة الشهيرة «المعكرونة» هي الأخرى تحمل سراً في نشأتها المختلف عليها حتى الآن، وهل هي يابانية أم صينية الأصل أو ربما كانت عربية؟. هناك من يقول إن اكتشاف المعكرونة سيبقى سراً غير مؤكد تاريخه، لاسيما في وجود الكثير من العلامات التي تشير إلى هذه المادة الغذائية في كتب الطبخ اليابانية القديمة التي يعود تاريخ تدوينها إلى 3500 عام قبل الميلاد، ولا يختلف الأمر مع كتب الطهي الصينية التي كتبت عن هذه الوجبة في عام 3000 قبل الميلاد، ومع كل هذا إلا أن الجميع يرجح أن الأكلة هي إيطالية الأصل والمنشأ، فالرواية التي تفيد أن الرحال الإيطالي الشهير «ماركو يولو» أجرى رحلة استكشافية إلى بلاد الشرق عام 1274م لمدة 24 عاماً وعاد بعد هذه المدة الطويلة باكتشافات عدة منها كيفية صنع «المعكرونة» من الدقيق، وبعد ذلك دخلت هذه الأكلة إلى إيطاليا التي تعتبر الآن من أشهر الدول لإنتاجها وطهيها بجميع أنواعها، بل أطلق على عاصمة البلاد روما اسم عاصمة المعكرونة. والمعكرونة غذاء مركب من القمح والملح والماء، وهي تمد الجسم بمواد زلالية ودهنية وفيتامينات ومعادن (مثل الفسفور والكالسيوم والحديد) وتعتبر غذاء مثالياً للكثير من المرضى. والحديث عن شارع المكرونة في عروس البحر الأحمر، يخطف الإنسان سريعاً إلى استحضار هذه الأكلة بعيداً عن سبب تسمية أحد شرايين المدينة الساحلية باسمها، وهو الشارع الذي يقطع أهم طرقات جدة (منها طريق التحلية و طريق صاري وطريق حراء). وعلى رغم أن الاسم الصحيح هو «المعكرونة» إلا أن حرف «العين» لم يكن له نصيب في لوحة مسمى هذا الشارع، إذ يحلو للناس - وفق ما تعارفوا عليه - أن يطلق عليه «شارع المكرونة» من دون حرف العين. وذهولاً عند دلالات هذا المسمى، تجد الكثير ممن لم يسمع بهذا الشارع أو يقطن خارج مدينة جدة يتملكه الضحك الهستيري عند سماعه بمسمى هذا الطريق، معتقداً أن من يخبره عنه مازحاً أو ساخراً منه. تركي الزهيري الذي يقطن مدينة جدة يقول: «الاسم يرتبط سريعاً بأكلة المعكرونة»، مضيفاً: «حينما أخبرت أقربائي في المناطق الأخرى اعتقدوا -بعد انهالوا ضحكاً- أن الطريق به الكثير من المطاعم المميزة بطبخ هذه الأكلة لذا أطلقوا عليه هذا المسمى». وعلى عكس المستغربين، اعتبر تركي أن هذا المسمى جميل ومميز «شيء حسن أن تختلف أسماء الشوارع وتكون غريبة نوعاً ما فهذا يميز المدينة كثيراً عن غيرها من المدن». ويرى عبدالرحمن الغامدي أن هناك تشابهاً كبيراً بين «أكلة المعكرونة» و«طريقها»، وتابع: «أجد صعوبة كبيرة في تناول وجبة المعكرونة بحكم أنها طويلة وتحتاج إلى مهارة استخدام الملعقة والشوكة، كما هو الحال لحظة العبور من شارع المكرونة فهو أكثر تعقيداً لأنه مليء بالحفر وعادة ما تتجمع فيه المياه»، ولا يعلم عبدالرحمن عن سبب تسمية الشارع بهذا الاسم حتى الآن «لم أنظر إلى اللوحة الموجودة به لكي أتأكد أن هذا هو مسماه الصحيح ولكنني أعرف الشارع بهذا الاسم منذ صغري ولا أدري لماذا أطلقوا عليه المكرونة».