شن الجيش العراقي أمس حملة تمشيط في حي الفضل في بغداد، بحثاً عن عناصر «مجلس الصحوة»، بعد يوم من الاشتباكات الدامية بين الطرفين، وفرض حظراً للتجول واعتقل العشرات من المسلحين الذين بدأوا تسليم أسلحتهم. في غضون ذلك، أعلن الرئيس باراك أوباما أنه لا ينوي تسريع انسحاب قواته من العراق، مؤكداً انه حتى وان تقدم هذا البلد «في الاتجاه الصحيح» سيظل في «حاجة الى مساعدة الولاياتالمتحدة». وزاد في مقابلة مع شبكة «سي بي اس» ان «الخطة التي وضعناها للعراق جيدة»، مؤكداً «ثقته» بهذه الخطة. واضاف: «ما زال هناك عمل يجب القيام به في المجال السياسي، لحل الخلافات بين مختلف المجموعات الدينية حول مسائل مثل النفط وانتخابات مجالس المحافظات. وعلينا تدريب القوات العراقية كي تحسن قدراتها». وخضع حي الفضل وسط بغداد، طوال امس لحظر تجول شامل، وانتشرت فيه وحوله قوات من الجيش ومغاوير الشرطة، فيما حلقت فوقه الطائرات المروحية منذ ساعات الفجر الأولى بعد رفض مسلحي «الصحوة» تسليم أسلحتهم. وفرضت القوات الاميركية والعراقية اجراءات مشددة على مداخل أقدم مناطق بغداد (وسط)، في اعقاب اشتباكات دارت اثر اعتقال عادل المشهداني قائد «الصحوة» هناك. وقتل شخصان وأصيب آخرون في هذه الاشتباكات. وطالبت القوات الاميركية عبر مكبرات الصوت تسليم الاسلحة، مؤكدة ان «كل من يواصل الاحتفاظ بالسلاح بعد انتهاء المهلة المحددة يعتبر اإهابيا». ويخفي عناصر «الصحوة» وجوههم وهم يسلمون اسلحتهم من دون ذخائرها الى القوات العراقية التي تفرض ،بمرافقة القوات الاميركية، سيطرتها على المنطقة. وكان حي الفضل، أحد المعاقل الرئيسية لتنظيم «القاعدة» في بغداد الى حين الانقلاب عليها اعتباراً من تشرين الاول (اكتوبر) 2007. ووجه الناطق باسم العمليات في بغداد اللواء قاسم عطا، تهمة قيادة الجناح العسكري لحزب البعث المنحل الى المشهداني، واضاف انه «متهم ايضا، بالخروج على القانون، وارتكاب جرائم قتل بحق الأبرياء». وقال الناطق باسم الحكومة علي الدباغ ان «ما يحدث لا يعني ان الصحوات مستهدفة، فهذا الشخص مطلوب قضائياً وكان يمارس الارهاب والابتزاز بحق اهالي الفضل، وانا على يقين من انهم مرتاحون إلى اعتقاله». وإثر اعتقال المشهداني السبت، بدأ مسلحون بإطلاق النار على القوات العراقية، ما دفع الجيشين الاميركي والعراقي إلى المطالبة بنزع سلاح عناصر «الصحوة». وقال احد العناصر، مكتفيا بذكر اسمه الاول قصي، «سلمت سلاحي لانني لا أريد ان يقصف الاميركيون منزلي ومحلتي فهناك نساء واطفال». واضاف فيما تجمع حوله عدد من الاهالي «انتهت الصحوة الان، وستعود القاعدة والانفجارات، من سيحمي المنطقة»؟. وزاد: «بذلنا كل ما في وسعنا لطرد القاعدة». وقال اللفتنانت كولونيل ديفيد باكنغهام الذي يقود القوة الاميركية المشاركة في العملية «لم نعتقلهم، لقد سلموا أنفسهم واسلحتهم». واضاف، مشددا على ان دور قواته يختصر بتقديم الدعم للجيش العراقي، وان «حوالي نصف عناصر الصحوة سلموا اسلحتهم، اي خمسين شخصاً». وحدد الجيش امس مهلة لعناصر «الصحوة» لتسليم أسلحتهم، انتهت منتصف النهار، لكنه مددها ساعات لمنحهم فرصة اخيرة قبل اقتحام الحي. واكد الناطق باسم «الصحوة» بكر ابو سجا ل «الحياة» ان اعتقال قائدها عادل المشهداني تم في منطقة باب المعظم ظهر السبت. وان القوات الاميركية التي نفذت الاعتقال اصطحبت معها زوجة أمير «القاعدة» السابق لتتعرف إليه. لافتا الى ان «العملية تمت بوشاية من تنظيم القاعدة الذي بدأ يتحرك لضرب المنقلبين عليه داخل الصحوات» . وتابع ان الجانب الاميركي «أصر، خلال المفاوضات مع عناصر الصحوة، على أن المشهداني مطلوب بموجب مذكرة توقيف، على رغم أنه تحرك بشكل جدي خلال الشهور القليلة الماضة لتعزيز المصالحة الوطنية بين المناطق، وكان آخرها الصلح بين حي الفضل واهالي مدينة الصدر الاسبوع الماضي». ويقع حي الفضل الذي يتولى «مجلس الصحوة» الأمن فيه، في قلب العاصمة العراقية، وليس فيه وجود للقوات العراقية. وشهد عام 2006 معارك طاحنة بين «القاعدة» والجيش، وكان مسرحا للعمليات العسكرية والمجازر الطائفية التي تسببت في اغلاقه شهوراً طويلة، قبل ان تستأنف الحياة فيه من جديد نهاية عام 2007، بعد تشكيل «مجالس الصحوة» .