«حج وبيع سبح»، مثل ارتبط في بدايته بالسبحة التي كانت تعد الهدية الأبرز، يحرص كل من شد رحاله لتأدية النسك على اغتنائها لتقديمها لبعض أقاربه كأفضل تذكار من الأراضي المقدسة. وعلى رغم قدم هذا المثل الذي ظلت تلوكه ألسنة الناس وتداوله جيلاً عن جيل، إلا أن هذه التجارة تطورت أساليبها وطرقها وتنوعت الهدايا وتطورت، فلم تعد السبحة وحدها المعنية بالمثل الذي لم يتبق لها فيه سوى الرمزية لأي تجارة في هذا الموسم. ومع بدء العد التنازلي لمقدم الحجاج إلى الأراضي الطاهرة لأداء الفريضة، أخذ جلب كميات من المنتجات التي تتميز بها بلدانهم لعرضها على ضيوف الرحمن قدراً من اهتماماتهم قبل وطء أقدامهم أرض المملكة للاستفادة من هذه الرحلة المقدسة في ممارسة التجارة والحصول على مصدر كسب مادي قد يفوق ما أنفقوه على القدوم لأداء شعيرة الحج، خصوصاً الحجاج المقبلين من بعض الدول الإفريقية وشرق آسيا وروسيا. فمع بداية توافد الحجاج يوم التروية (الثامن من ذي الحجة)، حرص القادمون لأداء الفريضة والتجارة على أن تكون تجارتهم مع الله، فيتفرغوا للعبادة حتى اليوم الأول من أيام التشريق الذي تتغير فيه خريطة المكان في مشعر منى فيتحول إلى مركز عشوائي تستغل فيه كل مساحة على جوانب الطرق والأرصفة لعرض أصناف متنوعة من المنتجات التي تلاقي إقبالاً كبيراً من الحجاج لشرائها إما لتقديمها هدايا لذويهم وأقاربهم أو للاحتفاظ بها ذكرى لهذا النسك الذي أدوه والذي قد لا يتكرر لهم شهوده. في الجانب المقابل، يحرص السعوديون خلال موسم الحج على المرور على بعض ما يعرضه الحجاج من روسيا وبعض الدول الإفريقية مثل مناظير الرؤية والسكاكين والتحف والسجاد والسبح والعقيق وغيرها من المنتجات التي تتميز بها دول معينة عن غيرها. وأفادت فاطمة بنت سعيد من حجاج أريتريا «الحياة» بأنها جلبت معها كمية من الأقمشة المصنعة يدوياً في بلادها وتستخدم لغطاء الرأس والجسد وهي جزء من الزي الأريتري، وكذلك تستخدمها بعض السيدات أثناء أداء الصلاة وهي تحاول من خلال هذه الكميات البسيطة تحسين مستوى دخلها والاستفادة من الحج في تعويض بعض ما أنفقته للقدوم لأداء فريضة الحج. وأضافت أن هذه البضاعة تشهد إقبالاً كبيراً من السعوديات وبعض السيدات من الجنسية الأريترية المقيمة في المملكة أو ميسورة الحال من الحجاج، خصوصاً أن أسعارها متواضعة لا تتعدى ال15 ريالاً للقطعة». فيما أكد الحاج صبري أحمد أنه أتى لأداء الحج للمرة الأولى بعد سنوات من الانتظار، وقال: «ظللت أتجول بين عدد من البسطات لشراء هدايا تذكارية عبارة عن سبح ومشاهد للمشاعر المقدسة لتقديمها لأقاربي وأصدقائي كي تظل ذكرى جميلة من الأراضي المباركة.