تصاعدت أمس المواجهات العسكرية بين الجيش السوداني والمقاتلين في الجيش الجنوبي في ولايتي جنوب كردفان والنيل الأزرق وتحول إلى نزاع بين دولتي السودان وجارته الوليدة مما يهدد بعودة حرب على طول الحدود بينهما التي تمتد أكثر من ألفي كيلومتر. وقال مسؤول في حكومة ولاية جنوب كردفان ل «الحياة» أن المتمردين هاجموا صباح أمس مدينة تلودي بقوة كبيرة لكن الجيش ومقاتلي قوات الدفاع الشعبي التي تسانده تصدوا لهم وأوقعوا في صفوفهم خسائر كبيرة في الأرواح وغنموا دبابتين وأسلحة وذخائر، مؤكداً أن بين القتلى جنوبيين وأسلحة للجيش الجنوبي مما يشير الى تورط دولة الجنوب في النزاع في المنطقة. وكان الجيش صد هجوماً مماثلاً للمتمردين قبل نحو أسبوعين. وفي ولاية النيل الأزرق قال موظفون في منظمات أجنبية انسحبت من المنطقة أن الجيش السوداني يلاحق المتمردين الذين عبروا الحدود إلى الجنوب وقصف مناطق حدودية مما أدى إلى فرار السكان من المنطقة، محذرين من أن المواجهات في الولاية المتاخمة للجنوب والحدود الأثيوبية تحول إلى نزاع بين دولتين مما يهدد بعودة الحرب في حال لم يتدخل وسطاء لنزاع فتيل الأزمة. واتهم رئيس حكومة جنوب السودان سلفاكير ميادريت الجيش السوداني بقصف بطائرات عسكرية منطقة قفة في ولاية أعالي النيل الجنوبية المحاذية لولاية النيل الأزرق ما أدى إلى مقتل 7 مواطنين مشيراً إلى أن الخرطوم ظلت ترسل الميليشيات وتعمل على استفزاز الجيش الجنوبي الذي لم يرد على تلك الاستفزازات. ونقلت وكالة «رويترز» عن شاهد ان غارة جوية استهدفت مخيماً للاجئين بولاية الوحدة في جنوب السودان الخميس على بعد أقل من 50 كيلومتراً من الحدود مع السودان. ولم ترد تقارير عن سقوط ضحايا. ودانت الولاياتالمتحدة القصف الجوي الذي شنته القوات المسلحة السودانية على الحدود الدولية بين السودان وجنوب السودان، وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية مارك تونر في بيان إن «الولاياتالمتحدة الأميركية تدين بشدة القصف الجوي الذي شنته القوات المسلحة بالقرب من الحدود الدولية بين السودان وجنوب السودان»، وشدد على أن «القصف الجوي العشوائي لأهداف مدنية غير مقبول أبداً وغير مبرر». وحذر من ان «القصف الجوي الاستفزازي بالقرب من الحدود يزيد من احتمال المواجهة المباشرة بين السودان وجنوب السودان». إلى ذلك كشفت الحكومة السودانية أن التحالف الذي نشأ في أميركا للضغط عليها برز منذ انفصال الجنوب في تموز (يوليو) الماضي وفشل فكرة تفكيك نظام الرئيس عمر البشير، ووصفته بأنه وسيلة جديدة تم عبرها تكوين تحالف «كاودا» بين متمردي دارفور و «الحركة الشعبية – قطاع الشمال» كذراع داخلي لعمل خارجي. وأوضح الناطق باسم الخارجية السودانية السفير العبيد مروح أن المطالب بحظر طيران الجيش السوداني ليست جديدة، ولكنها تزداد حينما يشتد الضغط العسكري على المتمردين وليس لحماية المدنيين كما يزعم الغرب. وطالب مروح أمس، من يحرصون على حماية المدنيين بإدانة من تسبب في إشعال التمرد، والضغط عليهم لوقف النار والتخلي عن محاولات فرض الإرادة السياسية عن طريق العمل العسكري. مشيراً إلى أن جماعات الضغط الأميركية التي وصفها بالمتاجرة في حقوق الإنسان من تيارات اليمين المسيحي المتطرف والمتحالف مع جماعات «الهولوكوست» اليهودي، تنشط للضغط على الرئيس باراك أوباما مع بداية العد التنازلي للإنتخابات الأميركية. وكان تحالفاً جديداً نشأ في الولاياتالمتحدة تحت مسمى «العمل من أجل السودان» يضم 66 منظمة أميركية، طالب ادارة أوباما بفرض حظر طيران في السودان بسبب استهداف المواطنين العزل في جنوب كردفان والنيل الأزرق ودارفور ومنطقة أبيي وأية مناطق أخرى متوقعة. ودعا التحالف الرئيس اوباما إلى «اتخاذ قرارات حاسمة وعاجلة تجاه الحكومة السودانية حفاظاً على أرواح المواطنين وتحقيقاً للأمن في القرن الأفريقي وشرق أفريقيا بخاصة دولة جنوب السودان الحديثة، بجانب وضع حد لنظام الحكم». وقالت مارتينا ني المتحدثة باسم التحالف، إنَّ الأوضاع المأسوية التي يمر بها مواطنو جنوب كردفان والنيل الأزرق ودارفور وأبيي وبقية مناطق الهامش السوداني تتطلب تدخلاً عاجلاً من الإدارة الأميركية على وجه الخصوص لفرض حظر طيران جوي قبل وقوع كارثة إنسانية في تلك المناطق. من جهة أخرى طلبت ألمانيا من الخرطوم الإفراج عن اثنين من رعاياها احتجزتهما الأجهزة الأمنية السودانية في ولاية نهر النيل السبت الماضي بعد ما اتهمتهم اتهامات بجمع معلومات عن سد مروي من اجل تدويل قضية المتضررين من إنشاء السد الذين هجروا من مناطقهم. وأجرت الحكومة الألمانية اتصالات مع الخارجية السودانية لإطلاق سراح مواطنيها وهما رجل وامرأة تتهمهما الخرطوم بمحاولة تدويل ملف المتضررين من إنشاء سد مروى بالولاية الشمالية والذي أشرفت عليه شركة لاهميار الألمانية بجانب شركات صينية وفرنسية، لكن أهالي المنطقة المتضررين من إنشاء السد طالبوا الشركة بتعويضات كبيرة رغم حصولهم على تعويض من الحكومة السودانية. ووصل الألمانيان إلى الخرطوم بتأشيرات دخول سياحية غادرا إلى ولاية نهر النيل بصحبه قيادات معروفة بمعارضتها لمشروع سد مروى متهمة تلك القيادات بالانتماء إلى «الحركة الشعبية» في الشمال وأكدت ضلوع الأخيرة فى تنظيم وترتيب رحلة الألمانيين إلى مناطق المتأثرين ببناء السد.