يزعجني كثيراً أن أسمع أو أرى أو أعلم، أن هناك رجلاً ما يمارس هذا السلوك غير الحضاري وهو لا يعلم. ولا يستطيع أن يربط بين ما يقوله ورد فعل الزوجات، على رغم أن البعض يسارع ليعلن أنها غيرة نسائية تقف على ألسنة الرجال، وتمنعهم من التعبير عما يفكرون فيه، أو من إبداء رأيهم في فنانة أو مغنية أو مذيعة وغيرهن. والحقيقة التي قد لا يدركها الرجال، أن المسألة ليست مسألة غيرة نسائية، بل هي أعمق من ذلك بكثير، أولها استهتار بالزوجة التي يتعمد الزوج إسماعها هذا الكلام الجارح «عن حسن فلانة وعن جمالها الفتاك»، أو عن رغبته في الزواج منها، أو عن مقارنتها بزوجته وهو يعلم تماماً أن ما يراه هو نتاج طبيعي لعمليات عدة، من تنفيخ وتحزيم وشد ورفع ونصب وغيرها. المسألة ليست غيرة وليست حقداً، المسألة أن الزوجة عندما ترى لعاب زوجها يسيل وهو الذي عهدته رجلاً وقوراً، أو عندما تراه يتمنى الزواج، أو يقسم بالله أنه سيتزوج، أو عندما يقارن، فإن كل ما يفعله بالمرأة هو «سحب الأمان منها وإشعارها بأنها ليست المرأة الحلم، وبأنها فقط لسد الخانة»، ويفقدها الثقة في نفسها وفيه هو شخصياً، ويجعلها تتأكد أن رجل حياتها رجل ضعيف، ورجل يجب ألا تطمئن له المرأة، ورجل لا يستحق الثقة ولا الاحترام «ولا الإخلاص أحياناً»، هذه الكلمة أسمعها كثيراً كثيراً من سيدات ابتلين برجال من هذه النوعية المريضة، «التي تتلذذ بجرح مشاعر النساء» ببلادة منقطعة النظير. تذكرت كل ما سبق عندما سمعت وقرأت الخبر عن الزوج، الذي ظل لوقت طويل يمتدح لميس في مسلسل «بيني وبينك» وفي شهر رمضان المبارك، وتصاعدت المسألة عندما استمر الرجل في المقارنات، وعندما غضبت زوجته، وعلا صوتها طلبت منه تطليقها، وفعلاً طلقها وغادرت إلى بيت ذويها، بعد أن حضر أخوها لاصطحابها. التعبير عن الجمال سلوك طبيعي، فالإنسان يعبّر عما يلفت انتباهه، ولكن بأدب وبهدف، كأن يتمنى أن تلبس زوجته مثلها، أو تصبغ شعرها مثلها، أو حتى تتصرف مثلها بصورة راقية ومؤدبة، ولكن الخطأ أن يتحوّل لسلوك يهدف إلى تجريح المرأة بشكل علني، أو تتحول العملية إلى «تخفيف دم وعقل»، أو دعوة لعقد المقارنات، والندم على سوء الاختيار، والإفصاح العلني عن رغبته في أخرى، من دون ربط كل ما سبق بمشاعر امرأة، لو فعلت مرة واحدة مثل هذا الرجل، وقامت بمدح أحدهم وتمني الزواج منه ومقارنته بزوجها، لأسرع باتهامها بتهم شنيعة، لا مجال للإفصاح عنها. [email protected]