الشيخ النجيمي يستحق أن يكون نجما تلفزيونيا بامتياز فهو متحدث مميز ويملك حس فكاهة واضح والأهم من كل ذلك أنه محب للأضواء والشهرة، وقد بدا واضحا أن الشيخ النجيمي يدرك موقعه كنجم تلفزيوني عندما قال مؤخرا في مداخلة تلفزيونية شهيرة عن جمهوره وشعبيته بطريقة تشبه تماما عندما يتحدث اللاعبون والفنانون عن جماهيرهم المعجبة، وفي الواقع يحق للشيخ النجيمي أو أي أحد آخر أن يحلم بأن يكون نجما تلفزيونيا تلاحقه الجماهير وترفع لوحات مثل "النجيمي في قلوبنا" كما قال الشيخ النجيمي نفسه، ولكن الاعتراض الوحيد هو أن لا يكون ذلك من خلال الدين الذي ليس مادة ولا تجارة للنجومية والشهرة وهو أمر بات شائعا في الأعوام الأخيرة مع تزايد عدد المحطات الفضائية، هذه النجومية الدينية بات لها القدرة بشكل واضح على التأثير على الناس. الأمر الخطير في ذلك أن مثل هذه النجومية تتحول لدى الكثيرين إلى التعبير الوحيد عن الدين نفسه، أي أن ما يقوله النجم التلفزيوني الذي يتحدث عن القضايا الدينية يصبح كأنه ناطق باسم الله، وبالطبع أن هذا يحدث من خلال التأثير التلفزيوني الطاغي ومن خلال تأكيد هؤلاء النجوم على أن ما يقولونه هو بالفعل يعبر تماما عن حقيقة الدين العظيمة التي تتجاوز بجوهرها وقيمتها كل هذا البريق والمال، ولكن من المتوقع أن يتصرف النجم التلفزيوني الديني على هذا النحو التي تظهره بأن العارف والمدرك لأكبر وأصغر الحقائق والتفاصيل فيما يخص موضوعه لأن هذا ما سيجلب له الجماهير، تماما مثل الفنان الذي يعرف أن الجمهور سينصرف عنه لو تصرف أو تحدث بطريقة تعكس نقص قدراته الفنية، يقوم النجم الديني بإظهار أنه العارف والمدرك لطبيعة موضوع شهرته. المشكلة ليست في النجوم الدينيين التلفزيونيين فهؤلاء سيوجدون ما وجدت الشاشات والفضائيات، وليس فقط عندنا، بل تقريبا في غالبية الديانات هناك نجوم يكتسبون شهرة واسعة من خلال الدين، على الرغم من كل الانتقادات التي توجه لهم فإن أحدا ليس من حقه أن يمنعهم عن تحقيق رغبتهم ومراكمة ثروتهم أيضا ولكن المشكلة الحقيقية في الناس الذين فعلا ينصتون ويؤمنون بكل مايريدون لدرجة تجعله بالفعل يتخلون عن عقولهم بشكل كامل، يستخدم هؤلاء الدين لتحقيق مثل هذه السيطرة الكاملة المدفوعة الثمن ومن خلالها يسعون إلى خنق المجتمع وجعله تابع له باستمرار سواء بقصد منهم او بدون قصد، من الصحيح أن ذلك ربما يعبر عن حقيقة أفكارهم ولكن خلق مثل الجمهور التابع وانتزاع أي قدرة على التفكير والاختيار الشخصي والتأمل هي الحقيقة التي لا تنسجم تماما مع هذا المسعى، أي إذا كنت تريد جمهورا تابعا يحبك ويدفع الفلوس من أجلك فمن الغباء أن تمنحه بذور الحرية الفكرية التي قد تجعله يتمرد ويتخلى عن متابعة ما تقدمه، الأمر الذي يعني في النهاية خسارة النجم التلفزيوني نفسه مكانته وشهرته وجماهيريه، غالبية هؤلاء النجوم يمارسون مثل هذه اللعبة ويبدو واضحا من خلال مشاهدة بسيطة للبرامج التي يقدمونها فهي لا تحدث بين متحاورين بل بين نجم وأتباع. بهذه الطريقة تتحقق الشهرة ولكن بهذه الطريقة أيضا يتم خنق الحرية الفكرية والإرادة الشخصية لدى المتابع، يحدث ذلك حتى لو قام النجم التلفزيوني باستخدام مثل هذه السطوة والغرور ليهاجم ويكفر غالبية المسلمين ويفتي بهدم الحرم ومع ذلك يجد من الجمهور الترحيب حتى لو كانوا هم المعنيون بهذا المقدس والتكفير والتأثيم العلني، على سبيل المثال مداخلة الشيخ النجيمي الأخيرة مع الناشطة الكويتية عائشة الرشيد تكشف عما أقصده، فالشيخ النجم التلفزيوني أراد بكل بساطة أن يستخدم مثل هذه النجومية ليقول عن النساء الكويتيات المحترمات اللاتي حضرن المؤتمر أنهن عاصيات، هكذا ببساطة ولا يريد أحد أن يرد عليه أو يحاسبه على كلامه ويطلب منه الاعتذار على مثل هذا الكلام غير المقبول إطلاقا، من الواضح لو أن السيدة عائشة الرشيد كانت من جماهيره لطلبت منه الصفح والغفران والهداية ولكنها لم تكن كذلك، السيدة الرشيد تملك مثل هذا الحس الاستقلالي وقدا بدا واضحا أنها تعرف أسلوب هذه النجومية المحتكرة للدين الموجودة في الكويت أيضا عندما قالت في ردها المختصر "هذا بيني وبين رب العالمين". مثل هذه الإجابة التي أتت في وقتها لتكشف المشهد بشكل أوضح، رب العالمين إلهنا جميعا ولكن مع ذلك هناك من خلال الشاشات وعبر التهديد والوعيد يريد أن يجعل هذه الصلة مع رب العالمين تمر من خلاله فقط، رب العالمين الذي منحنا الحياة والإرادة يريد هو أن يسلبها، رب العالمين الذي منحنا العقل يريد أن يخنقه، رب العالمين الذي منحنا الأمل يريد أن يحتكره، رب العالمين الذي زرع الخير في داخلنا يريد هو أن يطمسه، وهو يريد أن يفعل ذلك مقابل مزيد من الجماهيرية والسيطرة والمال أيضا، بالرغم من النجومية التلفزيونية لديها القدرة والتأثير على بسط نفوذها على عقول الناس إلا أنها أيضا مع قليل من التأمل تجعلنا نكتشف بصورة أكثر وضوحا، الفرق بين جوهر الدين الأخلاقي الانساني العظيم وبين جوهر التسويق الديني الدعائي بين مايعبر عن كبار المفكرين الإسلاميين على أهمية فهم الدين كقوة دافعة للخير والتحضر وخدمة البشرية وسعادة الإنسان وبين الذين يحولونه مادة تسويقية فضائية تقدم في استديو رخيص. ليست الكويتيات ولا السعوديات عاصيات ولكن هذه هي الطريقة التي من خلالها يتم إخضاعهن وبالتالي السيطرة عليهن، إذا كان لدي مفاتيح الخير والشر فعلى الأرجح أن تكون أحد أتباعي، ولكن إذا أدركنا جميعا رجالا ونساء أن علاقتنا العميقة مع الله وكل المزايا التي منحنا لنفكر ونتدبر ونتأمل وننتج فإنه ليس بمقدور نجم تلفزيوني يبحث عن الشهرة والأضواء والدعايات أن يسرق منا هذا الأمر العظيم، الذي يعبر عن جوهر وجودنا، ولكن من الواضح أن ذلك لا يعجب هؤلاء النجوم لأنهم لن يكونوا نجوماَ إذا غادر الجمهور.