هل كان المسؤول عن مشاهدة البرامج الموسيقية في التلفزيون التونسي في حالة غيبوبة حين مرّت فقرة غنائية لمنشد ديني تبعها بدعاء للرئيس المخلوع زين العابدين بن علي، أم أنّ مرافق إدارة التلفزيون الوطني التونسي تعيش حالة غيبوبة متواصلة؟ سؤال طرح ذاته بإلحاح ليلة عيد الأضحى بعدما بثّت القناة الوطنية الأولى قبيل نشرة الأخبار الرئيسية للساعة الثامنة مساءً وصلة من الأغاني، ضمّت فقرة لفوزي بن قمرة الذي أصبح منشداً دينيّاً بعدما اشتهر في مجال الفنّ الشعبي لسنوات طويلة، قدّم خلالها أغنية تبعها بدعاء قال فيه «اللهم احفظ رئيسنا زين العابدين بن علي...». كما دعا له بالتوفيق لما فيه صالح البلاد والعباد، ما أثار جدالاً واسعاً على «فايسبوك»، حيث انتشر الخبر بسرعة تعدّ سابقة، ولعلّه من سوء حظ القناة أنّ غالبية التونسيين كانوا أمام الشاشة الوطنية كعادتهم في المناسبات الدينية. وهكذا تعددت التعليقات الساخرة والمستهجنة على شبكة التواصل الاجتماعي، إذ نعت كثيرون القناة الوطنية بأنها مازالت «قناة تونس 7» ولم تتغيّر في شيء، وذهب بعضهم الى حد اعتبار ما حدث متعمّداً، خاصة أنّ المنشد ذكر اسم الرئيس المخلوع كاملاً ودعا له في وقت يعتبر «وقت الذروة» في مشاهدة الوطنية الأولى. لكنّ الرد جاء سريعاً، بإعلان رئاسة مؤسسة التلفزة التونسية في بلاغ صدر عشية الأحد، تعيين عدنان خذر مدير برامج بالقناة الوطنية الأولى، ومحمد صميدة رئيساً لمصلحة البرمجة، ووفاء داود رئيسة لمصلحة المشاهدة ومراقبة البرامج، وصادق بوعبان مدير إدارة برامج القناة الثانية (قناة الجهات)، كما أُحيل المسؤول عن مشاهدة البرامج الموسيقية على مجلس التأديب. وأمام هذه التعيينات الجديدة ثمّة من طالب بتنحية المدير العام الحالي مختار الرصاع عن إدارة شؤون المؤسسة، معتبرين أنه لم يقدم أي إضافة أمام الأخطاء المتواصلة للمؤسسة. اياً يكن الأمر، وعلى رغم أنّ التسجيل قديم، إلاّ أنّ مجرد السهو وتمريره في ليلة العيد تحديداً، أي قبل يومين من ذكرى الانقلاب الذي نفذه الرئيس المخلوع سنة 1987 على الزعيم الراحل الحبيب بورقيبة، يعتبر خطأ مهنيّاً جسيماً، كما رأى فيه كثيرون استفزازاً لمشاعر التونسيين واستهزاء بهم وبثورتهم، فيما اعتبر آخرون أنّ التلفزيون التونسي لم يتمكّن بعد من الخلاص من بوتقة اللون البنفسجي، في إحالة للون الرسمي للمخلوع زمن حكمه، والذي ساد لأكثر من عقدين من الزمن، بل ومازال في مواطن كثيرة يتعاطى بالأساليب القديمة ذاتها، ولو أنّ القائمين عليه يحاولون تأكيد عكس ذلك وإعطاء صورة جديدة عن التلفزيون الرسمي.