يوم الجمعة هو أفضل الأيام، فيه خلق آدم وفيه أدخل الجنة وفيه أخرج منها وفيه تقوم القيامة، وهو خير يوم طلعت عليه الشمس. لكن يوم عرفة (الذي يوافق اليوم السبت) هو اليوم الذي يباهي فيه الرب ملائكته بعباده، وهو اليوم الذي يعتق الله فيه من عباده ما لا يكون في أي يومٍ آخر. وهاتان الأفضليتان جعلتا الحجاج يتساءلون ويرجعون إلى الشرعيين في الحج، أي اليومين أفضل للاجتهاد فيه في الدعاء؟ يوم الجمعة (أمس) الذي يوافق التروية، أم يوم السبت الذي يوافق يوم عرفة؟ من جهته، أكد عضو الدعوة وإمام وخطيب بمحافظة المذنب والمرشد لإحدى الحملات الشيخ طارق الشمسان أن يوم الجمعة في هذه الحالة لا يكون أفضل من يوم السبت، لأنه يوم عرفة. ونبّه على أن أهل مكة من غير الحجاج كان ينبغي عليهم أن يصلّوا الجمعة في جماعة، «لأنها لا تسقط عنهم لكونهم غير مسافرين، ولو فاتتهم فلا يصلونها قصراً، بل يصلونها أربعاً. وأما المحرمون من أهل مكة فيقصرونها ولا يجمعون»، مستدركاً: «لكن لا يحق إقامة أي جمعة إلا في جامع رسمي، أو بإذن الجهات المختصة». وحول عدم مشروعية الجمع للحجاج في منى وجمعهم في عرفات يجيب الشمسان: «النبي صلى الله عليه وسلم لم يجمع في منى، وكان جمعه في عرفة من أجل التفرغ للدعاء». من جهته، اعترض عضو مجمع الفقه الإسلامي وأستاذ الشريعة في جامعة الملك عبدالعزيز الدكتور حسن سفر على القول إن الجمعة تسقط عن أهل مكة سواء كانوا محرمين أم غير محرمين، وأكد وجوب أدائها في الجامع على غير الحجاج، وأما حجاج مكة فالأفضل لهم أداؤها. واعترض سفر على أن يكون يوم عرفة أفضل من يوم عرفة، معللاً ذلك بأن يوم الجمعة فيه ساعة استجابة عظيمة، فلا يستطيع أحد أن يعتقد أن السبت أفضل منه حتى لو كان يوم عرفة. من ناحية أخرى، قال أستاذ الفقه وأصوله في جامعة أم القرى الدكتور محمد السعيدي: «القول الصحيح هو أن جنس يوم الجمعة أفضل من جميع أيام الأسبوع، لكن يوم عرفة أفضل من جميع الأيام، لأن الله تعالى يباهي فيه بعباده ملائكته، ولأنه يوم يعتق الله فيه من رقاب عباده أكثر من غيره، ومصداق ذلك قوله صلى الله عليه وسلم: «ما من يوم أكثر من أن يعتق الله فيه عبيداً من النار من يوم عرفة». وحول ما يصنعه أهل مكة في يوم الجمعة، أكّد أن أهل منى المقيمين غير الحجاج لا تسقط عنهم الجمعة، لكن في ما يتعلق بالحجاج «سواء كانوا محرمين أم غير محرمين، فيصلون الظهر قصراً، ولا يجوز أن نفرق بين الحجيج فنجعل بعضهم يقصر وبعضهم يتم، فالأولى الجمع بين الحجاج في أعمالهم وليس التفريق بينهم».