أعلنت الحكومة السودانية أنها رفضت اقتراحاً أميركياً بتقسيم ولاية جنوب كردفان المتاخمة للجنوب بين حزبي «المؤتمر الوطني» الحاكم و «الحركة الشعبية لتحرير السودان - قطاع الشمال»، لوقف الحرب الدائرة منذ نحو خمسة أشهر، واعتبرته «غير موضوعي وبداية لتمزيق السودان». وهددت بسحق المتمردين في المنطقة. وقالت وزيرة الدولة للإعلام سناء حمد إن «واشنطن تسعى منذ فترة إلى إعادة الحياة للتفاوض السلمي والبحث عن دور يحفظ للحركة الشعبية - قطاع الشمال، وجودها في السودان»، مؤكدة ترحيب الحكومة بأن تكون الحركة جزءاً من الحياة السياسية في السودان، «شريطة إعادة توفيق أوضاعها وتسليم سلاح قواتها». بيد أنها أضافت أن الحكومة ترى أن «انخراط أشخاص معينين في الحياة السياسية باعتبار عفا الله عما سلف أمر غير وارد». ووصفت اقتراح تقسيم الولاية بأنه «غير موضوعي، إلا إذا كانت لدى واشنطن رغبة في استمرار الأزمات في السودان»، مشيرة إلى أن «أية استثناءات تمنح للحركة تمثل بداية لتمزيق البلاد». وأوضحت تقارير أن «واشنطن ولندن تمارسان ضغطاً على الحكومة السودانية والحركة الشعبية - قطاع الشمال، للتفاوض لإنهاء الحرب في ولايتي النيل الأزرق وجنوب كردفان في أديس أبابا عقب عطلة عيد الأضحى». وأشارت إلى أن أميركا اقترحت تقسيم جنوب كردفان عبر إعادة ولاية غرب كردفان التي ذوبت تطبيقاً لاتفاق السلام. ومنح الاقتراح «حزب المؤتمر الوطني» حق تنصيب حاكم لولاية غرب كردفان، على أن يمنح منصب حاكم ولاية جنوب كردفان ل «الحركة الشعبية»، إلى حين إعادة العملية الانتخابية في الولاية، واستكمال حلقات المشورة الشعبية في النيل الأزرق وإعادة الوضع إلى ما كان عليه قبل اندلاع الحرب. وتشهد جنوب كردفان الحدودية بين السودان وجنوب السودان مواجهات مسلحة منذ حزيران (يونيو) الماضي بين الجيش السوداني والمقاتلين الشماليين في الجيش الجنوبي. إلى ذلك، أكد الرئيس السوداني عمر البشير مجدداً قرب استعادة الجيش بلدة الكرمك معقل «الحركة الشعبية» في ولاية النيل الازرق، مشيراً إلى أن القوات المسلحة وقوات الدفاع الشعبي التي تساندها على مشارف البلدة «عازمة على أداء صلاة عيد الأضحى في البلدة بعد تحريرها من فلول المرتزقة». وقال أمام حشد في ضاحية أمبدة في غرب الخرطوم: «جئنا لنبني دولة نموذج قوامها الشريعة الإسلامية ولن نتراجع عن تطبيق الشريعة لأننا نهدف إلى بناء مجتمع قرآني يتمسك بأهداف ومبادئ الدين». وتتخذ قوات «الجيش الشعبي» في الشمال من الكرمك قاعدة لعملياتها ضد الجيش منذ أيلول (سبتمبر) الماضي، ما دفع البشير إلى فرض حال الطوارئ وعزل حاكم الولاية مالك عقار، وهو رئيس «الحركة الشعبية» في الشمال. وفي كادوقلي عاصمة ولاية جنوب كردفان، هدد مساعد الرئيس نافع علي نافع ب «سحق المتمردين» في الولاية. وقال أمام مؤتمر للحزب الحاكم أمس إن «القوات الحكومية ستضرب المتمردين وتستعيد جميع المناطق التي استولوا عليها منذ بدء الحرب». وسخر من المعارضة وقال إنها فشلت في تحريك الشارع مستغلة الأوضاع الاقتصادية. وأضاف: «نحن مطلعون على تقاريرهم وخططهم الداخلية فهم يقدرون اندلاع انتفاضة بعد عام لإطاحة الحكومة، لكن هيهيات. هم محبطون ولن يستطيعوا أن يفعلوا شيئاً. إنهم أضعف من ذلك». من جهة أخرى، أرجأ البشير تشكيل حكومته الجديدة إلى ما بعد عطلة عيد الأضحى بسبب تعثر محادثاته مع «الحزب الاتحادي الديموقراطي» بزعامة محمد عثمان الميرغني. وقال مستشار الرئيس مصطفى عثمان إسماعيل إن «الاتحادي» سيحدد خلال أيام موقفه، موضحاً أن «الأمر لن يأخذ من المؤتمر الوطني أكثر من 24 ساعة بمجرد أن يحسم الاتحادي موقفه». لكنه أضاف: «نحن مصرون على مشاركة الحزب الاتحادي في السلطة لأننا رفعنا شعار حكومة ذات قاعدة عريضة والأحزاب التي رفعت شعار إسقاط الحكومة تم استثناؤها وتركناها، مثل الحزب الشيوعي وحزب المؤتمر الشعبي، والتي قبلت بالعملية السلمية حاورناها». ودعا قيادة «الاتحادي» إلى «أن تختار بين أن تكون في الحكومة وان يشارك الحزب بكامل المسؤولية، أو أن تكون في المعارضة وتتحمل مسؤوليتها».