اكتشاف متأخر ذاك الذي أعلنه وكيل وزارة الشؤون الاجتماعية عبدالله اليوسف في ندوة العقوبات البديلة، حينما وصف السجون بأنها «غدت مراكز لتعليم فنون الجريمة، وليست كما تسمي نفسها منابر إصلاح وتهذيب». مسؤول في الشؤون الاجتماعية اقدر -بحكم الوظيفة- من الصحافة في الوقوف على الطبيعة لمعرفة دواخل السجون. حصل سجال، ومن الطبيعي أن يدافع مستشار وزير الداخلية ساعد الحارثي عن السجون أو الإصلاحيات، لكن هناك معاناة أخرى للسجناء وهم يقضون أحكامهم، تساهم في التقليل من قيمة أو اثر الجانب الإصلاحي في السجون، ولا يتم الحديث عنها في الصحف، يبرز منها أمامي قضية تحتاج لفحص وتدقيق، فحص يستهدف الإصلاح لتحسين والتقليل من خصوبة بيئة «تعليم فنون الجريمة»، بحسب وصف الوكيل اليوسف. التعامل مع السجين في ما يحتاج داخل السجن من أنواع التموين إلى بطاقات الاتصال وغيرها، تلك الاحتياجات التي يضطر إلى شرائها سواء في توافرها أو ارتفاع أسعارها مقارنة بما هو الحال خارج السجن، هذه الجزئية - التي تبدو بسيطة للوهلة الأولى - تساهم في دفع السجناء لأحضان فنون تعلم الجريمة أكثر فأكثر وتزيد من مستوى السخط والاحتقان، المطلوب فحص هذا حتى تكون السجون إصلاحيات... اسماً على مسمى. في المقابل نسأل وكيل الشؤون الاجتماعية... ماذا عن دور الأحداث، هل تنساب في دهاليزها التجارب من حدث إلى آخر؟ وهل واقعها يسهم في إصلاح نزلائها وهم على مفترق طرق، فإما أن يصبحوا من المترددين عليها، ليصدروا مستقبلاً إلى الإصلاحيات أو يعودوا إلى جادة الصواب؟ واقع السجون خاصة الاكتضاض بالنزلاء هو -في تقديري-، المحفز، أي ما دفع للتجاوب مع أفكار العقوبات البديلة، والصحافة كانت السباقة للمطالبة وقوبلت على مدى فترة طويلة بالصمت، وحينما بدأ بعض القضاة في الأخذ بالعقوبات البديلة ساهمت الصحافة في الإشادة والتقدير بمبادراتهم، وإذا كان «الإسناد القضائي» في وزارة العدل يصف الإعلام «بالمسعور» كما طالعت في صحيفة «الوطن»، فهي إشارة جديدة تقول إن العدل «الوزارة» انتهت من «استخدام» الإعلام في الكشف عن أوضاع القضاء والمحاكم في مرحلة سابقة كان النقد والنشر مطلوباً ومرغوباً «بحكم طبيعة المرحلة»، لتبدأ في مرحلة جديدة مع الإعلام... «المسعور». www.asuwayed.com twitter | @asuwayed