عبّر الموفد الدولي في نزاع الصحراء كريستوفر روس عن تفاؤله إزاء إحراز التقدم في مساعي استئناف المفاوضات. وقال لدى وصوله إلى الرباط أمس آتياً من نواكشوط «أنا دائماً متفائل»، وامتنع عن إضافة أي جديد لهذا الشعور الذي عبّر عنه منذ بدء جولته إلى المنطقة من الجزائر، ثم مخيمات تندوف فموريتانيا. وتوقف مراقبون أمام دلالة اختياره الرباط محطة أخيرة في جولته إلى منطقة شمال أفريقيا، بعدما كان بدأ زيارته الأولى من الرباط، ما يرسخ الاعتقاد في انه سيضع اللمسات الأخيرة على أجندة «المفاوضات المصغّرة غير الرسمية» بين الأطراف المعنية في ضوء نتائج الزيارة لمحطته الأخيرة، خصوصاً أن هذا الإطار الذي اقترحه روس وحظي بدعم الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون في إمكانه أن يستوعب «التعبير عن مواقف الأطراف كافة» قبل الذهاب إلى جولة خامسة من المفاوضات الرسمية (بعد جولات أربع سابقة في مانهاست في نيويورك). وفُهم إصرار الموفد الدولي على زيارة موريتانيا في جولته الراهنة بعدما كان استثناها من جولته الاستكشافية الأولى، على رغم الأوضاع الداخلية التي تجتازها نواكشوط، على أنه مؤشر إلى اهتمام الأممالمتحدة باستقرار موريتانيا وتجاوزها أزمة الصراع الداخلي على السلطة، ومن جهة ثانية تأكيد دور البلدان الإقليمية، خصوصاً الجزائر وموريتانيا، وبدرجة موازية إسبانيا وفرنسا، في المساعدة على تقريب وجهات نظر الأطراف المعنية، وتعبيد الطريق أمام انتشال منطقة شمال أفريقيا مما يحيط بها من مخاطر أمنية وصراعات. ولفتت المصادر إلى أن الرباط لم تتدخل في الأزمة الموريتانية، على رغم انها تنظر الى استقرارها كجزء من استقرار المنطقة برمتها، بسبب الحساسيات التي يطرحها ملف الصحراء، إلا أن شخصيات موريتانية في الموالاة والمعارضة عبّرت عن دعمها جهود الأممالمتحدة لتسوية نزاع الصحراء والتزام الحياد للإفساح في المجال أمام بلورة الحل السياسي المقترح. وشكّلت الوساطة التي قادها الرئيس السنغالي عبدالله واد إلى جانب منظمة المؤتمر الإسلامي والاتحاد الأفريقي وأطراف دولية تطوراً نوعياً لناحية إبعاد الأزمة الموريتانية عن انجذابات وتأثيرات الوضع الإقليمي، خصوصاً الخلافات المعلنة بين المغرب والجزائر إزاء قضايا عدة، ليس أقلها محاولة استمالة الموقف الموريتاني إلى هذا الطرف أو ذاك. ورأت مصادر ديبلوماسية إنه لم يكن في وسع كريستوفر روس هذه المرة استثناء نواكشوط من جولته، خصوصاً أن ما يهمه يكاد ينحصر في تأمين انطلاقة جيدة للجولة المقبلة من مفاوضات الصحراء، من دون استثناء أي طرف مؤثر بطريقة مباشرة أو غير مباشرة، وربما كان الفارق بين جولتيه الأولى والثانية ان الجزائر كانت على موعد مع انتخابات الرئاسة وان موريتانيا كانت منشغلة بأوضاعها الداخلية، وتبدو الطريق سالكة الآن أمام تحريك المساعي، وإن بقدر ضئيل من الآمال، ما لم يتم الاتفاق على الدخول في مفاوضات جوهرية خلال الجولة الخامسة من المفاوضات. غير أن الموفد روس من خلال انفتاحه على سماع وجهات نظر كافة المسؤولين الرسميين والشعبيين، يرغب في أن تحظى دعوته إلى مفاوضات مصغرة غير رسمية بدعم أكبر جهة للانتقال إلى مرحلة جديدة.