في أول نقطة على شريط كورنيش جدة يقع «مسجد» ارتبط اسمه بحكايات وطقوس الحجاج القادمين لزيارته من آسيا باعتباره المحطة الأولى قبل توجههم لأداء المناسك في مكةالمكرمة. وبالرغم من تغيير اسمه إلى مسجد «الرحمة» بدلاً من «فاطمة الزهراء» في السابق إلا أن تغيير الإسم لم يكن ليمنع هؤلاء الحجاج من مواصلة زيارته كإجراء اعتادوا عليه وتناقلوا الأحاديث والقصص عن «بركته» في ما بينهم، ولما يميز موقعه على ضفاف بحر العروس كما يقول بعض الحجاج. وتعود قصة المسجد لأعوام ماضية منذ أن شيد بواسطة رجل أعمال سعودي وأطلق عليه اسم «فاطمة الزهراء». ومالبث أن تحول إلى «مزار» دائم ومعتقد خاطىء لدى مجموعة كبيرة من الحجاج حتى تم تغيير اسمه درءاً للفتنة . للمناسبة الدينية عند القادمين للسعودية، عادات وطقوس تختلف من دولة لأخرى ويبدو أن الكثير من هؤلاء الحجاج يتعرضون للاستغلال من أجل دفع مبالغ إضافية لمكاتب الحج في بلدانهم ولا يملك الحاج إلا أن ينقاد وراءها أملاً في أن تطأ قدماه الأراضي المقدسة ويؤدي مناسكه بيسر وسهولة وأن لايتعرض لأي عائق في بلده يحول دون تأدية النسك. وبقدر أعداد القادمين لأداء الحج تنتشر الأسطورة والحكاية التاريخية لتكون شاهداً على فصول الرواية وتناقل المعلومة التي كان مسرحها الأول المدينة الساحلية ذات التاريخ التليد الممتد لقرون فبدءاً بمقبرة «حواء» مروراً ب«سفينة نوح» وصولاً إلى «الدراجه الهوائية» المنسوبة لأبينا آدم عليه السلام تظل معالم جدة الدينية وغيرها مزاراً مهماً للحجاج من مختلف دول العالم وخصوصاً قارة آسيا إذ مافتئت أعداد كبيرة من القادمين لأداء الفريضة التوقف لزيارة تلك الميادين وغيرها في صورة لايمكن وصفها إلا بالمغلوطة التي أسهمت فيها مجموعات استغلت هؤلاء وروجت الأكذوبة طمعاً في كسب المال وبالرغم من جهود محاربة تلك المعتقدات الخاطئة وقيام العديد من الدول بإعداد القادمين للحج إعداداً سليماً وتهيئتهم ومدهم بمعلومات الحج الصحيحة وعن صفة النسك إلا أن تلك الفئات مازالت تعيش حالة من الارتهان لما يمكن تسميته ب «الأسطورة» فلم تكن مقبرة السيدة حواء يوماً حاضنة لضريحها كما تشير العديد من المراجع الدينية والموسوعات ولم يثبت ذلك حتى يومنا هذا ومن غير المنطق أن يكون ميدان السفينة غرب مدينة جدة هو رصيف سفينة سيدنا نوح كما يردد بعض حجاج آسيا وأفريقيا ، وليس بأدهى وأمر من أن يعتقد البعض أن الميدان الأشهر في جدة ذا الدراجة الهوائية الأكبر في العالم ماهو إلا مكان استقرت فيه « دراجة أبينا آدم عليه السلام» ويحمل استاذ الدراسات الشرعية الدكتور حسن محمد سفر المسؤولية لوجود معتقدات خاطئة وكارثية كما وصفها لمكاتب تنظيم الحجاج الساعية للربحية داخل تلك الدول مقابل الإيقاع بهؤلاء في فخ الاحتيال ولضعف الأنظمة الرقابية فيها إلى جانب نقص التوعية الدينية بمناسك الحج وبالتالي يحظى طالب الفريضة ببرنامج وافر بين تأدية الفريضة والسياحة على حد قوله. ويشير سفر إلى أن هذه «المكاتب» تعمل على إغراء الحجاج من خلال الترويج للأكاذيب والخرافات، ويضيف المشرف الأسبق على مكتب وزير الحج أن المسؤولية الدينية والأخلاقية تحتم على شركات الحج الراعية للبعثات وضع برامج لاتؤدي إلى غير الأغراض التي قدم الحاج من أجلها والمنحصرة في تأدية المناسك والعبادة وليس الرحلات السياحية وزيارة المواقع التي قد تثير الشبهات، ويؤكد في حديثه قائلاً: الحاج في أدبيات الحج يأتي إلى مكةوالمدينة وماعداها زيادة غير مستحبة.