ذهبت في نهاية الأسبوع للمشاركة في ملتقى لطلاب الإعلام العرب وطالباته في كلية الدراسات الشرقية والافريقية في جامعة لندن كواجب، وخرجت منه وأنا سعيد بأنني لم أفوّت على نفسي فرصة لقاء جيل صاعد من العرب يتعامل مع الميديا الجديدة وتكنولوجيا العصر كأنه ابن بجدتها (والكلمتان الأخيرتان من القاموس اخترتهما لتحدي معرفة الشباب والصبايا بمعرفتي). الملتقى نظمه نادي الإعلاميين السعوديين في بريطانيا، ودعتني طالبة الدكتوراه نجاة السعيد الى المشاركة، فترددت بين قبول ورفض، خشية أن يحل الموعد وأجد نفسي مسافراً كالعادة. إلا أنني في طريق العودة من الرياض بعد التعزية في وفاة ولي العهد الأمير سلطان بن عبدالعزيز، رحمه الله، وجدت معي في الطائرة الأمير بدر بن سعود، رئيس النادي، وهو أصر على أنني قبلت الدعوة. لم أجد نفسي مع ممثلين للصحافة التقليدية، من ورقية وغيرها، أي ناس مثلي، وإنما وجدت شباناً وصبايا من السعودية ومصر وبلدان عربية أخرى يدرسون الميديا الجديدة، أو هم من العاملين فيها وخبرائها، وأعتقد أنني استفدت أكثر مما أفدت، كما عادت لي بعض الثقة بمستقبل الأمة النائمة على أمجاد الماضي. لا أستطيع في مثل هذه العجالة التي تُقرأ في دقائق أن أنصف الجميع وإنما أختصر، مختاراً نماذج من جهد يوم كامل بدأ في الحادية عشرة صباحاً وانتهى بعد التاسعة ليلاً. - الطالبة السعودية بيمه الملحم كان موضوعها «الشباب السعودي وجدلية النقد الثقافي والوعي السياسي من خلال الإعلام الجديد» وهي راجعت أسباب خلو السعودية من مشاكل الدول العربية الأخرى، وهل الشباب السعودي الحالي أداة انتكاسة اجتماعية، ووضعه بين التأثر والتأثير. - الباحث أنس جمعة من الجزائر راجع سمات الصحافة الالكترونية من نفقات محدودة وقدرة على تجاوز الحدود وتفاعل المتعاملين معها. وهو أشار الى ضعف قدرات العاملين، وخطر أن تتحول هذه الصحافة الى مصدر للشائعات وفبركة الأخبار. - الدكتورة مروة عجيزة من مصر تحدثت عن استخدام التقنيات الالكترونية في تدريس مقررات الإعلام وأثره في جودة الخدمة التعليمية. ووجدتُ أن عندي فكرة عن الموضوع من متابعتي جهد الدكتورة غنوة جلول وفريقها في لبنان لمحو الأمية عن طريق استخدام الكومبيوتر في تعليم القراءة والكتابة. - الصحافية والمحاضرة الجزائرية فطيمة بوهاني كان موضوعها الإعلام الرياضي في الجزائر ودوره في التنمية الإجتماعية المستدامة. واخترت ألا أعلّق على بحثها، فهي خبيرة، ثم ان تجربتي مع الكرة الجزائرية هي وجودي في القاهرة يوم «ماتش الكورة» المشهور الذي كاد يقطع العلاقات بين بلدين عربيين كبيرين وحليفين. - الصحافية والمحاضرة حنان الجندي من مصر فاجأتني بحديث عن محرر شكاوى القراء، أو ombudsman، في الصحف الغربية، وهي قابلت مسؤولين عن هذا العمل في «واشنطن بوست» و «الغارديان». وكنت في 24 من الشهر الماضي كتبت عن الموضوع بعد أن قرأت في «نيويورك تايمز» مقالاً كتبه آرثر بريسبين أو «محرر الجمهور»، كما تسميه الصحيفة، بعد أن ثارت ضجة حول مراسل الجريدة في اسرائيل ايثان برونر لتقاضيه أجراً عن إلقاء محاضرات، ما اعتُبِرَ نوعاً من تضارب المصالح. ووعدت الزميلة حنان بأن أعطيها ما عندي من مادة عن الموضوع لتستكمل بحثها. - الصحافية والأكاديمية الفلسطينية سوسن طه تحدثت عن الفضائيات العربية ودورها في النزاعات السياسية الداخلية. وطبعاً، فمثل هذا الموضوع يعني التركيز على «الجزيرة»، وقد أيّدتها في ليبيا، وعارضتها بين الفلسطينيين، فالموقف عادة ذاتي يعكس ميول صاحبه. - الأكاديمي سعيد العمودي اختار موضوعاً «استخدام العلامات البصرية كبديل للمعلومات»، وفهمت شرحه مفهوم العلامات بناء على السياق، ما يعني أن غالبية الناس ستفهمه. كنت ضمن مجموعة من الضيوف اختارها منظمو المنتدى للتعليق على الدراسات والأبحاث المقدمة وجلست مع الدكاترة: علي جابر وسعود كاتب وطارق صبري والزميلة مها عقيل من منظمة التعاون الإسلامي. ولعلنا نجحنا في مناقشة المواضيع المطروحة والتعليق عليها بما يفيد. وأدار الجلسة الأخيرة الأمير بدر بن سعود، رئيس النادي، وكانت عبارة عن حلقة نقاش بين الأكاديميين والمعنيين الإعلاميين عن الثورات العربية والإعلام الجديد. وأعتقد أن المبادلات كانت مفيدة للجميع، والأمير أعطى الجميع فرصة، ما جعل الجلسة تتجاوز الموعد المحدد لها. وخرجت من الملتقى بثلاثة كتب سأصر على قراءتها، واحد من الدكتور سعود كاتب عنوانه «هل الصحافة المطبوعة في طريقها الى الانقراض»، والآخر من الأخ عادل خميس الزهراني عنوانه «بين إثمي... وارتكابك...»، وهو نصوص شعرية، والثالث عنوانه «ربى البيلسان» من الطالبة سامية الشولي، التي وجدتها فخورة بهويتها السعودية وأصلها الفلسطيني. وهي اختارت أن تخاطبني بكلمة «عمّو»، وأفتخر أن يكون لي بنت أخ مثلها. [email protected]