شدد وزير العدل الدكتور محمد العيسى خلال لقائه طلاباً مبتعثين في الولاياتالمتحدة الأميركية على «أهمية الحذر من الأفكار الوافدة على فكرنا الإسلامي المعتدل أياً كانت توجهاتها وفلسفاتها»، لكنه أكد في الوقت ذاته أن «الله لا يكره أحداً في الدين» وكشف عن سعي لإيجاد وسائل شرعية بديلة لفض المنازعات قدر الإمكان بما يحفظ الود والوئام. ونصح العيسى المبتعثين الذين التقاهم في مقر الملحقية الثقافية في واشنطن أول من أمس بحضور سفير خادم الحرمين الشريفين لدى الولاياتالمتحدة الأميركية الدكتور عادل الجبير، والملحق الثقافي محمد العيسى، بالتمسك بدينهم وقيمه الوسطية المعتدلة، واحترام قوانين مقر إقامتهم، وحسن التعامل مع غيرهم، والاهتمام بشؤون دراستهم والبعد عن أي تصرف أو اهتمام آخر من شأنه التأثير في الهدف الذي ابتعثوا من أجله أو الإساءة إليهم أو لدينهم ووطنهم. وقال: «الثقة بكم كبيرة، وعلى كل منكم مسؤولية وطنية تنتظركم، ويجب أن تكونوا فيها على مستوى الآمال والتطلعات، وعليكم بذل الجهد ومواصلة الاهتمام لتحقيق النجاح التام في مهمتكم، لتسهموا في تنمية وتطوير وطنكم الذي منحكم هذه الفرصة وتعاهدكم منذ البداية في محاضن التربية والتعليم التي نشأتم عليها». ودعا وزير العدل الطلبة إلى أن يكونوا سفراء خير، وأن يعكسوا الصورة الإيجابية لدينهم ووطنهم وأنفسهم، وأن يترجموا بمسلكهم السوي قيم مجتمعهم السعودي في احترام الأنظمة والبعد عن التصرفات السلبية، مشيراً إلى أن ابن الوطن الواعي يتسامى على التصرفات والشعارات التي تخرج به عن منهجه المعتدل وفكره المستنير. وأضاف أن أخطر إساءة يمكن أن يُمنى بها الوطن هو اختراق شبابه ومعقد آماله، مؤكداً أن الجميع على ثقة تامة بأن هذه الذخيرة الوطنية المتمثلة في شبابه المتسلح بسلاح العقيدة والعلم على مستوى عال من اليقظة والفطنة التي يستطيع بها تفويت الفرصة على محاولات الميل بهم عن المسار الصحيح. ونبه وزير العدل إلى «أهمية الحذر من الأفكار الوافدة على فكرنا الإسلامي المعتدل أياً كانت توجهاتها وفلسفاتها»، وتابع: «هذه الأفكار لم تكن يوماً من الأيام أداة لإرادة الخير بل مصدر سوء ومعول هدم تموه بشعاراتها المضللة، محاولة تجاوز أسوار الوطن العالية لكنها لا تتعظ بغيرها ولا بنفسها وهو ما لا يفسر إلا بعزمها على استمرارها في محاولاتها اليائسة». وذكر العيسى خلال مناقشة الطلبة المبتعثين، أن لكل بلد منهجه وفلسفته، وما يناسب البعض قد لا يُناسب البعض الآخر، وما يناسب حالاً قد لا يناسب مآلاً والعكس صحيح، ولا يوجد منهج أو فلسفة معينة يتفق عليها الجميع، وأن الاختلاف بين الناس سنة كونية لا جدل فيها، وأن الله تعالى لم يُكْره الناس في الدين، فضلاً عن غيره. وقال وزير العدل: «لا ينقص بعضنا سوى الوعي وتقدير أبعاد الأمور، وقراءتها من كل وجه، فالقضايا العادلة كثيراً ما تخسر بفعل ضعف أدوات الدفاع عنها، أو بسبب ما تترجمه تصرفات المحسوبين عليها». واستعرض جهود وزارة العدل في مجال العمل الاجتماعي من خلال مكاتب الصلح واستحداث إدارة متخصصة بالخدمة الاجتماعية يقوم عليها أكاديميون متخصصون بالتوجيه والإرشاد الأسري، إضافة إلى تنظيم عدد من الملتقيات العلمية في هذا المجال، مشيراً إلى أن الوزارة تسعى لإقامة ملتقى عن القضايا الأسرية يناقش قضايا النفقة والحضانة والطلاق والعنف الأسري، وذلك في إطار المراحل العلمية لمشروع خادم الحرمين الشريفين لتطوير مرفق القضاء. وأوضح أن وزارة العدل تسعى لإيجاد وسائل شرعية بديلة لفض المنازعات قدر الإمكان بما يحفظ الود والوئام، لافتاً إلى أن القضاء يعالج آثار المشكلة لكن ليس من جذورها، في حين أن بدائل التقاضي المتعلقة بالمصالحة والتوافق تعالج الأمرين على سبيل المثال، فضلاً عن أهمية التحكيم ودوره الفاعل في إنهاء المنازعات عن طريق الإرادة الحرة في اختيار المحكمين، وبما يحفظ سرية العلاقة بين أطراف القضية وعن سرعة البت فيها من خلال هذا البديل الشرعي. وأعرب العيسى عن أمله بأن تستفيد وزارة العدل من كفاءة طلبتها المبتعثين في المجال الحقوقي والاجتماعي والتجاري والإداري وقال: «الوزارة أقدمت على خطوات حثيثة من أهمها القفزات النوعية في المجال التقني والتوعوي وإعادة هندسة الإجراءات واقتراح المشاريع العدلية، وانتهينا من إعداد الكثير من البرامج والخطط، وبعضها في انتظار اعتماد التوقيع الإلكتروني من الجهة المتخصصة».