لا يزال المقربون من الأمير سلطان بن عبدالعزيز يروون جوانب من إحسانه وإكرامه للآخرين في الداخل والخارج. ومن بين الصفحات المضيئة التي لم تُروَ محلياً، تلك المواقف التي كان الراحل رسمها بإنسانيته في المملكة المغربية التي لقي أهلها منه كثيراً من البر، مثلما تلقى منهم هو الآخر مشاعر المودة والمحبة، في حياته وبعد مماته. وفي مناسبة أقامتها سفارة المملكة في الرباط، استقبلت البعثة السعودية حشوداً من المغاربة لتقديم العزاء، وسط حضور سعودي كبير. غير أن أكثر الحضور صلة بالأمير سلطان بحكم علاقة العمل كان الملحق العسكري اللواء علي الدحيم، الذي روى في مناسبة تأبين الفقيد مواقف عدة. ويقول: «المواقف الإنسانية للراحل - يرحمه الله - كانت كثيرة، فذات يوم وقبل خمس سنوات وهو يرقد على السرير الأبيض في أحد مستشفيات جدة صادف أن الأمير يتابع التلفزيون المغربي، فرأى جموع المرضى المغاربة واقفين في الطابور أمام عيادة غسيل الكلى، فسقطت إحدى المريضات من النساء وماتت، فأثر هذا الموقف في نفس الراحل فاتصل بي شخصياً قائلاً: يا ولدي، اذهب لهذا المستشفى العيادة وتأكد من إمكاناتها في تلبية حاجات المرضى، وتأكد هل بالفعل المريضة سقطت وماتت، فذهبت إلى المستشفى بمدينة قلعة السراغنة التي تبعد عن الرباط أكثر من 300 كيلومتر، فوجدت أن المركز الصحي متواضع جداً، وبالفعل سقطت المرأة التي كانت تنتظر لغسيل كليتها وماتت، فأخبرته - رحمه الله - بتفاصيل زيارتي، فأمر بمليون درهم لتجهيز آلات غسيل الكلى في المركز». وأضاف اللواء الدحيم: «كان - رحمه الله - محباً للخير وهو على سرير المرض، فقبل ثلاثة أسابيع من وفاته، وجّه بإهداء اثنين من المستشفيات الميدانية المتنقلة الخاصة به، وجّه بإهدائها للجيش المغربي، وهنا تكمن محبته لفعل الخيرات على رغم ظروفه الصحية، وتقديره لأشقائه من العرب والمسلمين». وتابع الملحق العسكري في الرباط اللواء علي الدحيم: «كان يجد المتعة واللذة في بناء المساجد ومدارس تحفيظ القرآن الكريم، فقام ببناء مسجد في حي أنزا في ولاية أغادير يتسع لسبعة آلاف مصلٍّ وبجواره مدرسة لتحفيظ القرآن، كما قام ببناء جامع بمدينة الراشدية، وكذلك وجَّه بتكملة بناء مسجد كبير بمدينة أغادير فضلاً عن دعمه السخي لبناء مستشفيات تعتني بمرضى الفشل الكلوي ومستشفيات طب العيون». كما أفاد الدحيم بأن الأمير سلطان قبل سنوات عدة قام باستقبال الجالية السعودية في الرباط، وفي معرض سؤاله للاطمئنان على أحوالهم وأحوال أبنائهم اشتكى له أولياء الأمور الصعوبة التي يواجهونها في تعليم أبنائهم، إذ لا توجد مدارس سعودية بالمغرب، فوجَّه - رحمه الله - في الحال بإنشاء مدارس سعودية لأبناء السعوديين في المغرب، وتكفّل بدعمها مالياً ومعنوياً، كما تكفل بدفع رواتب المدرسين، وهاهي المدارس السعودية اليوم منارة علمية شامخة في مدينة الرباط.