لعل من البديهي القول إن ال «إتيكيت» هي مجموعة القواعد والأخلاقيات التي تملي نمطاً معيّناً على سلوك الفرد في مجتمع ما، كي تصبح صورته لائقة ومتحضرة، كما لا تسبّب ضرراً له ولا للمتعاملين معه. وغالباً ما تكون ال «إتيكيت» غير مكتوبة، بل تتكوّن من مجموعة من سلوكيات متعارف عليها، تسعى بعض الكتب إلى تسجيلها كأعراف. وغالباً ما تكون ال «إتيكيت» انعكاساً لسلوك مجتمع بعينه وتقاليده. ومن الممكن أن تتغير وتتطور وتتبدّل مثل الموضة. وكذلك تغربلها المجتمعات، فتُخرج منها ما تفيد الخبرة المجتمعية أنها غير مفيدة أو فاقدة الدلالة، أو لم تعد صالحة للعصر. فمثلاً لم يكن من الإتيكيت قبلاً أن يجلس الابن مسترخياً عندما يتكلم مع والده، بينما أصبح هذا الأمر مقبولاً حاضراً. وتوجد هناك بعض الاختلافات الطفيفة بين المجتمعات في بعض هذه القواعد، منها ما يتعلق بأمور بسيطة قد تبدو أحياناً مضرة، كما تتخذ مدلولاً مختلفاً في مجتمعات متنوّعة. بروتوكولات لمجتمع الإنترنت بديهي القول بأن مستخدمي الإنترنت يشكلون مجتمعاً كبيراً يضم مئات ملايين البشر. ويأتي هذا الجمهور من جنسيات وبلاد وثقافات كثيرة تتفاوت قواعد ال «إتيكيت» اجتماعياً فيها. وعلى نحو لربما لم يكن متوقّعاً من قبل كثيرين، تشكّلت لمجتمع الإنترنت الافتراضي قواعد وأخلاقيات وآداب عامة، ولو بصورة نسبية. لا تتعلّق هذه القواعد بتقنيات استخدام الإنترنت. إنّها قواعد أخلاقية توجيهية وتوعوية، مهمتها ضبط العلاقات والسلوكيات عبر الإنترنت. كما تلعب دوراً في التوازن بين الثقافات الشديدة التنوّع في الفضاء الافتراضي. ويفترض أن هدفها الأساسي هو تجنب الوقوع في الأخطاء والمآزق والمشاكل التي قد يكون من الصعب التراجع عنها واتقاء تبعاتها. يُطلق على «إتيكيت» الإنترنت مصطلح اسم «نتيكيت» netiquette. ومن الواضح أنه مزيج من كلمتي «نت»، تعني «شبكة»، و»إتيكيت». وقسم خبراء ال «نتيكيت» هذه القواعد إلى أنواع، إذ يتصل بعضها باستخدام غرف الدردشة، وأخرى بالتعليقات الإلكترونية على المواقع المختلفة وثالثة بالبريد الإلكتروني وغيرها. وأكثر ما شدّد عيه خبراء ال «نتيكيت» هو ضرورة التعامل بلياقة واحترام في غرف الدردشة الإلكترونية، تماماً مثلما يفعل المرء في غرف بيته. ونصحوا بضرورة أن يأخذ المرء في الاعتبار، مشاعر وأحاسيس من يشاركونه في هذه الغرف، وألا يبقى أسير فكرة أنه يتحدث مع جهاز كومبيوتر. وأوصوا باللجوء إلى معونة أيقونات التعبير عن المشاعر «إيموشن أيكونز» Emotion Icons، عند الدردشة، لأنها تساعد المرء في توضيح مقصده، وتبيان إذا ما كان جاداً أو ممازحاً. وأوضحوا أنه عندما يتكلم الإنسان مع شخص آخر وجهاً لوجه، فإنه يرى تعبيرات وجهه وحركة جسمه، كما يسمع نبرة صوته، فيعرف إن كان جاداً أو مازحاً. وتنهض ال «إيموشن أيكونز» بهذا الدور. في هذا الإطار، صاغ هؤلاء الخبراء توصيات شتى. إذ عليك مراعاة واقع أن من يشاركونك يأتون من أعمار وجنسيات وثقافات وأديان مختلفة، فتجنب الإساءة إلى أي أحد. وتجنّب أيضاً تقديم معلومات شخصية دقيقة عن نفسك أو أسرتك. ويستحسن أن تختار لنفسك اسماً مستعاراً يحمل صفات إيجابية، ما يساعدك في تكوين صورة ذهنية إيجابية عنك لدى مشاركين ربما لن يروك بعيونهم أبداً. وتذكر دائماً أنك تحاور أناساً مجهولين لا تعرف غاياتهم، فلا تكن عرضة لخداعهم وغدرهم، بل كن حريصاً وحذراً، ولا تفترض حسن النيّة عند الغير بصورة مجانية، ولا العكس أيضاً. وابتعد عمن تشعر أنه غير مريح بالنسبة إليك. اختر غرفة الدردشة في المواقع المعروفة المحترمة التي تطبق نظام الإشراف الدائم، لأن ذلك يخفف عنك عبء المشاكل والمضايقات التي قد تحدث في مواقع الدردشة التي تسير بلا رقابة أو إشراف. ومن الأفضل المشاركة مع أصدقائك في غرف الدردشة التي لا تسمح بدخول أي شخص طارئ، إلا بموافقة أطراف الحوار كافة. إذا لم تتمكن من ردع محاولات أحد المشاركين في مضايقتك في غرف الدردشة، عليك الاتصال بمسؤول الموقع، حتى يتخذ إجراء مناسباً كأن يطرده من غرفة الدردشة أو يعطيه إنذاراً. ويجب أيضاً عدم الإكثار من استخدام كاميرا «الويب» عند الدردشة مع أشخاص غرباء. بل ينصح بعدم استخدام هذه الكاميرا إلا مع الأصدقاء والأقارب. ويفضّل عدم إرسال ملفات إلى آخرين باستخدام غرف الدردشة، لأنها ليست مناسبة لهذه العملية، ما قد يؤدي لإطلاع آخرين عليها. واحذر الانسحاب من غرفة الدردشة من دون استئذان، فهذا ليس من ال «نيتيكيت». لا تكتب «إلكترونياتك» بغضب ما هي قواعد ال «نتيكيت» في ما يتعلّق بالبريد الإلكتروني؟ ثمة مجموعة من القواعد البسيطة والفعّالة. افتح بريدك الإلكتروني بانتظام وردّ على الرسائل التي تتطلب الرد عليها بصورة فورية، كي لا تتأخر ردودك وتفقد فعاليتها. امسح الرسائل التي لا حاجة لك بها. في المقابل، لا تتسرع بإرسال أي رسالة وأنت غاضب. تذكّر أنه بمجرد أن تضغط على زر «إرسال»، فإنك لن تستطيع التراجع. احرص على كتابة عنوان موضوع رسالتك في خانة «الموضوع» subject في شكل واضح ومباشر ومختصر حتى توضح للمرسل إليه مضمون الرسالة قبل فتحها، وحتى يدرك أهميتها. إذ أنه كثيراً ما يقرر المرء قراءة رسالة في بريده الإلكتروني أو إهمالها، بناء على العنوان. لاحظ أن عدم الالتزام بكتابة الموضوع، قد يدفع المرسل إليه إلى إلغاء الرسالة، ربما من دون إلقاء نظرة على مضمونها. تجنّب استخدام الحروف الكبيرة أكثر من اللازم، لأنها تعني كما لو كنت تصرخ في وجه من تراسله. لا ترسل ملفات ضخمة لأي شخص قبل أن تستأذنه، فربما يكون غير مهتم بها، أو ربما يكون بريده في وضع لا يسمح له بتلقيها. تذكر أيضاً عند إرسال رسالة إلى مجموعة من الناس، أن تضع عناوينهم أمام خانة «المرسل إليهم بشكل غفل» BBC وليس في خانة «إلى» TO أو «نسخة كربونية» Cc. تذكّر أن خانة «إلى» To مخصّصة لعنوانك. وبهذه الطريقة يتم إخفاء عناوين المرسل إليهم، وبالتالي حماية خصوصياتهم، حتى لا تصبح عناوينهم في متناول بقية المرسل إليهم والذين قد يغرقون بريدهم برسائل مزعجة. لا تعطِ عناوين بريد أصدقائك لأي أحد أو تسجلها في مواقع قد تطلب تسجيل عناوين أصدقائك. هناك مواقع قد تبيع قوائم العناوين البريدية لشركات الإعلان، ما يعني إمكان أن يغرق بريد أصدقائك، وكذلك بريدك، برسائل متطّفلة «سبام» Spam. من المهم أيضاً تجنب عملية القص واللصق من محتوى أي موقع وإرساله عبر البريد الإلكتروني كأنك أنت من كتبه، بل يتوجب عليك كتابة المصدر ووضع رابط الموقع أسفل الموضوع. ويُفضل أن تضع رابطاً إلكترونياً في رسالتك عن المحتوى الذي تريد الإشارة إليه. أما في ما يخص التعليقات، فتذكر أن ما تكتبه يظل مسجلاً لفترة طويلة. ويقرأه كثيرون. ويفرض ذلك التأني في الكتابة، مع التنبّه دوماً إلى الاختصار. وعند استخدام اللغة العربية، اكتب بالفصحى عندما تريد أن تبعث برسائل إلى أشخاص لا يجيدون لهجتك العامية.