تفاقم استياء دول الاتحاد الأوروبي العشر غير الأعضاء في منطقة اليورو، وفي مقدمها بريطانيا، بسبب ما وصفته بسعي الدول الأعضاء في الوحدة النقدية في شكل متزايد إلى اتخاذ القرارات من دون استشارتها. وبات البريطانيون والسويديون والبولنديون، لا يتحملون نزعة زملائهم في منطقة اليورو إلى الاجتماع ببعضهم بعضاً وتعزيز القيادة المشتركة لاقتصاداتهم، واتخاذ القرارات من دون استشارة الدول التي لا تقاسمهم العملة الموحدة. وأرغمت أزمة الديون الدول التي تتقاسم العملة الموحدة، على تحقيق قفزة إلى الأمام في مجال التقريب بين سياساتها الاقتصادية الوطنية وتشديد الانضباط في الموازنة المشتركة والتعويل على نفسها للخروج من الأزمة. ورأت وترى الدول غير المعتمدة عملة اليورو، أن هذا المنحى يفرغ مشروع الاتحاد الأوروبي بأعضائه ال 27 تدريجاً من جوهره، لتصبح أوروبا بذلك منقسمة إلى كتلتين تسير كل منهما بوتيرة مختلفة عن الأخرى. قمة ثانية وتقرر عقد قمة أوروبية غداً بمشاركة قادة دول منطقة اليورو فقط بعد قمة أوروبية أول من أمس، وبذلك «طفح الكيل»، على ما قال رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون، الذي كان أرجأ زيارتين رسميتين كان مقرراً أن يقوم بهما إلى نيوزيلندا واليابان للمشاركة في قمة الغد. واعتبر أن «أزمة منطقة اليورو تطاول كل اقتصاداتنا بما فيها اقتصاد بريطانيا». وشدد على أن «من مصلحة بريطانيا أن تحل دول منطقة اليورو مشكلاتها، لكن ذلك بات خطيراً، وتحدثت معهم في هذا الشأن، إذ ربما يتخذون قرارات حيوية لدول السوق المشتركة الأخرى، مثل تلك المتعلقة بالأجهزة المالية التي تخص السوق المشتركة». وبالتالي طالب البريطانيون بعقد قمة أخرى تجمع كل دول الاتحاد الأوروبي غداً في بروكسيل وحصلوا على ذلك. وعلّق مصدر أوروبي على ذلك ساخراً، معتبراً أن «كاميرون يتميز بالفكاهة البريطانية، إذ استغرب اجتماع دول منطقة اليورو وحدها. وانتقد الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي رئيس الوزراء البريطاني، إذ أفادت صحيفتا «دايلي تلغراف» والغارديان»، استناداً إلى مصادر ديبلوماسية، أن الرئيس الفرنسي توجه إلى كاميرون قائلاً: «مللنا من سماعكم تنتقدوننا وتقولون لنا ما يجب فعله. تقولون إنكم تكرهون اليورو ورفضتم اعتماده، واليوم تريدون التدخل في اجتماعاتنا». وأكدت صحيفة «تايمز» البريطانية حصول مشادة كلامية بين الزعيمين، من دون الدخول في التفاصيل. وانتقد رئيس الوزراء السويدي فريدريك رينفلدت، الذي لا تعتمد بلاده اليورو، القمم التي تشارك فيها حصراً الدول الأعضاء في منطقة اليورو. ولفت أحد المشاركين، إلى أن «عضواً ردّ على رينفلدت خلال مناقشة اعتبرها رئيس الوزراء البولندي دولند تاسك «صاخبة»، أن على بلاده «اعتماد اليورو»، معتبراً أن «الانضمام إلى اليورو ليس حقا بل واجب». ودعم رئيس المفوضية الأوروبية جوزيه مانويل باروزو، الذي ينظر باستياء إلى تصاعد أهمية منطقة اليورو، قادة الدول غير الأعضاء في المنطقة، مفترضاً «عدم وجود فرق بين منطقة اليورو وبقية الاتحاد الأوروبي». وينتاب القلق المفوضية الأوروبية، لأنها تلاحظ «تصرّف باريس وبرلين في شكل متزايد في إدارة دولية لأوروبا، ما يؤدي إلى تهميش المؤسسات الأوروبية وفي مقدمها المفوضية». وتعمل فرنسا على تعزيز أهمية منطقة اليورو ككيان مستقل لتجسيد فكرتها في تشكيل «حكومة اقتصادية». لكن قادة منطقة اليورو لا يشاطرونها هذه الفكرة. وأصدرت كل من هولندا وفنلندا أخيراً، تحذيراً في رسالة وقعتها السويد أيضاً، وأكدت فيها ضرورة «مشاركة كل الدول الأعضاء في القرارات» لتعزيز الازدهار الاقتصادي للقارة. وفي المقابل دعت ألمانيا أمس، إلى «المضي في إصلاح جديد للمعاهدات وحتى في تسوية بين الدول الأعضاء في منطقة اليورو».