انقسمت أوروبا أمس الجمعة في خلاف تاريخي بشأن إقامة اتحاد مالي أكثر ترابطا للمحافظة على اليورو بعد أن اتفقت أغلبية كبيرة بقيادة ألمانيا وفرنسا على المضي قدما في معاهدة منفصلة وتركت بريطانيا معزولة. ووافق 26 زعيما من زعماء الاتحاد الأوروبي الذي يضم 27 دولة على إنشاء اتحاد أكثر ترابطا يتضمن تشديد قواعد الميزانية في منطقة اليورو لكن بريطانيا قالت إنها لا يمكن أن تقبل التعديلات المقترحة على معاهدة الاتحاد الأوروبي بعد فشلها في الحصول على تنازلات لصالحها. وقد يستغرق التفاوض بشأن المعاهدة الجديدة ثلاثة أشهر وقد يتطلب إجراء استفتاءات تنطوي على مخاطرة في دول مثل أيرلندا. وقال مصدران في البنك المركزي الأوروبي لرويترز إن البنك سيبقي مشترياته من سندات حكومات منطقة اليورو محدودة في الوقت الراهن ولن يتخذ إجراءات أخرى للتصدي للأزمة. لكن القلق استمر في أسواق السندات ، وتراجعت فوائد الإقراض بين البنوك لكن عوائد السندات العشرية الايطالية ارتفعت إلى نحو 6.5 بالمئة. ميركل: تعلمنا من أخطائنا ... ساركوزي: قمة ستسجل في التاريخ وبعد محادثات استمرت عشر ساعات اتفقت كل الدول الأعضاء في منطقة اليورو البالغ عددها 17 بالإضافة إلى تسع من الدول العشر الأخرى في الاتحاد على التفاوض بشأن اتفاق جديد إلى جانب معاهدة الاتحاد الأوروبي مع نظام أكثر صرامة للعجز والديون لحماية منطقة اليورو من أزمة الديون. وقالت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل "هذا تقدم كبير نحو اتحاد للاستقرار ... سنستغل هذه الأزمة كفرصة لبداية جديدة." وأكد رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون في مؤتمر صحفي أنه مازال من مصلحة بريطانيا البقاء داخل الاتحاد الأوروبي والاستفادة من السوق المشتركة. ووصف دبلوماسي كبير في الاتحاد الأوروبي الأساليب التفاوضية لرئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون بأنها "خرقاء". ووصف رئيس البنك المركزي الأوروبي ماريو دراجي قرار الاتحاد الأوروبي بأنه خطوة للأمام نحو تشديد قواعد الميزانية الذي قال إنه أمر ضروري إذا أرادت منطقة اليورو أن تصبح أكثر قوة بعد عامين من اضطرابات الأسواق. وقال دراجي "سيكون هذا هو الأساس لإحكام الميزانية وزيادة الانضباط في السياسة الاقتصادية لدى أعضاء منطقة اليورو." تحديد حجم صندوق الانقاذ الدائم ب 500 مليار يورو وأضاف "توصلنا إلى نتائج يجب تحديد تفاصيلها خلال الأيام المقبلة." وقال مصدران في البنك المركزي الأوروبي إن مجلس محافظي البنك قرر الخميس إبقاء برنامج شراء السندات عند نحو 20 مليار يورو أسبوعيا ورأى أنه لا حاجة لإعادة النظر في القرار في ضوء نتائج القمة. وقالت ميركل إنها راضية جدا عن قرارات القمة. وأضافت أن العالم سيرى أن أوروبا تعلمت من أخطائها وتجنبت "تسوية رديئة". جانب من الاجتماع ( ي ب أ ) وبدا الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي مبتهجا بتوحيد مجموعة كبيرة من الدول حول منطقة اليورو كقلب للاتحاد الأوروبي وهو هدف فرنسي منذ فترة طويلة. وقال ساركوزي "هذه قمة ستسجل في التاريخ ، كنا نفضل إصلاحا للمعاهدات بين الأعضاء السبعة والعشرين. هذا لم يكن ممكنا نظرا لموقف أصدقائنا البريطانيين. لذلك سيتم الأمر من خلال معاهدة بين الدول السبع عشرة لكنها ستكون مفتوحة للآخرين." وسيكون الدعم النشط من البنك المركزي الأوروبي حيويا في الأيام القادمة نظرا لأن الأسواق تشك في قدرة إجراءات الحماية المالية الأوروبية على تأمين اقتصادات مثل ايطاليا واسبانيا التي يتعين عليها مد آجال ديون بمئات مليارات اليورو في العام المقبل. رئيسا وزراء بريطانيا و هولندا ( ا ف ب ) وقالت وزيرة شؤون أوروبا في أيرلندا لوسيندا كريتون إن دبلن والعديد من الدول الأعضاء تتوقع أن يكون المركزي الأوروبي أكثر مبادرة في تعامله مع أزمة الديون في الأسابيع المقبلة. وقال متعاملون إن المركزي الأوروبي اشترى سندات ايطالية الجمعة لتهدئة الأسواق ، وقالت كريتون إن هناك احتمالا بنسبة 50 بالمئة أن تضطر ايرلندا لإجراء استفتاء بشأن التصديق على معاهدة الاتحاد المالي. وكانت ميركل وساركوزي يتطلعان لموافقة جميع دول الاتحاد الأوروبي على تغيير معاهدة لشبونة حتى يتسنى إدراج القواعد المشددة للميزانيات والديون المتعلقة بدول منطقة اليورو في معاهدة الاتحاد. لكن بريطانيا التي ليست عضوا في منطقة اليورو رفضت هذه الخطوة وقالت إنها تريد ضمانات ضمن بروتوكول يحمي قطاع الخدمات المالية البريطاني الذي يشكل عشر الاقتصاد البريطاني تقريبا. ووصف ساركوزي طلب كاميرون بأنه غير مقبول. ولمح كاميرون إلى أن لندن قد تحاول منع الدول الأخرى من استخدام المفوضية الأوروبية وهي الذراع التنفيذية للاتحاد بالإضافة إلى محكمة العدل الأوروبية قائلا "بالطبع مؤسسات الاتحاد الأوروبي هي للاتحاد الأوروبي .. هي للدول السبع والعشرين." لكن رئيس المجلس الأوروبي هيرمان فان رومبوي الذي رأس القمة قال إن مؤسسات الاتحاد الأوروبي ستكون مشاركة بشكل كامل في المعاهدة الجديدة التي سيجري توقيعها في بداية مارس اذار على أبعد تقدير. وقال دبلوماسيون إن دول منطقة اليورو بالإضافة إلى الدول التسع قد تعقد قمة بدون بريطانيا في يناير كانون الثاني على أقرب تقدير. وخلال القمة قرر الزعماء أيضا تحديد حجم صندوق الانقاذ الدائم لمنطقة اليورو عند 500 مليار يورو (666 مليار دولار) كما أصرت المانيا.