عقب الاحتجاجات التي أطاحت الرئيس المصري حسني مبارك في شباط (فبراير) الماضي، أقدم عدد كبير من قاعات الفن في القاهرة على توفير مساحة مناسبة للتعبير عن الأحداث التي واكبت الثورة المصرية. وكانت الصورة الفوتوغرافية هي الأكثر حضوراً. يستضيف أتيليه القاهرة حالياً، معرضاً يضم مجموعة كبيرة من الصور الفوتوغرافية التي توثّق لتلك الأيام الفريدة في التاريخ المصري. غير أن مجموعة الصور المعروضة في الأتيليه، تختلف عن سابقاتها كونها الأولى التي التقطت بعدسة فنان أجنبي وهو المصور الإسباني إدواردو رويث الذي حضر إلى القاهرة في آذار (مارس) الماضي، في محاولة لرصد ما يحدث في الشارع المصري. اختار رويث في تجربته الفوتوغرافية جوانب مختلفة ميّزت مجموعة صوره التوثيقية والحميمية للأحداث. فخلافاً للنظرة العامة التي صبغت معظم الصور التي توثّق لأحداث الثورة، اختار رويث الاقتراب أكثر من هؤلاء الناس. التقاهم وتحاور معهم، ليخرج بمجموعة من الحكايات والصور المعبّرة، سارداً جانباً منها أيضاً عبر نص مكتوب باللغة الإسبانية، ترجم إلى العربية ليتيح للجمهور المصري قراءته. «حين جئت إلى القاهرة كان ميدان التحرير يكتظّ كل جمعة بمتظاهرين يتناقشون ويصلّون بين مئات من الأعلام المصرية. كان هناك أحاديث عن الثورة في كل مكان ذهبت إليه، في الميادين والشوارع وبين إشارات المرور، بينما تُوجد العشرات من السيارات العسكرية لتشكل جزءاً من مشهد المدينة. ووسط ذلك يحاول الناس تسيير أمور حياتهم في شكل عادي»، يقول رويث. ويضيف: «لكن في الواقع كل شيء تغير، فالقاهرة لم تعد تلك المدينة التي عرفتها». اقترب رويث من الناس عبر لقطات فردية لأشخاص يشاركون في الاحتجاجات. لكن الجانب الأبرز في تجربته، تلك اللقاءات التي أجراها مع عدد من الفنانين المصريين ممن شاركوا في أحداث الثورة. ذهب إلى محترفاتهم وبيوتهم، التقاهم في الشارع أو المقهى، ليحكي كل منهم حكايته بالكلمة والصورة. أشرف رسلان، أحمد صبري، مصطفى وافي، محمد عبلة، إبراهيم سعد، هم نماذج لهؤلاء المبدعين الذين أدوا دور البطولة في صور رويث المعروضة والتي آثر طباعتها بالأبيض والأسود. صور شخصية منفردة لكل منهم في أكثر الأماكن التي يترددون إليها، وإلى جانبها مشهد لمادة إبداعهم. في هذه الصور مثّل التشكيل الجانب الأكبر من اهتمامات هؤلاء المبدعين، وتقاطعت على نحو ما تجارب كل منهم لتشكل جانباً من أحداث الثورة المصرية. يشرح رويث: «آثرتُ أن أصورهم في استوديواتهم وبيوتهم ووسط جيرانهم، لأنهم فنانون تضج وجوههم بالواقعية، ولا يحاولون خلق آمال كاذبة. بل يعرفون أن التعبير عمّا حدث في تلك الأيام يحتاج إلى وقت. وهم أيضاً يشكلون جزءاً من الثورة المصرية. وبأعمالهم الفنية يعبرون عن إحساسهم ورؤيتهم لهذه اللحظة التاريخية». ويختتم: «أشكرهم على أنهم أتاحوا لي فرصة الدخول إلى عالمهم ومشاركتهم ذكرياتهم عن هذه اللحظة المهمة التي عاشها المصريون».