ربما تكون الثورة المصرية الجديدة، هي الأوفر حظاً من ناحية التوثيق بين الأحداث والحركات الوطنية على مدى التاريخ المصري. فقد أتاحت لها ثورة التكنولوجيا ما لم تتحه لغيرها. إذ كانت أدوات التصوير في أيدي الجميع تسجل الحدث لحظة بلحظة وهو يولد ويتصاعد حتى تحول إلى بركان من الغضب استطاع في أيام معدودة أن يغير مجرى التاريخ. كانت الصورة حاضرة بكل مترادفاتها وشكلت إحدى الأدوات التي ساهمت في صوغ هذه الملحمة العظيمة. وبين أيدينا اليوم سيل منهمر من المواد المصورة والتي يتم تداولها عبر شبكة المعلومات ووسائل الإعلام المختلفة. بعض هذه الصور ينتمي إلى أشخاص عاديين حتم عليهم الوجود في قلب الحدث تسجيل ما يحدث. إلى جانب هؤلاء كان هناك فنانون محترفون أيضاً استطاعوا بمهارة توظيف الكاميرا في تسجيل الحدث في شكل لا يخلو من التعبير والجاذبية. وبدأت نتائج هذه الجهود التي ساهمت في توثيق الثورة في شكل فني تظهر على السطح اليوم من خلال الإعلان عن عدد من المعارض الفنية التي تعتمد في شكل رئيس على الصورة الفوتوغرافية أو الفيديو. وبادر مركز «ساقية الصاوي» الثقافي، على سبيل المثال، إلى إقامة معرض توثيقي لصور فوتوغرافية التقطتها مجموعة كبيرة من هواة التصوير لمشاهد من الشارع المصري خلال أيام الاحتجاج والاعتصام والمواجهات مع الأمن. وأعلنت دار الأوبرا المصرية أيضاً عن معرض مشابه يقام لمدة أسبوع بمشاركة مجموعة كبيرة من الصور وأعمال الفيديو التي توثق للثورة المصرية. أما قاعة «سفر» وسط القاهرة فقد اتخذت منهجاً مختلفاً بعض الشيء. إذ ركزت أكثر على الجانب الفني الذي تمثله الصورة الفوتوغرافية. ومن هذا المنطلق استضافت القاعة ثلاثة فنانين شباب ممن ساهموا في توثيق أيام الثورة المصرية من خلال الكاميرا لعرض أعمالهم داخل القاعة. حيث تعرض هذه الأعمال حتى الثامن من نيسان (أبريل) المقبل تحت عنوان «إلى مصر مع حبي». من بين هذه الأعمال المعروضة ما يعتمد على المباشرة. بينما تدخلت أدوات الغرافيك في إعادة صوغ البعض الآخر. الفنان علاء طاهر درس علم الأحياء في الجامعة الأميركية في القاهرة، إلا أنه احترف التصوير الفوتوغرافي منذ سنوات. اختار طاهر التركيز على عدد من المشاهد الموحية التي تلعب فيها ألوان العلم المصري دور البطولة. أما الفنان باسم سمير فقد انصبت معظم الصور التي قدمها على تلك الشعارات التي حملها المحتجون وكذلك الكتابات الاحتجاجية التي انتشرت على أرصفة ميدان التحرير وجدرانه أيام الاعتصام.