أجرت ليبيا أمس، انتخاباتها النيابية الأولى بعد 46 سنة على انقلاب مجموعة من الضباط بقيادة العقيد معمر القذافي على الملك إدريس السنوسي في أيلول (سبتمبر) 1969، لتخطو خطوة إلى أمام على مسار التحول الديموقراطي الذي تشهده منذ انتصار ثورة 17 فبراير 2011. وفتح 1619 مركز اقتراع أبوابه أمام الناخبين في كل مدن ليبيا باستثناء درنة (300 كيلومتر شرق بنغازي) إضافة إلى بعض مراكز التصويت التي ظلت مغلقة لأسباب أمنية في الكفرة (جنوب شرق) التي تشهد غالباً اقتتالاً قبلياً وفي سبها (جنوب). وكان الإقبال ضئيلاً عند فتح المراكز في طرابلس كما في بنغازي، وحركة السير خفيفة في يوم أعلنته السلطات عطلة رسمية. ويتنافس 1628 مرشحاً للفوز بواحد من 200 مقعد في المجلس النيابي العتيد (32 مقعداً للنساء). وذكر مسؤولون أنه بحلول الظهر كان حوالى 200 ألف ناخب أدلوا بأصواتهم. وعزوا ضعف الإقبال إلى حرارة الطقس. وبلغ عدد الناخبين المسجلين حوالى 1.5 مليون، أي تقريباً نصف عدد الذين شاركوا في انتخابات تموز (يوليو) 2012 لاختيار المؤتمر الوطني العام، بعدما شددت المفوضية العليا للانتخابات قواعد التسجيل في قوائم الناخبين. كما بدأت العمل بنظام الرقم الوطني الإداري الذي لم يُسمح بالتصويت إلا لمَن يحمله، للتحقق من هوية المقترعين بعد 4 عقود من حكم القذافي الذي شهد تدفق عمال وموظفين على ليبيا من بلدان عربية وأفريقية. وفي تطور لافت، أدلى الرئيس السابق للحكومة الليبية علي زيدان بصوته أمس، في طرابلس. ونقلت عنه وكالة الأنباء الرسمية دعوته الشعب إلى المشاركة في اختيار مجلس النواب، معبراً عن تمنياته بأن يُكلَّل هذا الاستحقاق ب «النجاح الباهر». ولم تُسجل حوادث تعكر العملية الانتخابية، باستثناء حالتين في مدينة سبها، الأولى عندما أطلق عناصر محسوبون على نظام القذافي النار فأُصيب شاب في ظهره، والثانية حين أُصيب أفراد عائلة بطلقات رصاص أمام محل تسوق وسط سبها. وقال ل «الحياة» الناشط السياسي في سبها سليمان خليفة، إن ما حصل «محاولة من بعض أزلام النظام السابق للتشويش على إقبال المواطنين على الانتخابات الديموقراطية». ولفت إلى «عدم تقدم عناصر من الإسلام السياسي للترشح». وأكدت مصادر مأذون لها في مدينة بنغازي ل «الحياة»، أن «الانتخابات سارت بهدوء وسط هدنة التزم بها اللواء المتقاعد خليفة حفتر وأنصاره من جهة والمجموعات المتشددة من جهة أخرى». وأضافت: «باستثناء العثور على جثة سائق الزهاوي، مسؤول أنصار الشريعة في بنغازي الذي قُتل أول من أمس، واعتقال قوات الصاعقة متهمين بخطف أشخاص للحصول على فدية، لم تُسجَّل حوادث تُذكر». ومن مدينة طبرق القريبة من الحدود مع مصر، قالت مصادر إعلامية ل «الحياة» إن الانتخابات جرت بهدوء ومن دون مشاكل في حضور عدد من المراقبين المحليين والإقليميين والدوليين. وتحدثت عن غياب مرشحين إسلاميين في طبرق، باستثناء شخص واحد معروف بانتمائه إلى «جبهة إنقاذ ليبيا» التي أعلنت معارضتها لنظام القذافي منذ بداية الثمانينات من القرن العشرين.