نظمت ليبيا انتخابات امس لاختيار اعضاء البرلمان الجديد، المدعو لقيادة مرحلة انتقالية جديدة، وإعادة النظام الى بلد يعاني من الفوضى واعمال العنف منذ سقوط نظام معمر القذافي عام 2011. وأبدت الاسرة الدولية دعمها لإجراء انتخابات على امل ان تؤدي الى برلمان جديد يمكنه ان يجسد وفاقا وطنيا ويعيد للدولة سلطتها. وتم الإبقاء على الانتخابات بالرغم من المخاوف من وقوع اعمال عنف وخصوصا في شرق البلاد الذي يشهد منذ شهر مواجهات يومية، حيث يشن اللواء المنشق خليفة حفتر هجوما على مجموعات اسلامية متطرفة. وشجعت الحكومة الانتقالية في بيان على "مشاركة شعبية واسعة تعمق معاني الديمقراطية التي تثري العملية السياسية" في ليبيا، معلنة يوم امس عطلة رسمية. وتسجل 1,5 مليون ليبي فقط للإدلاء بأصواتهم مقابل اكثر من 2,7 مليون في 2012 من اصل 3,4 مليون شخص في سن الانتخاب. وسيكون عليهم الاختيار بين 1628 مرشحا. وينتخب الليبيون 200 عضو في مجلس النواب المستقبلي الذي سيحل محل المؤتمر الوطني العام (البرلمان) السلطة السياسية والتشريعية العليا في البلاد والتي يتم الطعن في شرعيتها. وانتخب المؤتمر الوطني العام في يوليو 2012 في اول انتخابات حرة في تاريخ البلاد، بعد اكثر من اربعين عاما من حكم معمر القذافي. ويواجه المؤتمر الوطني العام اتهامات بأنه حصر كل السلطات بين يديه، وبأنه ساهم في انعدام الاستقرار في البلاد بسبب الصراعات على النفوذ بين الكتل النيابية الليبرالية والاسلامية المدعومة من ميليشيات مسلحة. وهناك 32 مقعدا من اصل 200 مخصصة للنساء، فيما حظرت اللوائح السياسية وسمح فقط لمرشحين منفردين، لكن ليس بالضرورة مستقلين بالترشح في هذه الانتخابات، وبالتالي فإن التشكيلة السياسية للبرلمان المستقبلي لن تعرف الا بعد تشكيل كتل سياسية برلمانية. وفتح حوالى 1600 مكتب اقتراع في جميع مدن البلاد باستثناء مدينة درنة في الشرق الليبي. وقال مصدر في المفوضية العليا للانتخابات لوكالة فرانس برس: "بشكل عام نحن متفائلون، لكن هناك مخاطر من ان يتم تعطيل الانتخابات أو حتى ارجائها في بعض مكاتب الاقتراع، لا سيما في بنغازي ودرنة (شرق)"، معاقل المجموعات الاسلامية المتطرفة. وفي الجنوب قام محتجون بينهم مرشحون للانتخابات التشريعية بتحرك ادى الى إغلاق مقر المفوضية العليا للانتخابات في مدينة الكفرة، وطالبوا بتعليق العملية الانتخابية منددين بعمليات تزوير في لوائح الناخبين. غير ان وزارة الداخلية اعلنت اتخاذ "كل التدابير الضرورية" لضمان امن العملية الانتخابية، مؤكدة نشر 15 شرطيا في كل من مكاتب التصويت. ولا تزال السلطات تواجه صعوبة في بناء جيش وشرطة محترفين، لا سيما بعد انشقاق عدة وحدات تحالفت مع اللواء السابق حفتر. ويشن حفتر الذي تتهمه السلطات بتدبير انقلاب هجوما منذ اكثر من شهر على كتائب الثوار الإسلامية المتمركزة في بنغازي شرق البلاد، والتي يصفها بأنها "مجموعات ارهابية". وحصل حفتر على دعم عدد من السياسيين ووحدات من الجيش والشرطة ومن بينها سلاح الجو، وشن بدعم هذه القوات غارات على مواقع المجموعات الإسلامية. وتجري مواجهات بانتظام بين الطرفين منذ اطلاق اللواء حفتر حملته في 16 مايو، وقد أوقعت اكثر من مئة قتيل. وأعلن حفتر عن "هدنة" خلال الانتخابات، فيما أكدت المجموعات الاسلامية انها لن تشن هجمات يوم الانتخابات، بحسب ما افاد تليفزيون النبأ الليبي. وأثنت الاسرة الدولية على تنظيم الانتخابات رغم الوضع الامني، واعتبر الاتحاد الاوروبي ان هذه الانتخابات تشكل مرحلة حاسمة في ظل "التدهور الواضح" في الوضع السياسي والامني في هذا البلد. ودعا مجلس الامن الدولي الليبيين الى اجراء الانتخابات التشريعية بطريقة سلمية، مؤكدا ان هذا الاستحقاق يمثل "خطوة مهمة في انتقال البلاد الى حكم ديمقراطي مستقر". وعبر تنظيم هذه الانتخابات، يأمل الليبيون في طي صفحة المؤتمر الوطني العام المتهم بأنه وراء كل مشاكل البلاد.