تبحث مرين هادي (35 سنة) عن فرصة عمل منذ أكثر من خمس سنوات لإعالة أطفالها الأربعة بعدما فقدت زوجها في انفجار سيارة مفخخة في بغداد وباتت مسؤولة عن تحصيل قوتهم. مريم عملت في الشرطة المجتمعية وهي من الوظائف الحديثة التي تقبل عليها السيدات، فيتولين تفتيش قريناتهن في دوائر الدولة التي يقصدنها للمراجعة في معاملات تخصهن، على رغم أن عائلتها رفضت بشدة عملها في هذا المجال مثلما رفضت إعالتها منذ أن ترملت، حتى باتت في حيرة من أمرها، فتركت بغداد وتوجهت للسكن في الضواحي لأن إيجار المنزل أقل كلفة، وبالتالي لا تضطر للاستدانة. حال مريم هي حال كثيرات من الأرامل في العراق اللواتي فقدن أزواجهن باكراً واضطررن إلى تحمل مسؤولية الأولاد بمفردهن. إحدى ضباط الشرطة المجتمعية أوضحت أن وزارة الداخلية وافقت على تطويع كثيرات من زميلاتها الأرامل ممن يرغبن في العمل شرطيات حتى في دوائر المرور. وأكد الباحث الاجتماعي نبيل علي أن المجتمع العراقي وعلى رغم التطورات التي شهدها بعد 2003 لا يزال يعاني الذكورية. وأضاف علي إن الخوف من عمل الأرامل في بعض القطاعات ناجم من محاذير يخشاها المسؤولون عنهن، وهو وقوعهن في شباك الابتزاز من قبل أرباب العمل. واعترفت إحدى الأرامل العاملات في شركة للقطاع الخاص أن مديرها المباشر حاول استغلالها ومارس ضدها ضغوطاً مثل الحسم من الراتب وتكليفها بمهمات لا تناسبها، لأنها رفضت الارتباط به بزواج سري، مؤكدة أنها اضطرت أخيراً لترك العمل للتخلص من الضغوط. وفي وقت أعلنت وزارة التخطيط وجود مليون أرملة في العراق، كشفت منظمات ناشطة في مجال حقوق المرأة أن غالبية شريحة الفقراء هي من الأرامل المعيلات، وأن نسبة كبيرة من الدعم المخصص لهذه الشريحة مصدره بلدان الخليج وأوروبا. وأوضح الهنداوي أن وزارة التخطيط ومن خلال مشروع التقليل من الفقر ومدته ثلاث سنوات، ركزت على شريحة الأرامل من جوانب عدة مثل بناء مساكن لهن، وإخضاعهن لبرنامج محو الأمية، وإيجاد فرص عمل مناسبة عبر مشاريع صغيرة ومتوسطة، وتحسين الواقع الصحي للفقراء. وأضاف: «هناك مراحل أخرى سنباشر بها حينما تتوافر المخصصات المالية لها». وتلفت سارة صلاح الدين رئيسة مركز تدريب الأرامل، إلى أن المشكلة الأساس التي تعاني منها هذه الشريحة تنحصر في صعوبة إيجاد فرص عمل لأفرادها، خصوصاً أن غالبية الأرامل معيلات ولا يحملن شهادات تؤهلهن للعمل في دوائر الدولة أو حتى في القطاع الخاص، مشيرة إلى أن «منظمات عدة أوجدت فرص عمل عبر تمويل مشاريع صغيرة بمبالغ لا تتعدى ال 2000 دولار، ما يساعد مثلاً على إطلاق مشروع صغير مثل افتتاح محل تجاري أو شراء ماكينة للخياطة، كما أهلنا أرامل كثيرات مهنياً».