مع اقتراب تنفيذ المرحلة الثانية من سحب الجيش الأميركي من المدن العراقية في اطار الاتفاق الأمني بين العراق والولاياتالمتحدة، فتحت القوات الأميركية أخيراً محادثات جديدة مع تيارات بعثية في تكريت وعمان، بهدف تحييد بعض القوى المؤثرة في أمن البلاد ومساعدة الحكومة العراقية على استقطاب المعارضين، وفقاً لمصادر بعثية. وفي اتصال مع «الحياة»، كشفت هذه المصادر وجود «غرفة عمليات مصغرة في العراق تضم ممثلين عن السفارة الاميركية والاستخبارات (سي آي أي) شرعت مطلع شهر نيسان (أبريل) الماضي في تكريت، مرحلة أولى من جولة مفاوضات مع جناحي حزب البعث، عزت الدوري ومحمد يونس الاحمد، وعبر قياديين بعثيين من الخط الثاني ممن هم في درجة عضو قيادة فرع ومكتب تنظيم، كل على حدة، وفي ثلاثة لقاءات موسعة». وأشارت إلى أن هذه الاجتماعات أسفرت عن «اجتماع مباشر بين أحد مساعدي الدوري في منصب عضو قيادة قطرية ومسؤولين في محطة للاستخبارات الأميركية في العاصمة الاردنية عمان، ومندوبين عن سفارتهم في بغداد، أواسط أيار (مايو) الماضي بعدما وصل ممثل الدوري الى عمان في العاشر من الشهر ذاته». ونقلت المصادر البعثية عن الدوري أنه «أبلغ الحكومة عبر الوسطاء الأميركيين استعداده تسليم البعثيين الملطخة أيديهم بدماء الشعب العراقي في مقابل تعديل الدستور بما يسهل الانخراط في العملية السياسية والغاء قانون المسائلة والعدالة، إضافة إلى صرف المستحقات المالية للمفصولين البعثيين من دوائرهم وبأثر رجعي، وإعادتهم إلى العمل ووقف الملاحقات على قائمة ال55». وزادت أن «البعثيين تعهدوا في المقابل الانخراط في العملية السياسية والاعتراف بالتداول السلمي للسلطة وفقاً للأطر الديموقراطية المقرة في الدستور العراقي والمحافظة على مصالح الولاياتالمتحدة في العراق والمنطقة، اضافة الى التعاون مع الحكومة العراقية في تعزيز الأمن والابتعاد عن أعمال العنف». من جهته، أكد «أبو وسام الجشعمي»، وهو قيادي بعثي من تنظيم الداخل، في اتصال مع «الحياة»، اندلاع خلافات داخل جناح الدوري إثر هذه الجولة من المفاوضات. وقال إن «الاجتماعات الأخيرة فتحت باب الخلافات، إذ اعتبرت قيادات من الخط الثاني موافقة المفاوضين على محاكمة من تصفهم الحكومة بأنهم الملطخة أيديهم بدماء العراقيين، ومطالبتهم بوقف ملاحقة قائمة ال55 طمعاً في العودة الى السلطة حتى لو على حساب الحزب وأرواح البعثيين. أما وصف الملطخة أيديهم فيمكن استخدامه ضد رفاقنا لتصفيتهم». وتابع أن «دعوات الالتزام بحماية المطلوبين من صغار البعثيين وضباط أجهزة الأمن السابقة بنيت على أساس أن كل الاجراءات التي اتخذتها السلطة آنذاك كانت تنفيذاً لأوامر عليا من قيادة البلد التي كان حزب البعث يمسك بزمامها. وحتى الأشخاص الذين أداروا أجهزة الأمن والحزبية في ذلك الوقت كانوا مكلفين من سلطة الحزب وحكومته. وبالتالي، لو كان هناك مجرمون داخل الحزب، فإن محاسبتهم من واجبات سلطته آنذاك. وإن كانت راضية (على ممارساتهم)، فقيادة الحزب السابقة مسؤولة عن هذه الجرائم وليس صغار البعثيين». وأضاف أن «الخلاف لم يقف عند هذا الحد»، مشيراً الى أن «زعيم الجناح الآخر، أي الأحمد، انتهز التصدع في جناح منافسه عزة الدوري ليدعو الى انتخاب قيادة جديدة». وكشف الجشعمي أن محمد يونس الأحمد وجه أخيراً رسالة إلى الدوري وقيادات الحزب في الداخل والخارج دعا فيها إلى توحيد الجناحين وعقد مؤتمر موسع لانتخاب قيادة قطرية جديدة للحزب.