عندي للرئيس باراك أوباما هذا العنوان «الكارثة في الأممالمتحدة خطأ أوباما». العنوان هو لتحقيق نشرته مجلة «كومنتري» الناطقة بلسان الليكوديين الأميركيين والمحافظين الجدد يحمّل الرئيس الأميركي المسؤولية عن حسن أداء الرئيس محمود عباس في الجمعية العامة للأمم المتحدة، واستقبال الأعضاء طلب عضوية فلسطين بالتصفيق وقوفاً والهتاف، ثم صمتهم صمت القبور إزاء كذب بنيامين نتانياهو وتطرفه في خطابه بعد دقائق من كلمة أبو مازن. باراك أوباما حاول جهده أن يحبط التوجه الفلسطيني، وناقض كل موقف سابق له عن مد اليد للعرب والمسلمين، وتمنيه السنة الماضية فقط أن تكون فلسطين عضواً في السنة القادمة، أي هذه السنة. مع ذلك أوباما لم يُرضِ إسرائيل والمتطرفين من أنصارها، بل هم حملوه مسؤولية تطرفهم وكره العالم كله لهم. كنت قلت للرئيس أوباما مرة بعد مرة إنه لن يرضي الليكوديين حتى يتبع ملّتهم، والمقال في «كومنتري» هو مثل آخر على موقفهم منه، وقد بدأت به لأنني بت أشعر بأن باراك أوباما اقتنع أخيراً بأنه خسر قاعدته الليبرالية من دون أن يكسب المتطرفين، لذلك فهو اختار المواجهة مع الحزب الجمهوري، حيث يكمن غلاة أنصار إسرائيل، طريقاً للفوز بولاية ثانية السنة القادمة. كان أوباما حاول على امتداد ثلاث سنوات أو نحوها من ولايته الأولى أن يكون رئيساً توافقياً لكل الأميركيين إلا أنه فشل. وأرجو أن يكون ما لاحظت من تغييره أسلوب التعامل مع الجمهوريين انعكاساً لهذا الفشل وإيذاناً بسياسة جديدة. التغيير بدأ الشهر الماضي، وتحديداً في خطاب له بمناسبة يوم العمال في 5/9، فهو ألقى خطاباً هجومياً تحدى فيه الجمهوريين في الكونغرس أن يقدموا مصلحة الشعب الأميركي على كل اعتبار آخر، وقال: «أرونا ما عندكم». موقف أوباما هذا ذكّر المعلقين بخطاب مماثل في المناسبة نفسها ألقاه هاري ترومان سنة 1948، متحدياً الجمهوريين وسط أزمة مالية خانقة، وفاز في النهاية بالانتخابات رغم أنه كان متأخراً عن منافسه الجمهوري توم ديوي. أوباما واصل الهجوم بعد ثلاثة أيام في جلسة مشتركة للكونغرس وتحدى الأعضاء أن يقروا خطته لإيجاد وظائف جديدة للأميركيين. كما طالب بخفض ضرائب الضمان الاجتماعي لملايين الأميركيين والشركات لتشجيعها على التوظيف. هو قال للأعضاء: «أوقفوا هذا السيرك السياسي». وطالب أوباما بعد أسبوعين بزيادة الضرائب على الأثرياء من الأميركيين الذين يزيد دخل الواحد منهم على مليون دولار في السنة، وهذا ما عرف باسم «قانون بافيت» نسبة الى البليونير وارن بافيت الذي شكا من أن الأثرياء مثله لا يدفعون ضرائب تناسب دخولهم العالية. هذا الشهر واصل أوباما حملته على الجمهوريين مركزاً على عرقلتهم مشاريعه الاقتصادية، وكأنهم يقبلون أن ينهار اقتصاد البلد نتيجة للمواجهة الانتخابية مع الرئيس الديموقراطي الذي خاطب الجمهور في طول البلاد وعرضها، من كاليفورنيا الى تكساس وواشنطن وغيرها، وقال إن من حق الشعب الأميركي أن يعرف ماذا لا يعجب الجمهوريين في خطته الاقتصادية، وهي مشروع قانون بمبلغ 447 بليون دولار لإيجاد 1,9 مليون وظيفة جديدة. البطالة في الولاياتالمتحدة في حدود 9,1 في المئة، وهي نسبة عالية تعني أن 14 مليون أميركي عاطلون من العمل، مع تقديرات تشير إلى أن 40 مليون أميركي يعيشون تحت خط الفقر. الجمهوريون، حتى إشعار آخر، يتصرفون معاندين، وكمن أخذته العزّة بالإثم، وهم في مجلس الشيوخ أحبطوا خطة الوظائف التي اقترحها الرئيس بتصويت أعضائهم في شكل جماعي ضدها. أعتقد أنهم سيدفعون الثمن في الانتخابات، فإدارة جمهورية أطلقت الأزمة المالية الأميركية والعالمية، والجمهوريون في مجلسي الكونغرس مصرون على تحميل الرئيس الديموقراطي المسؤولية إلى درجة أن يخربوا كل محاولة له لإنهاض الاقتصاد من عثاره. غير أن الجمهوريين لن يستطيعوا أن يخدعوا كل الناخبين كل الوقت. [email protected]