حقق الأطباء الفرنسيون فتحاً جديداً في ميدان التصوير الطبي بالأشعة بالأبعاد الثلاثة بفضل النظام الذي طورته شركة الاتصالات الفرنسية "فرانس تليكوم" حيث استطاع فريق من الأطباء تصوير مريض بالأشعة من دون ان يكونوا في الغرفة نفسها التي يوجد فيها، وهو أمر كان مستحيلاً حتى نهاية الشهر الماضي. ويحتوي هذا الجهاز على مسبار روبوت يقوم وفقاً لبرمجة مسبقة باخضاع المريض الذي كان موجوداً في عيادة تقع في مدينة تبعد عن باريس مئات الكيلومترات، أما طبيب التصوير الاشعاعي الذي نفذ عملية التصوير فكان موجوداً في معهد منتسوري في العاصمة، في حين بقي الطبيب المعالج الذي يتولى قراءة وتحليل نتائج التصوير بالوقت الحقيقي في عيادته الخاصة. ولكن كيف تتم هذه العملية؟ تقوم الذراع "الروبوت" التي تحل مكان جهاز السبر الذي يحركه الطبيب بتحويل الصور والشعور باللمس والحركات التي يؤديها العضو قيد التصوير الى شاشات اجهزة الكومبيوتر الموجودة أمام الأطباء المعنيين الذين يبعد أحدهم عن الآخر والمريض مئات الكيلومترات مما يمكنهم من تبادل الاستشارات فيما بينهم واستجواب المريض في الوقت الحقيقي وبالوقت نفسه. يشكل هذا النظام ثمرة خمس سنوات من الأبحاث المتواصلة في مختبرات شركة الاتصالات الفرنسية، كلفت أكثر من بليون يورو، ويفتح الطريق واسعة أمام اجراء العمليات الجراحية عن بعد ومتابعة العلاج عن بعد بالنسبة إلى المصابين بمرض السكري مثلاً، وتحويل الوصفات الطبية الكترونياً عبر شبكة خاصة آمنة جداً. وقد قررت الشركة الفرنسية وضع أنظمتها في مجال الاتصالات في خدمة الصحة. هذا القطاع الآخذ بالازدهار بفضل أنظمة الاتصال السريعة عبر الانترنت. ويندرج نظام التصوير الاشعاعي بالأبعاد الثلاثة عن بعد في اطار المشروع الذي تعكف شركة "فرانس تلكوم" على تطويره والقاضي بتطوير أنظمة لا تكتفي بنقل الصوت والصورة، بل وتحويل الحركات والروائح لتوفير خدمات جديدة للمستهلكين وذلك لتعزيز مكانتها على الساحة التجارية التي بدأت تهتز بسبب انتهاء عصر الاحتكار الذهبي الذي عاشته على مدى العقود الماضية، وفتح السوق أمام منافسة الشركات الأوروبية بمقتضى قوانين مفوضية بروكسيل. وينطوي هذا النظام على أهمية خاصة ايضاً بالنسبة الى الاطباء والمرضى نظراً إلى ندرة وجود الاخصائيين في بعض المناطق النائية ذات الكثافة السكانية الشحيحة. كما تمكن هذه التقنية الأطباء من التوصل الى تشخيص صحيح لما يعاني منه المريض بسبب امكانية تعدد الاستشارات في حال وجود بعض الغموض في الصور والأعراض وتبادل الاراء بين الأطباء المختصين. ويمكن استخدام هذا النظام ايضاً لفحص الجنود في ساحات المعارك وتشخيص خطورة اصابتهم في وحدات نقالة أو في سيارات الإسعاف ايضاً لعلاج مجموعات من العمال الموجودين في مناطق نائية عن المراكز الطبية في المدن. وتقوم الشركة الفرنسية حالياً باختبار هذا النظام في المستشفيات الجامعية في كل من مدينتي غرونوبل وبرسيت في الفحوصات الطبية السريرية وتأمل الشركة ببدء تسويق هذا النموذج على صعيد صناعي نهاية العام المقبل بعد ان حصلت على ست شهادات اختراع