لا يقتصر استخدام التقدم العلمي والتكنولوجي على خدمة البشرية فقط، ففي وجهه الآخر يستخدم هذا التقدم لغير هدفه الاساسي. وهكذا منذ ان اصبحت تكنولوجيا التصوير الرقمي في متناول الجميع تضاعف عدد مزوّري العملات الورقية، ما دفع الولاياتالمتحدة الى تغيير اوراقها النقدية كل عشر سنوات او اقل، مع اضافة عناصر جديدة الى اوراق الدولار من مختلف الفئات. في هذا السياق تخرج اليوم من مطابع البنك الفيديرالي الاميركي ورقة نقدية من فئة خمسين دولاراً تحمل رسماً اكبر للرئيس عوليس غرانت مع عناصر جديدة من الصعب تزويرها وتشبه الى حد بعيد العناصر التي تضمنتها ورقة العشرين دولاراً التي وُضعت في التداول العام الماضي. الا ان البنك الفيديرالي يحرص على الحفاظ على الشكل العام للعملة الاميركية بحيث لا يطرأ اي تغيير جذري على معالمها الاساسية. ولا تكتفي السلطات الاميركية بتغيير اوراقها النقدية كرد فعل على عمليات التزوير، بل هي تملك جهازاً سرياً تأسس عام 1865 مهمته مكافحة انتشار الاوراق النقدية المزيفة، وله عملاء سريين وعلنيين في مختلف انحاء العالم يقومون بإخطار المركز الرئيسي في واشنطن بأي اكتشاف لدولارات مزورة في مؤسسات مصرفية او مالية او حتى في الفنادق والكازينوهات. وقد ادت هذه الطريقة، اخيراً الى تحديد مكان طبع اوراق نقدية بوسائل معقدة ومكلفة، فاذا به في كوريا الشمالية ونظراً الى طبيعة النظام هناك فلا بد ان يكون لجهة رسمية ضلع في التزوير. وتبين الارقام اليوم كم ان التصوير الرقمي ساهم في انتشار تزوير الدولار. ففي العام 1995 كانت نسبة الاوراق النقدية المزيفة بواسطة التصوير الرقمي لا تتجاوز واحداً في المئة، اما اليوم فهي 40 في المئة. وتجد الاجهزة الاميركية المختصة بمكافحة التزوير صعوبة مضاعفة في عملها نظراً الى كون 90 في المئة من العملة الاميركية يتم تداولها في الخارج بصورة قانونية وهي تمثل 370 بليوناً، تبلغ حصة منطقة الشرق الاوسط منها حوالي 75 بليون دولار. ويعتقد البنك الفيديرالي الاميركي انه من اصل كل عشرة آلاف ورقة نقدية خارج الولاياتالمتحدة هناك ورقة واحدة مزيفة، ما يعني ان عمليات تزييف الدولار هي ذات تأثير محدود جداً على العملة الخضراء التي تسيطر على اقتصاد العالم.