عندما وقع يوشيهدا ماتسمورا، وهو صاحب شركة صغيرة لصناعة الالكترونيات في طوكيو، ضحية احتيال في جزيرة هونغ كونغ بعد ان زُورت بطاقة الائتمان التي يملكها وأُعطي عملة مزورة من فئة المئة دولار، قرر الانتقام من مزوري العملات والمتاجرين بها من خلال استخدام خبراته في مجال التكنولوجيا المتطورة والاستعانة بمهندسين على درجة عالية من الكفاءة والمعرفة لتطوير جهاز للكشف عن الأوراق المالية المزورة. وبعد أشهر من التجارب نجح في صنع آلة ترسل أشعة خاصة تؤهلها التمييز بين ما هو مزور وما هو صحيح من هذه العملات. وينتج ماتسمورا في معمله الالكتروني 500 آلة في الشهر، في حين وصل عدد الطلبات بعد أشهر على الاعلان عن انزال آلته إلى الاسواق 45 ألف طلب. ومع اعتقال يوشيما تاناكا أحد أعضاء الجيش الأحمر الياباني أثناء محاولته الهرب إلى كوريا الشمالية على الحدود الكمبودية في شهر آذار مارس الماضي، كُشف ان تاناكا كان ضالعاً في الترويج لنوعية ممتازة من الدولارات الأميركية المزورة طُبعت في كوريا الشمالية، وقد عرفت ب "العملة السوبر" أو "السوبر دولار" نظراً للجودة التي تميزت بها والتي يصعب حتى على الخبراء في الأوراق النقدية اكتشاف أنها مزورة. ويقول مسؤولون في إدارة الشرطة الدولية الانتربول تحدثت إليهم "الوسط" إن كمية الدولارات المزورة في السوق العالمية تقدر بعشرات مليارلت الدولارات الاميركية، حصة المنطقة العربية منها مليارا دولار على الأقل. ويقول ماتسمورا إن نوعية الدولارات القديمة الأصلية بسيطة، وهي تشجع المزورين على تقليدها، لدرجة باتت الدولارت المزورة في السوق بنسبة دولار إلى كل تسعة دولارات. ولم تنجح آلات فحص العملات أو خبرات الصرافين البسيطة في كبح جماح التزوير، إذ كانت تكتشف دولاراً واحداً فقط من أصل خمسة أو ستة دولارات، وحين يصل الأمر إلى "السوبر دولار" فإنها تكتشف دولاراً واحداً من أصل تسعة. نقاط الضعف وتعاني العملة الأميركية المزورة من نقص واضح، فآلة ماتسمورا مثلاً قادرة على كشف الدولارات المزورة كونها تفتقر إلى رسوم بيانية واشكال احصائية، كما أن "السوبر دولار" مثلاً فيه ظلال عددها أقل بكثير من عدد الظلال الموجودة في الدولار الأصلي، كما ان سماكة الأوراق المصنعة يمكن استعمالها للكشف عن الخلل وتعريض صاحبها للاستجواب لمعرفة مصدر الأوراق المزورة. ويفضل الخبراء في الكشف عن الأموال المزورة عدم الاعلان عن نقاط الضعف في الدولارات أو غيرها من العملات المزيفة حتى لا يفسحوا في المجال أمام المزورين لتطوير انتاجهم على رغم أن هؤلاء لا يقصرون في استخدام التكنولوجيا الحديثة والمطابع المتطورة. هامش التزوير والمناورة ويذكر مسؤولون في الانتربول أن المزورين يحرصون في بعض الأحيان على عدم تقليد العملة الأصلية ليتجنبوا وقوعهم ضحايا أفعالهم وقبض عملة مزورة من آخرين على أساس أنها اصلية. ويقول الياباني يوشيهدا ماتسمورا إن آلته التي يبلغ ثمنها حوالي 1600 دولار أميركي تلقى رواجاً في الكثير من دول العالم، وقد غطت مبيعاته 40 بلداً من بينهم دول في الشرق الأوسط، اضافة إلى جنوب شرق آسيا وروسيا. وروى أحد زبائنه في موسكو أنه بفضل هذه الآلة نجح في الكشف عن 280 ورقة نقدية مزورة في يوم واحد فقط. ويعرف كبار رجال العصابات الذين يقفون خلف عمليات التزوير وطباعة الأوراق المالية الزائفة حجم الضرر الذي ألحقه بهم صاحب المصنع الياباني الصغير، وهذا ما دفعهم إلى تهديده بالتوقف عن انتاج آلات من هذا النوع. وتعتبر المحلات التجارية في الأسواق المزدحمة وأماكن اللهو ومراكز العطلات السياحية أفضل الاماكن لترويج العملات المزورة واستخدامها، ولا يقتصر التزوير على الدولارات الأميركية فقط، ففي بريطانيا وحدها ذكر احصاء أجراه معهد موري للاستفتاء أن ثلاثة ملايين شخص وقعوا خلال العامين الماضيين ضحايا عمليات التزوير بعد أن قدر حجم الأموال التي كانت في حوزتهم بحوالي 50 مليون جنيه استرليني، وقد رفضت المصارف استلامها، كما رفض أصحاب المحلات التجارية أخذها. ويقول مسؤولون في سوق الأوراق المالية البريطانية إن من بين كل مئة ورقة من العملة البريطانية هناك واحدة مزورة. وطبقاً لأرقام وزعها المصرف المركزي البريطاني فإن الشرطة البريطانية صادرت ما قيمته 12 مليون جنيه استرليني مزورة في العام الماضي، في حين وقعت المحلات التجارية والبنوك ضحية 5،5 ملايين جنيه استرليني. نصائح الشرطة البريطانية وتنصح الشرطة البريطانيين الذين يتداولون الأوراق النقدية البريطانية بالتأكد من أن هذه الأوراق متموجة، وليست مقطعّة أو مشمعة أو لماعة. وأن الكتابة على أحد جانبيها تبدو نافرة أو غير طبيعية، ورسم ملكة بريطانيا يجب أن يبدو واضحاً عندما توضع الورقة النقدية أمام الضوء أم الشمس، اضافة إلى ظهور خيط معدني مقطع في الظل ومستقيم في الضوء. كما ان الخطوط يجب أن تكون حادة والألوان نظيفة ومميزة. وليس البسطاء والناس العاديون وحدهم ضحايا العملات النقدية المزورة، بل أن البنوك المزودة بتقنية متقدمة تقع بدورها ضحايا التزوير، وقد قام بعضها باعطاء زبائنه عملات مزورة فاته اكتشافها. وتوصف العشرة ملايين دولار أميركي المزورة التي عثرت عليها الشرطة في أحد المرائب شرق لندن مطلع العام الماضي بأنها كانت من النوع الصعب تمييزه. وترفض محلات عدة في بريطانيا التعامل بفئة الخمسين جنيهاً استرلينياً، في الوقت الذي يتم الحديث عن وجود عشرات الآلاف من الأوراق النقدية المزورة من فئة العشرين جنيهاً استرلينياً قيد التداول حالياً. ولا يقتصر التزوير في الأوراق النقدية على العملتين الأميركية والبريطانية فقط، إذ تعاني المانيا وبلجيكا وايطاليا وهولندا من هذه الظاهرة، كما أن التطورات المتسارعة في شرق أوروبا ساعدت على التقدم في عمليات التزوير بعد ان استغل رجال العصابات المنظمة الفلتان الأمني، والحدود المفتوحة مع سائر دول أوروبا الغربية. وتقول دوائر الانتربول إن الشرطة الروسية صادرت في العام 1993 عشرة ملايين روبل، وفي العام الماضي صادرت خمسة مليارات روبل. كما صادرت السلطات الصينية في جنوب مقاطعة غوانغ دونغ 35 مليون يوان كانت في زورق صيد تايواني. ومن أصل ال 390 مليار دولار أميركي المزورة والمتداولة في الأسواق، يوجد 250 ملياراً في أيدي أجانب أو غير أميركيين، أي حوالي ثلثي الكمية وذلك لسهولة تزويرها. ومع أن وزارة الخزانة الأميركية لا تعترف بهذا الأمر علناً، فإن انزالها ورقة نقدية جديدة من فئة المئة دولار إلى الأسواق حديثاً مؤشر إلى سعيها للحد من الضرر الذي يلحق بسمعة الدولار الأميركي والثقة به، خصوصاً أن التصميم الجديد الذي ظهر به يحمل تغييراً هو الأول من نوعه عن الشكل الذي ظهرت به هذه الفئة النقدية الأميركية في العام 1928، وتميّزت ورقة المئة دولار بتغير الحبر من اللون الأسود حين تنظر إليها من زاوية إلى اللون الأخضر حين تنظر إليها بشكل مستقيم، اضافة إلى رسم مائي، الأمر الذي دفع محللاً عالمياً معروفاً إلى القول: "يبقى تزوير العملة الورقية البريطانية أمراً أصعب من العملة الورقية الأميركية". وعلى رغم ان الولاياتالمتحدة تملك سمعة طيبة في مجال مكافحة التزوير، بعد نجاح أجهزتها الأمنية السرية في مصادرة 90 في المئة من الأوراق النقدية المزورة قبل وضعها قيد التداول مقارنة بنسبة 80 في المئة في بريطانيا، فإن نشاط عمليات تزوير الأوراق النقدية الأميركية في الخارج جعل مهمة المسؤولين الأميركيين أصعب. حلف المخدرات والتزوير ويروي المسؤولون الأميركيون قصة تظهر حجم معاناتهم، ففي العام 1992 تقدم مهربا مخدرات من مواليد لبنان بطلب للعفو من القاضي الفيديرالي في بوسطن بول كيلي بعد اعترافهما بالتهم الموجهة إليهما لقاء تقديمهما معلومات عن عمليات تزوير فئة المئة دولار أميركي في لبنان، ومع أن الشكوك ساورت القاضي كيلي، فإنه أخذ بكلامهما ووافق على ترتيب لقاء لمشاهدة نماذج من هذه الأوراق المزورة في مطار بوسطن المعروف بمطار لوغان. وقال القاضي بول كيلي "لقد كان من الصعب عليّ التمييز بين العملة الصحيحة والمزورة". وعندما أبلغ جهاز المباحث الفيديرالي بأنه يملك خمس أوراق من فئة المئة دولار المزورة طبعت في لبنان، كان رجال المباحث بعد ثلاث دقائق يقرعون باب منزله. صعوبة التمييز ولا يقتصر عدم معرفة الأوراق النقدية المزورة على عامة الناس، ففي حالة "السوبر دولار" مثلاً، وجد كبار التقنيين الأميركيين في جهاز الاستخبارات الأميركية صعوبة في التمييز، كما فشلت اثنتا عشرة آلة للكشف عن العملات المزورة تابعة للبنك الاحتياطي الفيديرالي في تمييزها عن الأصلية. ويقول مسؤولون في الانتربول: "إن هذا النوع من العملات المزورة ينتشر في أوروبا والشرق الأوسط وروسيا". ويقدر مسؤولون في المصرف المركزي الروسي قيمتها في روسيا بأربعة مليارات دولار أميركي. وخلافاً للولايات المتحدة، قامت بريطانيا بتغيير عملتها النقدية الورقية 6 مرات منذ بدأ المصرف المركزي البريطاني باصدارها في العام 1914. ومع الانتهاء من انزال آخر ورقة نقدية جديدة في العام 1994، أطلق المصرف المركزي البريطاني حملة دعائية لمساعدة المواطنين على التعرف إلى الملامح الأساسية التي تتميز بها عملتهم النقدية الورقية، فوزعت منشورات وأشرطة فيديو تشرح ذلك. لا توجد عملة نقدية ورقية في العالم غير قابلة للتزوير، وإن كانت العملة السويسرية تتمتع بسمعة طيبة على حد قول خبير بريطاني في هذا المجال، أما المصرف المركزي الألماني المعروف بالبوندزبنك، فقد اعترف بحصول 42 ألف حادثة في العام 1993 صودرت خلالها أوراق نقدية مزورة قيمتها 7،5 ملايين مارك الماني وهي نسبة تزيد بشكل واضح على عدد الحالات التي سجلت في العام 1989والتي وصلت إلى 3500 حالة فقط، ولم تتجاوز قيمتها 304 آلاف مارك. ويصف البعض الورقتين النقديتين الألمانيتين من فئة المئة والخمسمئة مارك بأنهما سهلتا التزوير. ومرد ذلك إلى أن تداولهما في الأسواق يكاد يكون نادراً، مع أن التداول النقدي في المانيا متقدم بنسبة كبيرة عن بقية الدول الصناعية. بريطانيا رائدة التزوير ولئن كانت الحروب والصراعات بين الدول تعتبر من قبل بعض الجهات فرصة لتزوير عملاتها، فإن دولة بريطانيا كانت أول من سارت في هذا الدرب، حين راحت طائراتها في الحرب العالمية الثانية تمطر المدن الألمانية أوراقاً نقدية مزورة في محاولة لتدمير الاقتصاد الألماني. ولم يقصر الشيشان الذين يطالبون في الانفصال عن موسكو في اللجوء إلى هذا النوع من السلاح. ويقول المسؤولون إن أوراقاً نقدية روسية من فئة العشرة آلاف روبل تم طبعها في مناطق خاضعة لسيطرة الانفصاليين الشيشان. ويسعى المسؤولون في فنلندا للاعتماد في تداولهم المالي على بطاقات الاعتماد أو ما يعرف في العالم الغربي بالبطاقات البلاستيكية، ويبدو أن مثل هذا الأمر بدأ يلقى تجاوباً في الكثير من الدول، فبعد نجاح تجربة استعمال البطاقات الممغنطة التي تخزن قيمتها المادية الكترونياً، بدأ الكثير من المصارف الكبيرة يستعد لتعميم هذه التجربة على زبائنه، ويتوقع بعض الخبراء الماليين أن يأتي يوم لا يعود فيه لحمل الأوراق النقدية المالية أية قيمة، خصوصاً في ظل المخاوف المنتشرة من زيادة تداول الأوراق النقدية المزورة في الأسواق. ولمواجهة هذا الوضع يطالب البعض بالعودة إلى أيام زمان، حيث كان التداول يقتصر على العملات المعدنية مثل الذهب والفضة. وفي بريطانيا، التي تعتبر أكبر بلد مصنع للأوراق المالية، تأتي شركة دي لارو المنتجة لهذه الأوراق في المقدمة. يقول تشارلز كارديف المدير التجاري للشركة التي تطبع أوراقاً نقدية لحوالي 150 بلداً في العالم في حوار أجرته معه "الوسط" في مختبرات الشركة الواقعة في بلدة بيزنغستوك في الريف البريطاني، انه لا يعتقد بأن العودة إلى التعامل بالذهب والفضة كبديل من الأوراق النقدية باتت ممكنة. ويضيف ان الصينيين كانوا أول من استعمل الأوراق النقدية في مطلع القرن السابع عشر، أما الأوروبيون فقد لحقوا بهم في وقت متأخر من القرن نفسه، وقد كانت العملة حينذاك عبارة عن صكوك وتعهدات تصدرها شركات أو مصارف ومؤسسات مالية أو أفراد. ويضيف كارديف ان المصرف المركزي الانكليزي تأسس في العام 1694، وكانت العملة التي يصدرها بسيطة ومتواضعة، أما الرسوم المائية وغيرها من التفاصيل فلم تظهر إلا في وقت لاحق. لقد كانت العملات التي تطبع على الآلات مصنوعة من الفضة تحمل توقيع مصدرها أو المسؤول عن الخزانة ورسوماً متواضعة، في حين تتميز الأوراق النقدية الحديثة برسوم ملونة وأوراق من نوعية ممتازة يصعب اتلافها. وعن شركة توماس دي لارو قال المدير التجاري "لقد أصدرت أول عملة ورقية في العام 1860 وتحولت في ما بعد إلى أكبر شركة مصنّعة لها في العالم". ويشير إلى ان في دول العالم مطابع للأوراق المالية، لكنها لم تصل إلى التقدم الذي حققته دي لارو وإلى الخبرة التي اكتسبتها. امبراطورية دي لارو وأوضح ان انتاجهم لا يقتصر على الطباعة فقط، بل يشمل تحضير الأوراق النقدية نفسها والنقود المعدنية. وللشركة في الوقت الحاضر مطابع منتشرة في المانياوفرنساوالولاياتالمتحدة وسنغافورة وحتى في بعض الدول الافريقية. كما أن الشركة تنفذ أعمالاً لصالح حكومات كثيرة مثل جوازات السفر وبطاقات الهوية وبطاقات الائتمان أو بطاقات البلاستيك مثل الفيزا وغيرها. وفيما تملك دول مثل فرنساوالولاياتالمتحدةوبريطانيا وحتى المانيا مطابع خاصة لأوراقها النقدية، تعتمد دول عدة في العالم، ومن بينها معظم الدول العربية، على دي لارو في طباعة أوراقها النقدية وذلك لسبب واحد هو ان حجم الدول وعدد سكانها لا يبرر سعيها إلى شراء مطابع ذات تقنية عالية لطبع أوراقها المالية. ويتحفظ كارديف عن ذكر أسماء الدول العربية التي تطبع أوراقها المالية في مطابع شركته وإن كانت دول مثل لبنان والكويت والإمارات وغيرها لا تمانع في ذكر ذلك أو أنها لا تخفي ذلك. ويذكر كارديف أن العملة الفلسطينية في زمن الانتداب وهي الجنيه الفلسطيني كانت تطبع عندنا بايعاز من السلطات البريطانية. ويصف كارديف جزيرة موريشوس بأنها أول بلد طبع عملته النقدية في دي لارو في العام 1860. وذكر ان وجود دي لارو في بريطانيا التي كانت امبراطورية لا تغيب عنها الشمس ساعد في اجتذاب زبائن كثر. ووصف عمل شركته بأنه ازدهر في السنوات الثلاثين الأخيرة، خصوصاً في الستينات وبداية السبعينات حيث أخذت الدول التي تتحرر من الاستعمار وتنال استقلالها تسعى إلى اصدار عملاتها وجوازات سفرها الخاصة بها، مع اننا كنا نخشى أن "تتحول هذه الدول عن التعامل معنا بسبب ماضي بريطانيا الاستعماري، لكن الحقيقة كانت مغايرة لتوقعاتنا ومعظم هذه الدول من زبائننا". وضرب مثلاً دولة الإمارات العربية المتحدة التي شكلت مجلساً للنقد ومصرفاً مركزياً، وهناك الدول التي برزت بعد انهيار الاتحاد السوفياتي والتي سعت في أول توجهاتها إلى انشاء مصارف مركزية وإصدار عملات خاصة بها. وقال إن توماس دي لارو فرنسي الأصل لجأ إلى بريطانيا في القرن السابع عشر بعد ان احتدم النزاع بين البروتستانت والكاثوليك في فرنسا، وسكن في جزيرة غورنسي حيث أقام مشروعاً تجارياً في العام 1813 وأصدر جريدة "لو مروار"، وفي العام 1821 انتقل إلى لندن وأسس مطبعة ومحلاً للأدوات المكتبية، قبل أن يتحول من مؤسسة عائلية إلى شركة خاصة في العام 1896. وفي العام 1914 بعد اشتعال الحرب العالمية الأولى كلفت السلطات الانكليزية شركة دي لارو بطبع أوراق مالية من فئة الجنيه والعشرة جنيهات استرلينية، تلا ذلك تحول دي لارو من شركة خاصة إلى شركة عامة في العام 1925، بعد ذلك اتصلت بها السلطات الصينية لتطلب طبع أوراقها المالية واستمرت الصين زبوناً رئيسياً لمدة 18 عاماً ابتداء من العام 1930. ويقول كارديف إن دي لارو اشتهرت بطبع أوراق اللعب ومنذ أربعين سنة تولت شركة أخرى هذا القطاع. ويبدو من حديث المسؤول في شركة دي لارو أن طبع الأوراق النقدية كان دائماً من نصيب البريطانيين من أصل فرنسي، فبورتال المالك الآخر لمطبعة مماثلة لجأ إلى بريطانيا في العام 1712، وقد نجح من خلال صلة القرابة بحاكم مصرف انكلترا المركزي في طباعة الأوراق النقدية في العام 1724 من خلال تزويد المصرف الأوراق الخاصة بذلك. وقد اشترت دي لارو في العام الماضي المطابع التي كانت لبورتال. ويؤكد كارديف ان الحفاظ على مصالح الزبائن، سواء كان هؤلاء مصارف مركزية أو بنوك أو شركات أو أصحاب أوراق نقدية، هو في رأس أولويات الشركة. وتبذل دي لارو جهوداً لجعل الكشف عن الأوراق المزورة عملية سهلة للمواطنين العاديين، من خلال الاستثمار بشكل فعال في الاختبارات التي تتم من قبل علماء متخصصين يعملون في مختبرات الشركة الخاصة، ولجعل مهمة المزورين صعبة جداً، إن لم تكن مستحيلة. لأن ما تهدف إليه هو أن يكون المواطن واثقاً من العملة التي يستخدمها. ألياف القطن وعن صناعة الأوراق المالية، يقول كارديف إنها مصنعة من ألياف القطن وليس من لب الاخشاب، وهو أمر يريح المهتمين بشؤون البيئة في عصرنا الحديث. كما أن المواصفات التي تتمتع بها ألياف القطن تعطيها القدرة على تحمل الظروف التي تتم فيها عملية التداول. ويوضح كارديف أن ألياف القطن تمنح ورقة العملة الجديدة اللمعان والانتعاش، ناهيك أن الورق قد يتأثر بالرطوبة والحرارة والمطر وغير ذلك، في حين تنجح الأوراق المالية المصنعة من القطن في تخطي هذا الامتحان. ويكشف كارديف عن تقنيات في فن صنع الأوراق النقدية، ويقول ثمة تفاصيل في كل ورقة نقدية تخفى على المواطن، لكن عندما يحين الامتحان للتمييز بين الصحيح والمزور، فإن ذلك يتم بسهولة نظراً للأساليب التي نستخدمها في طباعة أوراقنا النقدية. وتمر طباعة الأوراق النقدية في ثلاث مراحل تقتصر الأولى على طبع الخلفية وتستخدم المرحلة الثانية عدداً من "الأشياء الضرورية" لمنع تزوير العملات من خلال التصوير، وفي المرحلة الثالثة تقوم التقنية المتطورة في الطباعة على وجهي الورقة المالية بجعل عملية التزوير معقدة في حال حصولها. ويلجأ دي لارو إلى استعمال طريقة ايطالية في الطبع لم تعد متوافرة في المطابع الحالية، باستثناء بعض المطابع المتخصصة في صناعة الأوراق النقدية، وهي تتيح للمطابع هذه وضع خيط معدني، بالامكان تلمسه أو الشعور بوجوده في الأوراق النقدية. وتوظف دي لارو أكثر من 30 عالماً على مدار الساعة لمواصلة الابحاث واكتشاف كل جديد من شأنه الحؤول دون تزوير العملات التي تطبعها في وقت بات شبح التزوير يخيم على الكثير من الدول. ويرى تشارلز كارديف ان التزوير شيء يتم بالسليقة، فالعمل الممتاز يجد دائماً من يحاول أن ينسخه أو يقلده. وما تسعى إليه دي لارو هو أن تبقى متقدمة خطوات على هذا الصعيد