عندما يُذكر اسم مدينة بغداد، تستيقظ الأسماء النائمة من سُباتِها في ليالي الذكريات، وتنشطُ الذاكرة، ومع النشاط يتخيل المرءُ قوَّةَ أبي جعفر المنصور وشجاعته، وعلوّ همته التي ورثها عنه البغداديون منذ تحويله ذلك المكان المغمور الذي كان يسمى بغذاذ إلى عاصمة العالم منذ سنة 145ه/ 762م، والتي سماها المدينة المدورة تماهياً مع هندستها المعمارية، فكانت إسماً على مُسَمّى بهمة الخليفة الذي تخلى عن الراحة، وشارك في تخطيط المدينة ومتابعة إنجاز بُنيانها، وأوكل مهمة الإشراف الدائم على أعمال بناء المدينة المدورة إلى الإمام الأعظم أبي حنيفة النعمان الذي يرقد في الأعظمية، فبلغت كلفة بنائها 882 ألف دينار. وجُعِلَت الأسواق على جوانب الطرق الأربعة الرئيسية التي تؤدي إلى أبواب المدينة المدورة الأربعة، وتخترق المسافة التي بين السورين: الثاني والثالث، والفصيل الأقل ارتفاعاً من السورين، وتلك الأبواب هي: باب خراسان من جهة المشرق، وباب الكوفة من جهة المغرب، وباب الشام من الشمال" وباب البصرة من الجنوب، وكانت دكاكين السوق على أطراف الطرقات الأربع. وشُيدتْ للمدينة المدورة أربعة أبواب فرعية أصغر من الأبواب الرئيسية، ولم تكن أبواب القصور الداخلية بمواجهة أبواب المدينة المدورة، وإنما كانت مزورة عنها، ولذلك سميت المدينة باسم الزوراء لازورار الأبواب عن بعضها. كما سماها بعضهم مدينة أبي جعفر المنصور بالله، وشاع لها اسمان لهما علاقة باسمها القديم، وهما: بغداد وبغدان، أما سبب تسميتها بمدينة السلام فمرده إلى أمرين: الأول: لأن نهر دجلة يقال له وادي السلام. والثاني: لأن المدينة - على ما ذكر ابن الفقيه الهمداني - مدينة الله ولأن الله هو السلام، وهذه التسمية المأخوذة من لفظ الجلالة الذي كان يضرب على الدنانير الذهبية، والدراهم الفضية، والناس يدعونها بغداد أو بغدان وهذا الإسم ورد في نشيد. بلاد الْعُرب أوطاني من الشام لبغدان وكانت أسوارُ بغداد المدورة عريضةً، فبلغ عرض قاعدتها 18 ذراعاً، وعرض ذروتها من الأعلى 6 أذرع، أما قصر الخليفة فكانت مساحته 160 ألف ذراع مربع،ومساحة المسجد الجامع: 120 ألف ذراع مربع تعلوه القبَّةُ الخضراء بارتفاع 80 ذراعاً. وبنى الناس المنازل والحمامات والدكاكين، وبعد إتمام البناء رحل الخليفة أبو جعفر المنصور وحاشيته من مقرّه في الهاشمية إلى بغداد سنة 149ه، ومع حلوله في العاصمة توافد إليها طلاب العلم والمعرفة والباحثون عن الرزق فراحت بغداد تتسع، فتمّ بناء الرصافة في الجانب الشرقي من بغداد سنة 159ه فبلغ عدد المنازل 12 ألف منزل، واصبحت الرصافة مقراً للخليفة العباسي المهدي، وتضمن بناء الرصافة سوراً وخندقاً ومسجداً وبستاناً وقصرا للأمارة وقصورًا للحاشية الحاكمة. وشهدت بغداد رعاية حكومية للزراعة المنظمة فازدانت بالبساتين التي تحيط بها مياه نهر دجلة من الغرب، ونهر ديالي من الشرق، فقال المعجبون بها: "الأرض كلها بادية وبغداد حاضرتها". وتفنن الخلفاء العباسيون في رعاية الحضارة والفنون والعلوم حتى أصبحت بغداد "عاصمة الدنيا" ومقصد طلاب العلوم والمعارف والجاه المادي والمعنوي، مما أذهل زوارها لكثرة ما بها من العجائب التي لم تكن تجتمع في مدينة أخرى غيرها في ذلك الزمان. وظلت المدينة المدورة على تلك الحال حتى ضاقت الأسوار عن استيعاب السكان فأمر الخليفة المنصور ببناء الجسر بين ضفتي نهر دجلة، ثم أمر ببناء ضاحية الكرخ، وبنقل الأسواق إليها خارج أسوار المدينة المدورة، وسكن الوافدون من أطراف الدولة في محلة الكرخ إلى جانب أصحاب الْحِرف وعمال السوق فنمتْ وازدهرت وعجت بخليط سكاني عجيب شكل تنوعاً دينياً وعرقياً وثقافياً وفنياً، وملجأً آمناً لليهود الوافدين من أقطار الدنيا، وقد ذكر الرصافة والجسر الشاعر أبو الحسن علي بن الجهم القرشي 188ه - 249ه/ 803 - 863م وذلك في قوله: عيونُ المها بينَ الرَّصافةِ والْجِسْرِ جَلَبْنَ الْهَوَىْ مِنْ حَيْثُ أَدْرِيْ وَ لا أدري أَعَدْنَ لِيَ الشَّوقَ القديمَ ولم أكُنْ سَلوتُ ولكن زِدْنَ جَمْراً على جَمْرِ بغداد العباسية والعباسيون ارتبطت أمجاد بغداد بنهوض الخلافة الإسلامية العباسية التي ورثت الخلافة الإسلامية الأموية سنة 32 1ه/0 75م، وجذبت بغداد العلماء إليها، وأولهم أبو حنيفة النعمان إمام مدرسة الرأي ومن حوله محمد بن الحسن وزُفر وأبو يوسف، ومن التف حولهم من العلماء. وثانيهم الإمام محمد بن إدريس الشافعي الذي كتب كتبه القديمة في بغداد قبل رحيله إلى القاهرة، وكانت مدرسته وسطى بين الأحناف والحنابلة. وثالثهم الإمام أحمد بن حنبل وتلاميذه الذين ألفوا مدرسة أهل الحديث التي أحيت المدرسة المالكية وكونت رابع المدارس الإسلامية، وكانت المدرسة المالكية في المدينةالمنورة. وشهدت بغداد أبهى السنوات في عصر القوة أيام الخليفة هارون الرشيد، وزوجته السيدة زبيدة التي يسمى باسمها درب زبيدة الذي كان يسلكه حجاج بيت الله الحرام من بغداد إلى الكوفة ثم مكةالمكرمةفالمدينةالمنورة، وقد تم تمهيد ذلك الطريق ورصف مناطق كثيرة منه بالحجارة، وأنشأت زبيدة الكثير من البرك وأحواض المياه لشرب المارة على طول تلك الطريق مسافة: 1500 كم، وفي بغداد ازدهرت الصناعات الدقيقة، وأرسل الرشيد هدية إلى شارلمان تتضمن ساعة دقاقة مما لم تكن تعرفه أوروبا حينذاك، وكانت ساعات جامعة المستنصرية عجيبة من عجائب الدنيا، وقد صنعها الساعاتي تغلب البعلبكي سنة 632ه/ 1234م قبل اجتياح هولاكو بأربع وعشرين سنة. وازدهر الأدب في بغداد وتُرجم كتاب كليلة ودمنة، ونسجت قصص ألف ليلة وليلة التي تضمنت الكثير من صور حياة البغداديين وغيرهم، وظرفهم وحُسن معشرهم، وتطور حياتهم، ولما ترجم الأوروبيون ذلك الكتاب منحوه اسم الليالي العربية، ومازالت أطياف تودُّد الجارية، وعلاء الدين والسندباد تطوفُ العالم وتفرض الأسماء على العشاق والمعجبين. وفي أيام عز بغداد الأدبي ازدهر الشعر وقصدها المتنبي وأبو العلاء المعري وأبو تمام والبحتري ومروان بن أبي حفصة، وزَيَّنَ مجالسَها أبو العتاهية وأبو نواس والشريف الرضي وأبو الشيص ودعبل الخزاعي. وفي القرن السابع الهجري كتب ابن الشعار كتابه الموسوعي "عُقود الْجُمان في شعراء هذا الزمان" ويقع في ثمانية مجلدات ضخمة فُقدَ أحدها وبقيت ثمانية منها في المكتبة السليمانية في مدينة اسطنبول، ويتحدث في هذا الكتاب عن مئات الشعراء البغداديين المجهولين. وفي بغداد ازدهرت مقامات بديع الزمان الهمذاني، ومقامات الحريري، والمقامات الزينبية التي كانت تُقرأ في مدارس بغداد ويسمعها الشيوخ وعلى رأسهم إمام الأحناف ابن الساعاتي مؤلف كتاب بديع النظام الجامع بين أصول البزدوي والإحكام المتوفى سنة 694ه/ 1294م. أما مجالس الغناء والموسيقى فكان لها أثر بالغ في نفوس الناس في العصر العباسي الأول حيث جذبت بغداد المغنين والمغنيات ونثرت عليهم الأموال نثراً منذ أيام المهدي العباسي وتبعه الهادي ثم هارون الرشيد الذي صارت في عهده للمغنين مراتب وطبقات: الطبقة الأولى: إبراهيم الموصلي، وإسماعيل أبو القاسم، وابن جامع، وزلزل. الطبقة الثانية: سليم بن سلام، وعمرو الغزال، ومن شابههما. الطبقة الثالثة: أصحاب المعازف والصنوج والطنابير وعلى قدر ذلك كانت تخرج جوائزُهم وصِلاتُهم، وبرز ما يشبه التخصصَ الموسيقي في كل آلة من الآلات. وارتفعت أسعار الجواري المغنيات وصارت صنعةُ الغناء مهنةً في العصر العباسي الأول، فصارت أثمان بعضهن غالية مثل زبيدة قينة ابن غانم، وحثيثة جارية عوف، وكان للقيان والجواري الفضل في نهوض الموسيقى ورُقيّ الآداب العامة، والشعر بصورة خاصة حيث ساهم الغناء بنشر الشعر في مجالس الطرب وحظي برعاية البغداديين، واشتهرت المغنيات في بغداد، مثل عُريب المأمونية، ودنانير جارية محمد بن كناسة، وقيم الهشامية ومحبوبة ووحيد التي أغرم بها الشاعر إبن الرومي، ومازال الموال البغدادي منتشراً في عالم الغناء، أما المقامات الموسيقية البغدادية فما زالت تتطور في بغداد والموصل وكركوك. واتسعت بغداد مع الأيام وتطورت مرافقها العامة، وكثرت فيها الجوامع والمساجد والمدارس والجامعات والمشافي، وشهدت نهضة طبية وصيدلانية بشرية، كما تطور فيها الطب البيطري الخاص بالحيوانات، إلى جانب طب البيزرة الخاص بالطيور ولا سيما الجارحة منها كالصقور، ولم يقتصر التطور على مساكن المدنيين بل شمل ثكنات الجُند، وما يتبعها من اسطبلات الخيول ومصانع العربات ومراكز البريد والأسواق والحمامات والحدائق العامة والشوارع. وتتابع التطور الحضاري في بغداد مع مرور السنين فازدانت بغداد بالمعالم العمرانية التاريخية الكثيرة الدينية والدنيوية، ومنها: جامع المنصور، وجامع الإمام الأعظم أبو حنيفة النعمان، ومرقد الإمام أحمد بن حنبل في باب حرب، والمرقد الكاظمي، والحضرة القادرية، ومرقد الشيخ عمر السهروردي، وكنيسة اللاتين، وكنيسة الأرمن الأورثوذكس، وكنيسة الكلدان، وكنيسة السريان الكاثوليك، ومن آثار بغداد العريقة المدرسة المستنصرية، والقصر العباسي، والمدرسة المرجانية التي تعرف حالياً باسم جامع مرجان، ومنها خان مرجان، وسور بغداد الشرقي وأبوابه، باب المعظم، وباب الظفرية الوسطاني، وباب الحلبة، وباب البصلية. وفي العصر الحديث ضمت بغداد العديد من المتاحف، وأبرزها المتحف العراقي، والمتحف البغدادي، متحف الأزياء والمأثورات الشعبية، ومتحف التاريخ الطبيعي، ومتحف الفنانين العراقيين الرواد، والمتحف الوطني للفن الحديث، كما توجد فيها مكتبات التراث العربي المخطوط الغنية بمخطوطاتها مثل مكتبة المتحف الوطني، ومكتبة وزارة الأوقاف العراقية، وإلى جانب المتاحف توجد الأسواق مثل سوق الصفافير، وسوق البزازين، وسوق السبح سوق الاستربادي، وسوق السجاد والبسط. من عاصمة عالمية الى مدينة مهجورة ظلت بغداد عاصمة للعباسيين حتى اجتاحتها قوات هولاكو سنة 656ه /258م، ولما حصل ذلك الاجتياح تمَّ إعدامُ الخليفة العباسي المستعصم بالله، كما أعدم أستاذُ دار الخلافة محيي الدين يوسف ابن الجوزي ومعه أولاده العلماء عبد الرحمن وعبد وعبد الكريم، ومعهم كبار علماء أهل السنة والجماعة الذين كانوا يسكنون الرصافة وبغدادالشرقية، وكانت ساحة الإعدام عند باب كلواذى بظاهر أسوار بغداد، ولم يكتف التتار بقتل العلماء بل ألقوا مخطوطات بغداد في مياه نهر دجلة بتحريضٍ من بعض المتعاونين مع الغُزاة. أما منطقة الكرخ فكانت مقر إقامة وزير الخليفة المدعو ابن العلقمي الذي هلل للقوات الغازية والتقى مستشارهم الخواجة نصير الدين الطوسي الذي قدم معهم، وتمت مكافأة ابن العلقمي ببقائه في منصبه بعد مقتل الخليفة العباسي المستعصم، أما الطوسي فاصطفى مجموعة من كتب الفلسفة والفلك والطب ونقلها إلى مرصد مراغة، وذاق أهالي بغداد كل أنواع الذل على أيدي الغزاة، وبعد ذلك قامت الخلافة العباسية في القاهرة، وبقيت فيها حتى حوَّلها السلطان العثماني سليم الأول إلى إسطنبول سنة 1517م، وما زالت بعض مخطوطات الخليفة العباسي الأخير موجودة في مكتبة كوبريلى في إسطنبول. ووقف الشعراء على أطلال بغداد ورثوا بشرها وشجرها وحجرها، وملاعب الصبا، وأسهب المؤرخون في سرد صور المأساة التي صنعها نظام هولاكو الجديد في عاصمة المسلمين، ومما قاله المؤرخ الإمام ابن كثير في تاريخه: "استهلت سنة 656ه/ 1258م … وكان قدوم هولاكو بجنوده كلها - وكانوا نحو مئتي ألف مقاتل - إلى بغداد في ثاني عشر المحرم من سنة 656ه/ 1258م، وهو شديد الحنق على الخليفة … فأحاطوا ببغداد من ناحيتها الغربية والشرقية … وقتلوا جميع من قدروا عليه من الرجال والنساء والولدان والمشايخ والكهول والشبان، ودخل كثير من الناس في الآبار وأماكن الحشوش، وكمنوا أياماً لا يظهرون، وكان الجماعة من الناس يجتمعون إلى الخانات ويغلقون عليهم الأبواب فتفتحها التتار إما بالكسر وإما بالنار، ثم يدخلون عليهم فيهربون منهم إلى أعالي الأمكنة فيقتلونهم بالأسطحة، حتى تجري الميازيب من الدماء في الأزقة، فإنا لله وإنا إليه راجعون، وكذلك في المساجد والجوامع والربط، ولم ينج منهم أحد سوى أهل الذمة … ومَن التجأ إليهم، أو إلى دار الوزير ابن العلقمي، وطائفة من التجار أخذوا لهم أماناً بذلوا عليه أموالاً جزيلة حتى سلموا وسلمت لهم أموالهم" للمزيد من التفاصيل انظر تاريخ ابن كثير، أحداث سنة 656ه. واستمرت حملات اجتياح بغداد فبعد هولاكو اجتاحها تيمورلنك وقتل عشرات الآلاف من السكان، ثم حررها منه السلطان احمد، ولكن تيمور لنك عاد إلى بغداد فحاصرها أربعين يوما حتى استسلمت فأمر بإبادة سكانها، وهدم وتدمير منازلها وجوامعها، وعلى رغم ذلك أعاد البغداديون بناء أجزاء من مدينتهم ثم احتلها قره يوسف وقتل الكثير من سكانها. وما كادت تسترد أنفاسها حتى اجتاحها عنوةً شاه جهان حاكم تبريز الإيرانية بعد حصار طويل، ثم قام بقطع رؤوس جميع الذكور في المدينة وعيّن على المدينة الوالي "محمد الطواشي"، ولكن جيوش التركمان التي عرفت بالخروف الأبيض طردت القوات الإيرانية بعد حرب ضروس. ولما قويت دولة إسماعيل الصفوي في تبريز قام بالإجتياح التاسع للمدينة فأمر بذبح جميع سكان بغداد من المسلمين السنة، وهدم قبور أئمتهم السنة، وعيّنَ خادمه خليفة حاكماً فيها وأطلق عليه لقب "خليفة الخلفاء" للسخرية من المسلمين، مما أثار نخوة السلطان العثماني سليم الأول فتوجه نحو بغداد ولما اصطدم بالجيش الصفوي ضرب المماليك مؤخرة جيشه من ناحية سورية، ولكن السلطان سليم احتل تبريز عاصمة الصفويين، وأسقط حكم المماليك في سورية ومصر سنة 1517م. وقدم العثمانيون الدعم لتحرير بغداد بمساعدة القائد الكردي ذو الفقار بن علي وعشيرته، ولكن شاه إيران "طهماسب" تسلّم الحكم الإيراني سنة 1524 واستغل حروب الدولة العثمانية على جبهة النمسا الأوروبية فهاجم بغداد على رأس جيش وحاصرها من دون أن يتمكن من دخولها إلا بالتآمر مع الأخ الأكبر للوالي الكردي ذو الفقار حيث قام أخوه بفتح أبواب بغداد ليلا للجيش الإيراني الذي ارتكب مجازر في المدينة ولم يغادرها إلا بعد تعيين الأخ الذي غدر بأخيه والياً على بغداد واطلق عليه لقب "سلطان علي ذو الفقار كش" أي "قاتل ذو الفقار" وكان هذا السقوط الحادي عشر لبغداد. بعدما استقر وضع الجبهة الأوروبية العثمانية سنة 1534 حاصر السلطان العثماني سليمان القانوني بغداد فحررها من الصفويين وأمر بإعادة بناء المدارس والمساجد الإسلامية السنية التي هدمها الصفويون، وازدهرت بغداد بعض الشيء في ظل العثمانيين، ثم احتل الفرس بغداد سنة 1623 وقتلوا المسلمين السنة فيها فبدأت الحرب بين العثمانيين والإيرانيين، وأخذت طابعاً مذهبياً بين المسلمين السنة والشيعة فاستمرت خمس عشرة سنة مما دفع السلطان العثماني مراد الرابع إلى قيادة الجيش العثماني والتوجه نحو بغداد فحاصرها حتى تمكن من تحريرها سنة 1638، وفرض الصلح على إيران. وبقيت بغداد تابعة للعثمانيين حتى احتلها الإنكليز سنة 1917، ثم سلموها للحكم الملكي الهاشمي الذي بدأ بفيصل الأول ثم غازي الأول ثم فيصل الثاني، ثم انتهى الحكم الهاشمي في العراق بمجزرة قصر الرحاب سنة 1958. ثم تتابعت الانقلابات العسكرية الدموية في العهد الجمهوري ابتداءً بعبدالكريم قاسم 1958، ثم عبدالسلام عارف 1963، ثم عبدالرحمن عارف 1966، ثم أحمد حسن البكر 1968، ثم صدام حسين 1979 الذي اجتاحت بغداد في أيامه القوات الأنكلو - أميركية ابتداء بمنطقة الكرخ كما كانت الحال على مرِّ التاريخ