يبلغ السابعة من العمر، وعندما تسأله ماذا يكره، يجيبك على الفور ومن دون أدنى تردد: المدرسة. أما الدافع وراء هذا الكره فواضح وضوح الشمس، فالطفل عندما يقرأ "يتعتع"، وعندما يكتب تنهمر دموعه بغزارة، فهو يعاني من حالة تسمى طبياً بعسر صعوبة القراءة Dyslaxie. توماس اديسون، وينستون تشرشل، ألبرت اينشتاين كلهم كانوا يعانون من عسر القراءة في صغرهم ولكنهم مع ذلك أصبحوا عباقرة زمانهم، إلا أن هذا، لسوء الحظ، لا يحدث لكل الأطفال الذين يعانون من هذه المشكلة. ان مشكلة عسر القراءة معروفة منذ أمد طويل، إلا أن الأطباء لم يعيروها اهتماماً إلا في الثمانينات من القرن المنصرم حيث استعمل للمرة الأولى في العام 1987 الباحث الألماني رودولف بيرلين تعبير عسر القراءة ليصف حال الأطفال الذين يعانون من صعوبات في الفهم والتعلم. وتشير الاحصاءات الى أن عسر القراءة متفش بكثرة، ففي الولاياتالمتحدة أكثر من 20 مليون طفل يعانون من المشكلة، وفي فرنسا دلت الاحصاءات أن واحداً من ستة يشكون منها. ان الأسباب التي تقف وراء عسر القراءة غير معروفة وكل ما يقال عنها مجرد افتراضات وتكهنات لا أكثر ولا أقل. لردح طويل من الزمن كان يعتقد أن المرض سببه اضطرابات نفسية، أو عاطفية، ولكن النظرية الأكثر ترجيحاً تلك التي تقول بوجود خلفية عصبية أو وراثية، وما يرجح كفة هذه الأخيرة أن باحثين بريطانيين تمكنوا من عزل مورثة جينة مشبوه بها بأنها قد تكون السبب. طبعاً هناك فرضيات أخرى ولكنها ما زالت حتى الآن حبراً على ورق. وأياً كانت الأسباب التي تقف وراء عسر القراءة يجب التشديد على نقطتين مهمتين: الأولى، هي أن لا ناقة ولا جمل للآباء ولا للمعلمين في ظهور عسر القراءة، والنقطة الثانية، وهي الأهم، ضرورة كشف المرض باكراً قدر المستطاع، فالتشخيص الباكر ممكن بشكل عام اعتباراً من السنة السادسة من العمر، ولكن بالامكان الشك فيه اعتباراً من السنة الثانية من السن، فاكتشاف الداء باكراً يعطي الفرصة للطفل كي لا يقع في مطب الفشل في الدراسة والمدرسة والحياة. يمكن الاشتباه بوجود عسر القراءة عند ملاحظة عارض أو أكثر من العوارض والعلامات الآتية: خلل واضطراب في الذاكرة الآنية. نسيان الطفل ماذا يتوجب عليه أن يعمل أو يفعل. نسيان الطفل للمعلومات والتعليمات. الشرود. اضطرابات في السمع. ارتكاب أخطاء في الأحرف المتشابهة. البطء في تعلم القراءة بالمقارنة مع الأطفال في عمره. صعوبة الكتابة. صعوبة في اللفظ. صعوبة النسخ. صعوبة فهم ما يقرأ. فهم النص في حال القراءة بصمت أكثر من فهمه بصوت عال. صعوبة وضع الأحرف الكبيرة في العبارة. سهولة الرؤية في الأبعاد الثلاثة. صعوبة متابعة خط سير محدد. صعوبة في انجاز مهمة معقدة. صعوبة في تقدير المسافات. صعوبة فهم الخرائط الجغرافية. صعوبة في تحديد الاتجاهات. صعوبة في فهم التوقيت، اللوائح. صعوبة فهم وحفظ جدول الضرب. صعوبة في وصف الأشخاص أو الأمكنة. نسيان الكلمات المستعملة في الحوار. صعوبة تهجئة الكلمات، وتكون التهجئة جيدة بالصوت العالي أكثر منها عند الكتابة. نقطة أخيرة لا بد من التنويه بها وهي اعطاء الطفل زيت السمك لغناه بالأحماض الدهنية "أوميغا 3" المفيدة لنمو وتطور الدماغ والأعصاب وشبكية العين