حقق العلماء خطوة عملاقة في ميدان الانتاج المستديم للكهرباء عن طريق البكتريات، ما أنعش الآمال بتحقيق البطاريات الجرثومية لتأخذ مكان البطاريات التقليدية المفعمة بالمواد السامة، ناهيك عن تكاليفها الباهظة. ان قدرة البكتريات على انتاج الكهرباء معروفة لدى العلماء منذ فترة. لكن الجديد الذي اسفرت عنه تجارب باحث الماني، هو كمية الكهرباء التي تم الحصول عليها والمقدرة ب1.5 ميلي أمبير في السنتيمتر المربع الواحد وهو رقم قياسي مقارنة بما تم الحصول عليه مسبقاً. وقد استخدم الباحث الالماني خلايا عضوية صغيرة جداً على شكل العصيات موجودة في الطبيعة ولا سيما في امعاء الانسان. ويعتبر هذا الإنجاز خطوة مهمة جداً في طريق تطوير البطارية الجرثومية ، التي تستمد طاقتها من البكتريات. بمعنى آخر تخيّل انه لشحن بطارية هاتف نقّال يكفي ان يتم وصلها بخرطوشة من الماء القذر. ويهدف العلماء الى تطوير بطارية حيّة بفضل هذا الاكتشاف تكون رخيصة الثمن ونظيفة تتخذ من المواد العضوية مادتها الخام لتوليد تيار كهربائي متجدد. لقد لجأ الباحثون الى اجراء بعض التعديلات داخل البكتريات وتبين انها عندما تهضم المواد العضوية تجد نفسها مشحونة او مخزنة بالالكترونات بأعداد كبيرة ولا بد لها من التخلص منها قبل ان تخرب آلية عملها البيوكيماوية. تتخلص البكتريات من هذه الالكترونات، في الحالات الطبيعية بفضل الاوكسجين الموجود في الهواء الذي يتحد مع الالكترونات والبروتونات الناتجة عن تحلل وتفكك المواد العضوية ليشكل الماء وهو مركّب غيري ضار بالبكتريات. وقد تمثلت براعة الباحثين في الغاء التفاعل المؤدي الى تشكّل الماء وابعاده عن البكتريات لإجبار الالكترونات على التنقل والمرور عبر دارة كهربائية قبل ان تصبح محيّدة ولهذا السبب لا بد للبطارية ان تشتمل على جزئين، الاول كتيم لا يدخله الهواء ومليء بالبكتريات العازلة للالكترونات، والثاني معرّض للاوكسجين ويكون مسرحاً للتفاعل الذي يؤدي الى تشكيل الماء، اما التيار الكهربائي فهو حصيلة انتقال الالكترونات بين هذين القسمين. ان ال1.5 ميلي امبير / سم2 التي حصل عليها الباحث الالماني شرودر تحت توتر 0.2 فولت تعتبر كمية متواضعة مقارنة باستهلاك جهاز كومبيوتر نقال مثلاً يحتاج الى 5 أمبير بتوتر 15 فولتاً. وبحسبة بسيطة نجد ان تشغيل هذا الجهاز يحتاج الى دمج 3 آلاف بطارية حيوية. لذلك فان البطارية الحيوية الفعالة لا تزال بحاجة الى رفع شدة التيار الكهربائي، اي كمية الكهرباء المارة بموصل خلال وحدة زمنية معينة، وتمثل شدة التيار في البطارية الحيوية كمية الالكترونات التي تعبر الدارة في الوقت نفسه وتتوقف على عدد البكتريات التي تبث الالكترونات ومدى فعالية استقلابها وسطح الالكترودات التي تجمع الالكترونات وعلى رغبة البكتريا في اعطاء الكتروناتها. وللخروج من هذا المأزق استبدل الباحث الالماني شرودر الوسيط الكيماوي الذي أدخله بعض علماء الاحياء والالكترونيات لحصر الالكترونات الجرثومية بقشرة من مادة البولير الموصلة على سطح القطب الموجب في البطارية تقوم بامتصاص الكترونات البكتريات التي تمر بالقرب منها. كما نجح العلماء في التخلص من احادي اكسيد الكربون الذي يؤدي تجمعه الى عزل الالكترود وتتولى الدفعات الكهربائية القصيرة أكسدته وإجباره على الانفصال. ويتوقع العلماء ان تدخل البطاريات الحيوية او الحيّة حيز التشغيل في المواقع الصناعية قبل حلول العام 2008 اي في مجال الصناعات الغذائية ومحطات التنقية والتكرير. وستكون لها وظيفة مضاعفة اذ ستخلّص هذه المواقع من النفايات العضوية وتحولها الى طاقة كهربائية. أما الاحجام المصغرة من هذه البطارية فلا يتوقع تسويقه قبل العام 2010 او 2015 على أبعد تقدير