تسعة أشخاص من أصل عشرة يحبون الشوكولاتة أما العاشر فكذّاب. هذا ما جاء مرة على لسان الرسام الأميركي للصور المتحركة جون توليوس. الامبراطور الفرنسي نابوليون بونابرت كان مولعاً بالشوكولاتة، إذ كانت رفيقته في غزواته العسكرية، لشحن قدراته البدنية والعقلية ووضع خططه العسكرية. كثيرون يقبلون على الشوكولاتة بنهم شديد، وآخرون يجرعون المزيد منها لأهميتها وفائدتها في إبعاد شبح الأمراض القلبية الوعائية. صحيح ان الشوكولاتة مفيدة للقلب والشرايين، فهي تحتوي على مركبات "الفلافونيد" المشهورة بفعلها المضاد للأكسدة ووقوفها حجر عثرة أما تكدس والتصاق الصفيحات الدموية، الأمر الذي يجعل الدم أكثر ميوعة وسيولة وهذا له أكبر الأثر في منع حدوث الخثرات والجلطات التي تحمل معها الكثير من الويلات، خصوصاً على صعيد القلب والدماغ. ولكن السؤال الذي يحوم في الأذهان هو: هل الإكثار من أكل الشوكولاتة يعني المزيد من الفائدة؟ هذا السؤال كان محط أنظار العلماء الأميركيين في كاليفورنيا. ولكي يجيبوا على السؤال المطروح قاموا بدراسة طالت 18 ألف شخص يتمتعون بصحة جيدة، فأعطي هؤلاء 25 غراماً من الشوكولاتة، وبعد ساعتين الى ست ساعات من التهامها، شرع البحاثة بفحوصات دموية فكانت دهشتهم كبيرة عندما وجدوا ان تركيز مادة الفلافونيد في الدم ارتفعت، وفي الوقت عينه لاحظوا ان التصاق الصفيحات الدموية أصبح أقل مما كان عليه قبل أكل الشوكولاتة. بعد ذلك لجأ الباحثون الى مضاعفة جرعة الشوكولاتة أربع مرات أي 4×25غ فكانت النتائج التي حصلوا عليها شبيهة تماماً بتلك التي وجدوها عند اعطاء 25 غراماً من الشوكولاتة، وبناء على ذلك ينصح العلماء بأكل كميات قليلة من الشوكولاتة لتحقيق الفائدة المرجوة منها، وأنه لا داعي أبداً للإكثار منها ما دامت النتيجة واحدة. وإذا كان هناك من يحب التهام المزيد من الشوكولاتة لكي يشحن جسمه بمركبات الفلافونيد، فما عليه سوى التوجه نحو الخضر والفواكه فهي تعج بالفلافونيدات، في مقابل فقرها بالطاقة بالمقارنة مع الشوكولاتة. أما البدناء فهم مدعوون لهجرها لأنها غير مناسبة نظراً الى الوضع الذي هم فيه. وبالنسبة الى المصابين بالداء السكري فباستطاعتهم شرب الشوكولاتة الخالية الدسم. ومن باب العلم بالشيء فإن الشوكولاتة بالحليب فقيرة بمركبات الفلافونيد بالمقارنة مع الشوكولاتة السوداء. إن مركبات الفلافونيد لا توجد في الشوكولاتة وحسب، بل نجدها في أغذية كثيرة، مثل الشاي والعنب والتفاح والبصل، فهذه المركبات المعقدة لها أهمية كبيرة على صعيد الصحة لأنها تقف بالمرصاد ضد الأمراض التي تهدد الجسم وتحاول النيل منه. تملك الفلافونيدات فعلاً قوياً مضاد اًللأكسدة تساعد الجسم على التخلص من الجذور الحرة التي لا هم لها سوى الالتصاق هنا وهناك حاملة معها الخراب والدمار. صحيح أن هناك مواد أخرى مضادة للأكسدة مثل الفيتامين "ث" والفيتامين "ي" E، وبيتا - كاروتين، لكن هذه تمارس عملها في أماكن محددة. أما الفلافونيدات فنجدها في كل مكان، سواء داخل الخلية أو خارجها. وتقوم الفلافونيدات بمهمات عدة في الجسم فهي تشد من عزيمة الجهاز المناعي، وتقي من السرطان، وتحمي الشرايين من التصلب، وتبطئ من عجلة الشيخوخة. في اطار دراسة انجزت على أكثر من 800 شخص تتراوح أعمارهم بين 65 و84 عاماً، وجد البحاثة أن أولئك الذين يكثرون من أكل الأغذية الغنية بالفلافونيدات، هم أقل تعرضاً من غيرهم للاصابة بالأمراض القلبية الوعائية بمعدل النصف تقريباً وأن الوفاة بمرض في القلب هبطت بنسبة الثلث. وتملك الفلافونيدات أهمية خاصة على صعيد الكبد، فبعض المستشفيات الأوروبية يلجأ الى مادة "سيليرامين" التي تنتمي الى عائلة الفلافونيدات، لعلاج بعض الاصابات الكبدية الناتجة عن شرب الكحول. لقد كشف العلماء ان اعطاء مادة سيليرامين للمصابين بتشمع الكبد الناتج عن الكحول، يساهم في انقاص نسبة الوفيات الى النصف. وفي تجربة انجزت على الحيوانات أوضح البحاثة ان حقنها بمادة سيليرامين قبل العملية الجراحية ساهم في حماية الكبد من آثار نقص الاوكسجين خلال المداخلة الجراحية. أما عن أهم مصادر الفلافونيد فنذكر: البصل، الملفوف، القنبيط، الفاصولياء الخضراء، البروكولي، القنديف، الكرفس، الحمضيات، التفاح، العنب، الشاي، الخس، البندورة، الفليفلة الحمراء، الفول، الفريز، وبالطبع الشوكولاتة