مثلما يقال عن البرازيليين انهم يولدون لاعبي كرة، يقال كذلك عن فرانشيسكو توتي. فهذا اللاعب الايطالي الخارق بدأ يتحدى أقرانه منذ كان لا يزال في سن الخامسة، بل انه غالباً ما كان يتحدى الأكبر منه بثلاث سنوات، وأين؟ على رمال الشاطئ الأقرب الى روما. لم يكن الفتيان يرغبون في ضمه الى صفوفهم خوفاً عليه من أقدامهم، فهو لا يزال طري العود، كما قالوا لوالده الذي كان يراقب طفله المندفع بين الأكبر منه يصارعهم محاولا انتزاع الطابة منهم. وانتهى الأمر لمصلحة توتي، فقد أثبت جدارته بل وتفوقه على رمال شاطئ تورفانيكا، حيث انطلقت اسطورة فرانشيسكو الذي يعتبر اليوم أفضل لاعب ايطالي ويقارنه مواطنوه بالكبار الايطاليين التاريخيين، أمثال جياني ريفيرا صاحب الكرة الذهبية لعام 1969. وفي روما يكاد توتي يحتكر اعجاب عشاق الكرة. فهو دينامو فريق روما وقلبه الى الأبد. واللافت ان اللاعب روماني حتى العظم، فتعلقه بناديه مسألة عاطفية قبل كل شيء، والدليل ان العروض التي تنهال عليه كثيرة ومغرية، من ايطاليا ومن خارجها، لكن مصيرها الرفض. عندما اتخذ فرانشيسكو قراره المصيري بامتهان لعبة كرة القدم في العام 1989 كان في الثالثة عشرة من عمره، لكنه كان قد أمضى ست سنوات متنقلاً بين فرق فتيان العاصمة، وفي الوقت نفسه كان موضع مراقبة الفرق الكبيرة: لازيو روما وميلان اي. سي. وروما. أول الطامحين للحصول على خدمات الموهبة الايطالية الناشئة كان لازيو ثم ميلان اي. سي الذي عرض على توتي - وأهله - مئة مليون لير 65 ألف دولار. لكن فرانشيسكو لم يكن يحلم الا بفريق روما وارتداء قميص جيوسيبي جانيني الذي طالما كان معبود الفتى. وسرعان ما وجد فرانشيسكو نفسه في مركز تدريب الفريق الروماني، الأمر الذي أراح والدته فيوريللا التي كانت تخشى على ابنها اليافع مغادرة المنزل العائلي الى ميلانو على مسافة اكثر من 600 كلم، فيما هو لم يبلغ الرابعة عشرة بعد. ولقد واظبت الأم على مرافقة ابنها صباح كل يوم الى مركز التدريب ولم تتركه مرة لوحده قبل أن ينضم الى الفريق الأول حيث عهدت بالمهمة الى اللاعب فابيو بيترروزي صديق العائلة اصطحاب فرانشيسكو بسيارته الى النادي، خوفاً عليه من قيادة السيارة بسرعة. الاصغر في الدوري لم يكن فرانشيسكو قد بلغ الثامنة عشرة عندما بدأ يلعب في الدرجة الأولى. ففي الخامسة عشرة كان احتياطياً في فريق الدرجة الأولى، فقد لفت أنظار المدرب الذي أشركه في تدريبات الكبار قبل أن يسجله على لائحة لاعبي احدى مباريات الدوري الايطالي. كان ذلك في 28 آذار مارس 1993 في مبارة بريشيا - روما صفر - 2 التي خاض غمارها طوال ثلاث دقائق وله من العمر 16 سنة ونصف السنة ليصبح بذلك ثاني أصغر لاعب في تاريخ ايطاليا يلعب في الدوري الايطالي بعد اميديو اميدي 1936. وسرعان ما أصبح الفتى فرانشيسكو ظاهرة الملعب الاولمبي في روما، اذ راح أنصار فريق روما يطالبون باشراكه في المباريات، ولا يترددون في احراج المدرب كلما وجدوا لاعبهم على مقاعد الاحتياطيين، الى درجة انهم كانوا يصفرون للمدرب كارليتو مازوني مستهجنين. ولم يبلغ توتي مرحلة النضوج الفعلي الا تحت ادارة المدربين التشيكي زينيك زيمان والايطالي فابيو كابيللو، فمع الأول اصبح قائداً لفريق روما بدلاً من الدير، ومع الثاني خطا خطوة كبرى ليفوز مع روما بلقب بطل ايطاليا ويلمع نجمه في كأس الامم الأوروبية عام 2000. في السادسة والعشرين لا يزال امام توتي اقل من عشر سنوات ليلهب الملعب الاولمبي الروماني، وهو على كل حال قرر ان يمدد عقده مع روما ست سنوات اضافية وحتى حزيران يونيو 2006 في مقابل أجر سنوي تصاعدي يراوح بين أربعة ملايين دولار وستة ملايين. لكن الأهم هو ان المهاجم - المساعد كلما تقدم به العمر يزداد تألقاً