سجلت تقنية الانترنت في السنوات القليلة الماضية قفزات نوعية لم تحققها أية تكنولوجيات من قبل على صعيد سرعة الانتشار، غير أن الملامح الفيزيائية الاميركية التي غلبت على الشبكة العنكبوتية بين الاعوام 1994 و2000، بدأت بالتراجع والانحسار لمصحلة الألوان الأوروبية والآسيوية، وهذا ما توصلت اليه الدراسة التي قام بها معهدا Nielsen Nat Ratings وNUA وأكدت أرقامها التقديرية ان عدد مستخدمي الانترنت في العالم تجاوز 605 ملايين شخص، أي ما يعادل 9.68 في المئة من سكان المعمورة وعدد السيارات التي تطوف شوارع وطرقات القارات الخمس في العالم. وتدل مراجعة سريعة لتاريخ تقنية الانترنت على الوتيرة المتسارعة لانتشار وتشعب هذه الشبكة، فقد بلغ عدد مستخدمي الانترنت في نهاية العام 1994 38 مليون شخص، وارتفع هذا الرقم ليتجاوز 50 مليوناً في بداية العام 1997، ثم تضاعف في العام التالي الى ان تجاوز في نهاية العام 2000 عتبة 400 مليون شخص، وبعد أقل من سنة أي في شهر تموز يوليو من العام 2001 بلغ عدد مستخدمي الانترنت في العالم أكثر من نصف بليون شخص. وقد ترافقت هذه الزيادة مع اعادة توزيع خريطة الاستهلاك، حيث باتت القارة الأوروبية تشكل أهم تجمع للاتصال بشبكة الانترنت، اذ يفوق عدد مستخدمي هذه التقنية في القارة العجوز 191 مليون نسمة أي ما يساوي 31.5 في المئة من مجموع المبحرين في العالم، ويتركز 60 في المئة من مستخدمي الانترنت الأوروبيين في الدول الاسكندينافية وهولندا، حسب تقارير دائرة تنظيم الاتصالات الأوروبية. غير أن أهم زيادة في هذا المضمار شهدتها منطقة آسيا والمحيط الهادي التي تضم 182 مليون مستخدم للانترنت. وبهذا تجاوزت العدد الموجود بلدان اميركا الشمالية أي 182 مليوناً. ومن المقرر ان تتسارع هذه الوتيرة في البلدان الآسيوية خلال السنوات القليلة المقبلة، اذ تشير تقديرات معهد NUA الى تجاوز عتبة 235 مليوناً بحلول العام 2004. ان تطور الانترنت الضعيف في كل من كندا والولايات المتحدة يدفع المحللين الى الاعتقاد بأن السوق بلغت حد الإشباع، مستندين أيضاً الى التراجع المتواصل في معدل الاقبال على استخدام الانترنت الذي انخفض من 36 في المئة في العام 2001 الى 30 في المئة حتى نهاية شهر تشرين الأول اكتوبر من العام الحالي. وتشير التوقعات المستندة الى الدراسات الميدانية الى انخفاض هذه النسبة الى 26 في المئة في العام 2004 في كل من كندا والولايات المتحدة. وفي المقابل تواصل تقنية الانترنت انتشارها بوتيرة متسارعة في بلدان اميركا اللاتينية حيث تبلغ نسبة مستخدمي الشبكة حالياً 5.5 في المئة من مجموع السكان ويتوقع أن تصل النسبة الى 8.2 في المئة في العام 2004. اما افريقيا فلا يشكل مستخدمو الانترنت فيها أكثر من واحد في المئة من المجموع العالمي، على غرار منطقة الشرق الأوسط، ولا يتوقع المحللون زيادة تذكر في هذه النسبة في المستقبل المنظور على الأقل. أما الدول التي يستخدم أكثر من نصف سكانها شبكة الانترنت فتقتصر على السويد 51 في المئة وكوريا الجنوبية وهونغ كونغ والولايات المتحدة والنروج، في حين تحتل ايسلندا المقام الأول بنسبة 65 في المئة، لذلك، لا عجب على ضوء هذه المعطيات ان يتغير الترتيب الهرمي للغات المستخدمة للإبحار على شبكة الانترنت، وقد بينت آخر دراسة اجراها معهد Global Reach حول هذه النقطة، ان 36.5 في المئة من مستخدمي الانترنت يتكلمون الانكليزية بصفتها لغتهم الأم، لذلك تغيرت خريطة اللغات المستخدمة على الشبكة بحيث تراجع نفوذ الانكليزية لمصلحة الاسبانية والالمانية والايطالية، اما الفرنسية فتحتل الموقع الأخير في قائمة اللغات الأوروبية المستخدمة للابحار على مواقع الانترنت اذ تقتصر على 3.5 في المئة، فيما سجلت اللغات الآسيوية اختراقاً قوياً وباتت تشكل ما نسبته 25.8 في المئة حصدت اللغة الصينية الرسمية الماندران وحدها 10.8 في المئة منها، تليها اللغة اليابانية ب9.3 في المئة فاللغة الكورية