تختلف تقديرات النمو الاقتصادي في الاردن باختلاف مصادرها، فقد اشار تقرير لصندوق النقد الدولي الى ان نمو الناتج المحلي الاردني بلغ 3.9 في المئة عام 2000، وتوقع ان ينخفض الى 3.5 في المئة عام 2001، ثم يرتفع الى 4.5 في المئة في العام 2002، وتلتقي هذه الارقام مع تقديرات اللجنة الاقتصادية والاجتماعية لدول غرب آسيا اسكوا التي اشارت الى ان الناتج المحلي الاردني بلغ 8210 ملايين دولار في العام 1999 بنمو 3.1 في المئة، وارتفع الى 8530 مليارا بنمو 3.9 في المئة في العام 2000، ثم الى 8828 مليارا بنمو 3.5 في المئة في العام 2001، وتوقعت ان يرتفع الى 9226 مليار دولار بنمو 4.5 في المئة في العام 2002، اما بالنسبة الى المصادر الاردنية، فقد اشار رئيس اتحاد غرف التجارة حيدر مراد الى ان الاقتصاد الاردني استمر في تحقيق معدلات نمو ايجابية على مختلف الاصعدة في معظم القطاعات، وان المؤشرات الاقتصادية الرئيسية اظهرت تقدما ملموسا على رغم كل الظروف السياسية والاقتصادية التي تمر بها منطقة الشرق الاوسط، وما شهده العالم من تطورات في اعقاب إحداث 11 ايلول سبتمبر الماضي، الى جانب استمرار العدوان الاسرائيلي على الشعب الفلسطيني واستمرار الحصار المفروض على العراق. وخلافا للمؤشرات الدولية، قال مراد:" ان الاقتصاد الاردني حقق معدل نمو بلغ 4.1 في المئة في العام 2001، ومن المتوقع ان لا يقل عن هذا المعدل في العام 2002". ومهما اختلفت ارقام معدلات النمو، فقد ابدى صندوق النقد الدولي رضاه عما أنجزه الاردن في تنفيذ اصلاح هيكلي ضروري لتحقيق انتعاش اقتصادي كبير، وابقاء ايقاع الاصلاح لا سيما مع التوتر في المنطقة، وقد منح مجلس ادارة الصندوق الاردن درجات عالية في تقويمه للبرنامج الاصلاحي الذي ينتهي في نيسان ابريل 2002، وينتظر ان يتخذ قرارا بتمديده في ضوء تقويمه للنتائج المالية والاقتصادية والتي تجري مناقشتها حاليا. وكانت تجربة الاردن مع صندوق النقد الدولي بدأت عام 1989، حين بدأت الحكومة آنذاك في تطبيق برنامج للتصحيح الاقتصادي باشراف الصندوق لمدة ثماني سنوات، لكن التطبيق ما لبث ان توقف بسبب ازمة الخليج التي اعقبت اجتياح العراق للكويت عام 1990. وفي العام 1992 بدأ تطبيق برنامج جديد مدته ست سنوات، وهو البرنامج الذي انتهى مطلع عام 1999، وتم تمديده مجددا في العام نفسه لمدة ثلاث سنوات تنتهي في نيسان ابريل 2002. ويراهن الاردن في المرحلة المقبلة على عاملين رئيسيين: الاول، ان تؤدي التطورات الدولية الى تسريع البحث عن السلام في المنطقة، فيزداد توقع النمو في الاردن، وتشجيع الاستثمار والسياحة وتدفق رؤوس الاموال الى البلاد. الثاني، التركيز على النشاط التصديري خصوصاً للمناطق الصناعية المؤهلة والمستفيدة من الاعفاءات والتسهيلات التي توفرها اتفاقية التجارة الحرة المعقودة بين الاردن واميركا. وكان حجم الصادرات الاردنية الى السوق الاميركية قد بلغ نحو 80 مليون دينار 112 مليون دولار خلال السبعة شهور الاولى من العام 2001، مقارنة مع 15.5 مليون دينار 21 مليون دولار للعام 2000 بكامله. ويرى رئيس الجمعية الاردنية - الاميركية فواز الشعلان ان اتفاقية التجارة الحرة ستتيح للمصدرين الاردنيين فرصاً كبيرة اعتبارا من مطلع العام 2002، مشيرا الى تنامي الصادرات الاردنية اضعافاً عدة خلال السنوات الخمس الماضية حيث ارتفعت من 20 مليون دولار سنويا الى 200 مليون دولار للعام 2001، وتوقع الشعلان ان تتجاوز الصادرات الى السوق الاميركية حاجز المليار دولار بحلول عام 2005. وقلل الشعلان من الانعكاسات السلبية لاحداث نيويورك وواشنطن على تنفيذ الاتفاقية بين البلدين، واوضح ان استبياناً اجرته الجمعية الاردنية - الاميركية للاعمال، اظهر ان معظم المصدرين توقعوا ان تستمر المبادلات التجارية جيدة، فيما اعتبر نصف المستثمرين الاميركيين ان اقدامهم على الاستثمار في الاردن ومنطقة الشرق الاوسط قد يشهد تباطؤا في المدى المنظور. واكد رئيس جمعية رجال الاعمال الاردنيين حمدي الطباع قدرة الصناعات والمنتجات الاردنية على دخول السوق الاميركية ، وقال موضحا: ان الاتفاقية تشترط توفر نسبة صنع محلي في السلعة الاردنية المصدرة بما لا يقل عن 35 في المئة من مجمل تكاليف الانتاج، مع اعتماد تراكم المنشأ لمدخلات الانتاج بين الاردن واميركا على ان لا يزيد المدخل الاميركي فيها عن 15 في المئة من اجمالي تكاليف الانتاج، وهذا الشرط تتمتع به صناعات كثيرة في الاردن بدليل ان الصادرات الاردنية تنتشر في الدول العربية كافة وعدد كبير من دول العالم. واشار الطباع الى ان التحدي الاكبر امام الصناعة الاردنية هو استيفاء شروط الجودة والنوعية وملاءمة ذوق المستهلك الاميركي وهذا يرتب على الصناعات الاردنية ايلاء جهد اكبر في رفع مستويات الانتاج واتباع الاساليب التكنولوجية الحديثة والتعبئة والتغليف، وانتهاج سياسات تسويقية وترويجية حديثة، حتى تتمكن من تعريف المستهلك الاميركي بالمنتجات الاردنية. ودعا المصدرين الاردنيين الى دراسة السوق الاميركية بعناية والتعرف على قنوات البيع واساليب الترويج لديهم وشروط ابرام العقود. وتوقعت دراسة اعدتها وزارة التخطيط الاردنية ان تسهم اتفاقية التجارة الحرة مع اميركا، الذي يبلغ حجم سوقها ثمانية تريليونات دولار، في زيادة النمو للصادرات وان يعمل تحويل العقبة الى منطقة اقتصادية خاصة على حشد المدخرات المحلية واستقطاب المزيد من الاستثمارات الاجنبية بما يسهم في تنشيط التجارة وزيادة فرص العمل. وتبرز في هذا المجال اهمية استثمار منطقة العقبة التي صدر قانون بتحويلها الى منطقة اقتصادية خاصة تتيح للمستثمرين امتيازات استثمارية وتخفيضات كبيرة على الضرائب والرسوم الجمركية. وانشأ مجلس مفوضي المنطقة المؤلف من خمسة اعضاء شركة تحت اسم "عقبة انك" برأسمال اولي يراوح بين 150 الى 200 مليون دولار، لتطوير المنطقة بالتعاون مع شريك استراتيجي، مع العلم ان النشاط الاستثماري في المنطقة بدأ قبل اطلاقه رسميا، اذ تعمل منذ شباط فبراير الماضي نحو 500 شركة معظمها اردنية، للاستفادة من مزاياها. وبتكليف من الحكومة الاردنية تقوم حاليا شركة "غينسلر" الاميركية بوضع تصميمات المشروع الذي يقضي بتوجيه 50 في المئة من الاستثمارات الى القطاع السياحي و30 في المئة الى قطاع الخدمات، على ان يخصص الباقي 20 في المئة للقطاع الصناعي. وتأمل الحكومة الاردنية ان تستقطب هذه المنطقة استثمارات اجنبية تقدر بنحو 15 مليار دولار على مدى عشر سنوات، وهو امر من شأنه التغلب على المشكلات الاقتصادية التي يعاني منها الاردن، خصوصا ان هذه الاستثمارات ينتظر ان توفر 70 الف فرصة عمل ما سيؤدي الى امتصاص جزء كبير من البطالة