لمناسبة استئناف تصدير النفط العراقي بعد تمديد برنامج "النفط مقابل الغداء" خمسة اشهر اخرى وسحب او ارجاء المشروع الانكلو اميركي لما سمي "العقوبات الذكية"، عمد المحللون في موسكو الى كشف حساب الربح والخسارة من نفط العراق بالنسبة الى روسيا على الاقل. ففيما يشدد بعضهم على ان مجرد التلويح بحق النقض الروسي ارغم الاميركيين على سحب مشروعهم، يؤكد آخرون ان تلك مجرد نقلة تكتيكية املتها الملابسات وان الولاياتالمتحدة ستعيد الكرّة حالما تتوافر الفرصة. وكانت اكبر شركات النفط الروسية ذات العلاقة مولت حملة صحافية ناجحة لمصلحة العراق كون مشروع القرار الاميركي يحرمها من المشاركة في ما يسميه انصاره تهريب النفط العراقي التفافاً على العقوبات وما يسميه الروس والعراقيون استثماراً شرعياً يجيزه القانون الدولي، طالما ان روسيا طرف متضرر من تلك العقوبات. تشكل حصة الشركات الروسية الآن حوالى ثلث الصادرات النفطية العراقية حسب بعض المصادر او 40 في المئة تقريباً حسب طارق عزيز. الا ان الجانب الروسي في المحصلة الاخيرة لم يربح شيئاً كما يقول معظم المحللين. ويقدم الخبير سيرغي كولتشين من معهد الدراسات الاقتصادية والسياسية الدولية في اكاديمية العلوم الروسية، تقويماً لدور العراق في الصادرات العالمية مشيراً الى انه يشغل المرتبة الثانية في العالم بعد المملكة العربية السعودية من حيث احتياطات النفط الجارية التي بلغت في مطلع سنة 2001 حوالي 15.2 بليون طن حوالى 11 في المئة من الاحتياط العالمي وهي تكفي ل120 عاماً تقريباً نفط روسيا يكفيها 60 عاماً. ويكرر كولتشين الفكرة القائلة ان العراق بعد عام واحد من رفع العقوبات سيستعيد القدرة التصديرية التي كانت له قبل حرب الخليج ويغير الموقف جذرياً في سوق النفط العالمية. ومن هذه الناحية يحلل كولتشين مصالح روسيا المرتبطة بمشكلة النفط العراقي ويعيد الى الاذهان ان ديون العراقلروسيا تبلغ 6 - 7 بلايين دولار وان التداول التجاري السنوي بين البلدين بلغ بليوني دولار العام 1989، فيما تجاوز 1.2 بليون دولار العام 2000. الا ان خسائر روسيا بسبب العقوبات بلغت حسب التقديرات العراقية 30 بليون دولار. والى ذلك فإن المشاريع الاستثمارية الروسية لاستخراج النفط في العراق لا تزال مجمدة. الا ان مصلحة روسية حالياً تتلخص في ارتفاع الاسعار العالمية في ظل غياب النفط العراقي، فهي تتلقى 300 مليون دولار اضافية مقابل كل دولار في زيادة سعر البرميل. ويؤكد ميخائيل ديلياغين مدير معهد العولمة في موسكو ان روسيا يمكن ان تكسب من زيادة اسعار النفط اكثر مما لو سدد لها العراق ديونه في حال رفعت العقوبات عنه. ومن جهة اخرى يقول كولتشين ان مصالح روسيا لا تتوافق تماماً مع مصالح العراق، فقيادة هذه البلاد تعول في التعاون الاستثماري ليس على روسيا بل على مستثمرين آخرين اقوى منها ينتظر ان تكشف عنهم الاحداث بعد رفع العقوبات.