تشكل الانتخابات الرئاسية الايرانية مفترق طرق أساسي لنظام الجمهورية الاسلامية، فاما ان يبقى النظام الجمهوري الاسلامي، أي نظام المشاركة الشعبية في حدود حاكمية ولاية الفقيه، أو أن تتعزز هذه المشاركة ويضعف أو يزول نظام ولاية الفقيه. وسمحت عطلة الربيع الطويلة للايرانيين بالتقاط الأنفاس بعد جولة من العراك عزز فيها المحافظون سطوتهم وهم يرسلون أنصار الرئيس محمد خاتمي والحركة الاصلاحية كل يوم الى السجن، ويمارسون لعبتهم المفضلة المتمثلة في اغلاق الصحف "موقتاً"، وهي لعبة تؤشر الى أن المحافظين لا يزالون موجودين على رغم كل ما واجهوه من رفض شعبي أفرزته الانتخابات الرئاسية لعام 1996، وما تلاها من انتخابات المجالس البلدية، والانتخابات التشريعية. قبل أربع سنوات كان اسم رئيس مجلس الشورى السابق علي أكبر ناطق نوري على كل لسان، عندما قرر المحافظون واليمين المتشدد المتحالف معهم دعمه كمرشح عرف بأنه الأوفر حظاً لتولي منصب رئيس الجمهورية الاسلامية خلفاً للرئيس السابق علي أكبر هاشمي رفسنجاني، الذي لا يسمح له الدستور بتولي ولاية ثالثة، بينما أعلن الراغبون في التغيير ومعهم كل ألوان الطيف السياسي المعارض لنظام ولاية الفقيه، وقوفهم خلف وزير الثقافة والارشاد الاسلامي المستقيل محمد خاتمي. بعد هذه الأعوام التي استغل فيها المحافظون السلطة، يبدو الوضع مختلفاً عن السابق، فالمحافظون لم يعودوا تلك القوة التي تملك تأثيراً كبيراً في الشارع، فقد برز بينهم تيار معتدل ووصل الانشقاق الى المؤسسة الدينية في قم حيث تدور معركة بين التجديديين والتقليديين، الأمر الذي يدفع الى الاعتقاد بأن مستقبل المحافظين أصبح على المحك، لأنهم فقدوا القدرة على سلوك طرق أخرى للبقاء في الحكم، مثل الانقلاب العسكري أو المدني. وجاء اعلان "جبهة المشاركة الاسلامية"، وهي أكبر الأحزاب الاصلاحية، عن تغيير تكتيكها، كذلك اعلان منظمة مجاهدي الثورة الاسلامية ومكتب تعزيز الوحدة الطالبي، وهما من مؤيدي الاصلاح، عن تبني استراتيجية "الهدوء مقابل العنف" ليسحب البساط من تحت اقدام المحافظين ويعزلهم عن القاعدة الشعبية. ومع استمرار محاولات تيئيس الاصلاحيين، خصوصاً خاتمي، من خلال مواصلة حملة الاعتقالات واغلاق الصحف، تبرز دعوات تطالب خاتمي بترشيح نفسه للانتخابات الرئاسية من خلال تظاهرات وتجمعات. أما في حال انسحاب خاتمي فإن الاصلاحيين يفكرون في عرض عدد غير محدد من المرشحين عسى أن يمروا من صمام مجلس صيانة الدستور، لمواجهة استراتيجية المحافظين الذين قرروا أنهم هذه المرة لن يتساهلوا ولن يسمحوا لأي من الاصلاحيين في الترشح للانتخابات. ولا شك في أن خوض الانتخابات بعدد كبير من الاصلاحيين سيحرج المحافظين أمام الرأي العام في الداخل والخارج، لأنه من غير المعقول أن يحذف مجلس الصيانة كل الأسماء على رغم أن هذه السياسة تنطوي على مخاطر بالنسبة الى الاصلاحيين، فهي ستشتت الأصوات، وإذا نجحت فإن الرئيس المقبل حتى وان كان خاتمي نفسه، سيكون محكوماً بعدد الأصوات التي يحصل عليها