ظلت قضية الأمن في اليمن منذ العام 1991، قضية القضايا وأولوية الأولويات في برامج الحكومات المتعاقبة، اضافة الى ما سببته من قلق واحراج شديدين للدولة على الصعيدين الداخلي والخارجي، ومن سلبيات انعكست على سياسة اليمن وعلاقاتها وسمعتها وعلى اقتصادها بصفة مباشرة، وخسائر متواصلة في مواجهة حوادث الخطف والتفجيرات وقطع الطرق وعمليات النهب والسطو والتزوير، ما أدى الى تراجع أرقام السياحة، بنسب عالية خلال الاعوام الماضية حتى وصلت حسب احصاءات رسمية في العام 2000 الى حوالي 50 في المئة عما كانت عليه قبل خمس سنوات تقريباً. وعلى رغم الحملات الامنية وما تقدمه الدولة من امكانات وخطط متواصلة، يعترف القادة والمسؤولون المعنيون في مجمل أحاديثهم، بتطور واتساع الظواهر الأمنية من عام الى آخر، وبخطورتها على مختلف المجالات بدءاً بإقلاق الأوضاع العامة ومعاناة المواطنين وتدني ثقتهم في الحكومات المتعاقبة وانتهاء بما يمكن ان تؤدي اليه مستقبلاً من نتائج لا يعلم حجمها وانعكاساتها. وكسابقاتها، تعمل الحكومة الجديدة برئاسة عبدالقادر باجمال، على وضع قضية الأمن في مقدمة الأولويات حسب مصدر مطلع ل"الوسط"، بوصف التعامل معها من قبل اي حكومة أو وزير للداخلية أو حتى قيادات الأمن في المحافظات، أصبح المقياس لمدى نجاح أو اخفاق هذا المسؤول أو ذاك. وهذا ما بدأ يطرحه اليمنيون في الحديث عن هذه الحكومة وعن وزير الداخلية الجديد فيها الدكتور رشاد العليمي، فضلاً عن توجيهات الرئيس علي عبدالله صالح أثناء اجتماعه بأعضائها عقب أدائهم اليمين بأن على وزارة الداخلية ان تنشط في مكافحة الجريمة"فالأمن منظومة متكاملة تتطلب تعاون الجميع سواء على مستوى مديري الأمن في المديريات والمحافظات أو المحافظين أو عامة المواطنين". وقال المصدر اليمني ل"الوسط" ان هذه القضية كانت وراء خروج وزير الداخلية اللواء حسين عرب من الوزارة ضمن ال11 وزيراً الذين غادروها، خصوصاً ما يتعلق بتنظيم حمل السلاح وحيازته وحادثة المدمرة الاميركية "كول". بينما قالت ل"الوسط" مصادر في الحكومة السابقة وفي المعارضة، ان الوزير عرب "واجه صعوبات واحباطات ومعارضة شديدة في ما يتعلق بمسألتي انتشار السلاح ومحاكمة عناصر الخطف بصفة خاصة". والمهم حتى الآن في موضوع السلاح، هو توجيهات الرئيس صالح للحكومة، اذ وجه ب"إلغاء كافة التصاريح التراخيص الممنوحة للاسلحة بحيث لا يتم اصدار أي تصاريح إلا للضرورة وفي نطاق محدود". فقد اعتبر مراقبون هذه التوجيهات الأولى من حيث وضوحها وشدتها، وان تنفيذها يتطلب امكانات كبيرة وحملات عسكرية واسعة وسيواجه بمعارضات شديدة يصعب التكهن بانعكاساتها في ضوء ما واجهته المحاولات الماضية من صعوبات ومعارضات تغلبت في النهاية على كل الحملات والمحاولات.