-1- إنني وحيد... أريد جليساً عجوز أريد سنداً، أو مسنداً مسافر أريد مودّعاً، أو مرحّباً ملهوف أريد غوثاً شاحب، أريد لوناً عريشة أريد جداراً مقاتل أريد قضية هتّاف، أريد بطلاً. إنني في مأزق، أريد مخرجاً مقرور أريد شمساً إنني اشتعل أريد برداً وسلاماً ولو كان سلام الشجعان إنني متعطش للحياة تعطش القاتل للدم. -2- في هذه الليلة الهادئة والمهيبة كالمقبرة العسكرية. حيث لا حركة ولا نأمة سوى انين الرياح، وصفير السفن البعيدة لا أتمنى ان اكون اكثر من طبال، أو ضارب رق حول راقصة شرقية او عازف كمان مجهول في ملهى ليلي من الدرجة العاشرة ولكن بدل "القوس" سكيناً أو سيفاً أذهب وأجيء به على كتفي حتى اقطع الاوتار وما تحتها حتى اصل الى الكتف، فالجذع فالأرض التي اقف عليها واقطعها مثل كعكة الميلاد وأقدمها الى الأعضاء الدائمين في مجلس الأمن مع انحناءة المايسترو المعروفة وأنطلق... والسكين بيدي... -3- استيقظت كعادتي كل صباح بحثت عن نظارتي، فلم أجدها بجانبي عن خفّي المنزلي فلم أجده قرب السرير. ذهبت لأغتسل فلم اجد المرأة لأعد افطاراً، فلم اجد المطبخ ان أتصل هاتفياً، فلم اجد جهاز الهاتف ان اكتب ملاحظة خطرت لي في الليل، فلم أجد القلم أن أدخن فلم اجد علبة التبغ أن ارتدي ثيابي فلم اجد خزانتي أن أخرج كما أنا، فلم أجد الباب أن أمشي فلم أجد قدمي أن أضم الى صدري صور أطفالي الغائبين فلم أجد ذراعي أن أستغيث فلم أجد لساني أن أصلي، فلم أجد قبلتي وفتحت النافذة على مصراعيها كالمجنون فلم أجد الأفق... ... الكل ينأى، ويغترب، ويرفرف بجناحيه بعيداً عن الآخر وأنا أريد أن ألتحم مع أي شيء... ولو بالسلاح الأبيض. -4- منذ فترة ليست بالبعيدة أخذت ذاكرتي تخونني علناً كالداعرة. فصرت أنسى أسماء أصدقائي وارقام هواتفهم وأسماء أحب المطربين والممثلين الى قلبي ومواعيد وأحداث المسلسلات التي أتابعها وأسماء الشوارع التي أمر بها والمقاهي التي ارتادها والبقاليات التي اتعامل معها ومحطات النقل التي استخدمها ... ثم عناوين كتبي وقصائدي ثم ألوان الثياب التي ارتديها وألوان الطعام التي أؤثرها ثم لون عينيّ ثم نسيت أسماء جيراني وحارتي والآن... نسيت اسم وطني.