تزدحم قصائد "الديناصورات تشتم ستيفن سبيلبرغ" منشورات "وزارة الثقافة والاتصال"، الرباط، باكورة جمال بدومة، بالأسماء. يبثّ الشاعر المغربي الشاب حشداً كبيراً من أسماء الشعراء والرسامين، في تضاعيف قصائده السبع التي تتألف منها المجموعة، كأنّه يلجأ إلى البعد المعرفي بما هو تراكم معانٍ ودلالات. وكل ذلك يجعل القول الشعري محل افصاح ورواية، أكثر منه اشتغالاً على الفضاء التركيبي للقول، بغية تعميق الإيحاء والإلماح والإضمار. ويوغل جمال بدومة في كتابة مناخات الرفض، من خلال الشحنات السلبية التي يشيعها في طبقات خطابه الشعري، ضد تخلخل القيم وغياب العدالة. نقع داخل قصيدتهة على مستويين أساسين: الأول يتمثّل بمفردات من نوع الثعالب، الأجلاف، الحواة، يهوذا، وغيرها. أما المستوى الثاني فيتجلّى بمفاتيح مثل أبريل، حقل الذرة، إلزا، سماء أثينا، يوحنا، حول هذين المحورين، إذا أخذنا قصيدة "شجار قديم بين كوكبين" على سبيل المثال، يلتم سيل من الصور يشبه غلياناً شعرياً، كأننا به اعادة اعتبار إلى المشاعر الرقيقة والبريئة. لا زمن واضح داخل القصائد، لكن ثمة اشارات كثيفة تحيل إليه. وما يميز الخطاب الشعري هنا، اقترابه في حالات معينة من البديهي، وهذا ليس بالمفاجئ: فالقول الذي يتوسله بدومة، ينبني على الكلام المشحون بطاقة شعرية، من خلاله صور وبرقيات تنتمي غالباً إلى بلاغة خفيفة لا تخفي مرجعياتها الشفوية: "سأتذكر وجهك:/ واسعاً كضحكة في نهاية أبريل/ أصفر كحقل بطيخ/ أخضر كشتيلة حب صغيرة/ سأتذكر كل شيء:/ حقيبة الجلد حيث أحفظ سماوات قديمة/ طويتها بعناية في صباي". ليس هناك مشغل شعري واحد نتجت عنه القصائد، بل ثمة مشاغل كثيرة، تتفاوت فيها طبيعة الشغل وعمقه. وإذا كانت هناك خصوصية تسجل للشاعر ناحية تراكيبه وحياكته الشعرية، فهي تصعيده لوتيرة الصور والايحاءات، فيما السياق الشعري العام لقوله يستكين لنمط تركيبي معين. ولا شك في أن مجموعة "الديناصورات تشتم ستيفن سبيلبرغ" تشير الى بروز صوت شعري جديد في الغرب، ينضم الى تيّار عدنان ياسين، عبدالعزيز أزغايو غيرهم بدأ يفرض حضوره خلال السنوات الأخيرة.