استطاعت نانسي معماري وهي لا تزال في العشرين ان تؤسس لنفسها شهرة لدى مشاهدي محطة "ام. بي. سي" التلفزيونية. دخلت الشاشة الصغيرة من باب برامج الاطفال وسرعان ما صارت معدة لبرامج اخرى مثل "على مسؤوليتي" و"ميوزيكانا"، ومقدمة ومعدة برنامج خاص يحمل اسم "اكشن". تحاول معماري ان تبني لنفسها صورة المذيعة الأنيقة والمثقفة وذات الحضور المميز "بعيداً عن الانفعال والحركات البهلوانية" كما تقول. مسؤولياتها سرقتها من حياتها الخاصة فنسيت ان تعيش مراهقتها أسوة بأبناء جيلها. أحلامها لا توصف، والطريق ما زال في بدايته. قابلت كبار الفنانين ورجال المجتمع ورأت ماذا يحدث وراء كواليس الفن، فاكتشفت انها ولدت للعمل التلفزيوني. لا تحب ان تكون مقدمة وحسب بل يستهويها الاعداد "لأن في ذلك انغماساً اكبر وجمالاً اكثر". ديناميكية وتبحث عن الحدث بنفسها وتصوره بكاميرتها الخاصة. حول تجربتها التلفزيونية تحدثنا نانسي معماري في هذا الحوار: كيف استطعت دخول كواليس التلفزيون وأنت دون العشرين؟ - لعبت الصدفة دوراً مميزاً في حياتي. كنت أجلس في احد المطاعم حين تعرفت على تركي شبانة، مدير مكتب "ام. بي. سي" في بيروت الذي كان يعمل على افتتاح فرع بيروت، فطلب مني ان أعمل في التلفزيون، ورحبت بالفكرة خصوصاً ان اختصاصي في الجامعة كان في مجال التلفزيون والصحافة. ما كان أول برنامج لك؟ - أول برنامج كان للأطفال تحت عنوان "ديزني كورنر" وبعد فترة تحول هذا البرنامج ليصبح للشباب والمراهقين، وابتكرت منه فكرة استضافة شخص يخبرنا عن مهنته، ليس بالضرورة مهندساً او طبيباً، بل قد يكون نجاراً او خبازاً او حداداً. وهذه المادة أعطت حيوية للبرنامج وفرادة جعلته مختلفاً عن باقي برامج الأطفال والمراهقين. يقال بأنك أصبت بالاحباط لأنك دخلت التلفزيون من خلال برامج الأطفال؟ - هذا ليس صحيحاً بالمعنى الدقيق للكلمة، ولكن في البداية تكون للمرء أحلام يظن بأنه سيحققها دفعة واحدة، لكنه حين يعيش الأشياء ويتعرف عليها يدرك انه كان مخطئاً وان صعود الدرج لا يكون الا درجة درجة. وان للخبرة دوراً كبيراً في الحياة المهنية، فهناك مذيعون ومذيعات لم يصلوا الى درجة مرموقة الا بعد سنوات من الخبرة والعمل المتواصل. وأظن أن هذه هي الطريقة المثلى للوصول. هل تظنين بأن التعامل مع الأطفال صعب ام سهل؟ - التعامل مع الأطفال صعب، لأن الدخول الى قلب الطفل ليس سهلاً، لا يمكن ان نستخف بالطفل، فهو اما ان يحب واما ان يكره، وبإمكانه ان يعبر عن الأشياء كما هي من دون تزييف او تصنع، وهذا ما يتطلب منا الا نتصنع ولا نسمي الأشياء الا بأسمائها. أكثر ما يطلبه الطفل هو ان نكون أنفسنا لأنه سرعان ما يكشف ادعاءنا. والطفل لا يعرف كيف يتملق لذا اذا ضجر يعبر عن ملله من دون رادع، فإذا أحبك يقولها بملء فمه كما يقول لا أحبك. وهذه الصراحة تربك وتصدم. ومما لا شك فيه ان هذا الجيل يقظ ومتفتح اكثر من جيلنا حيث كنا نشعر بالارتباك والخجل، أما أطفال اليوم فلديهم وعي لا مثيل له ولديهم اهتمامات الكبار، كانوا يقولون لي مثلاً: "خلصنا عنا ماتش فوتبول" حين يريدون الانتهاء. هل تجدين من السهولة الانتقال من برنامج الى آخر خصوصاً ان لك اليوم برنامج آخر هو "أكشن"؟ - برنامج "أكشن" يقع في زاوية البرامج الفنية والاجتماعية، ويغطي كل الفاعليات الفنية والاجتماعية في البلاد العربية اضافة الى المهرجانات والمؤتمرات الصحافية وتصوير الفيديو كليب والمسلسلات والأغاني وماذا يحدث وراء الكواليس. وأنا أجد سهلاً علي الانتقال الى مثل هذا النوع من البرامج لأنها تعبر عن نفسيتي وشخصيتي، بخاصة عندما أعاين مواقع الأحداث بنفسي. في برنامج "أكشن" ما هي المحطات التي تعتبرينها مهمة؟ - هذا البرنامج هو فرصة للتعرف على الفنانين عن كثب، فنحن دائماً تكون لدينا أفكار مسبقة عن بعض الشخصيات لكن عندما نتعرف عليها نكتشف العكس تماماً. فقد حصل ان طلبت من عمرو دياب مقابلة أثناء توقيعه ألبومه الأخير في بيروت، ثم فوجئت بأنه بدلاً من ان أذهب اليه أتى هو الي لنجري المقابلة وجلس معي لمدة ساعتين أو أكثر. ألا تجدين نفسك صغيرة على تحمل المسؤولية ومقابلة هذه الشخصيات المهمة لاسيما وأن عمرك لا يتجاوز العشرين؟ - لا أشعر بصغر سني، لكنني أشعر بأن امكاناتي كبيرة، ولا أعير للعمر اهتماماً لأن هناك أناساً ناجحين جداً ولا يستطيعون القيام بما أقوم به، لكني أرى ان نجاحي في العمل يعود الى شغفي به، خصوصاً انني خططت للوصول الى مكان ما في حياتي المهنية اضافة الى الثقة العمياء التي منحني اياها القيمون على محطة "ام. بي. سي". فأقل ما أقوم به هو ان أكون جدية ومجتهدة ومخلصة في ما أقدمه. ونجاحي ايضاً يعود الى تعاون الفنانين معي. ففنانون، مثل محمد عبده وكاظم الساهر وسواهما يتعاملون معي كمحترفة وهم يسهلون الحوار، وكوني معدة لبعض البرامج الفنية يسهل تعاملي مع الفنانين ويضعني في الصورة سلفاً. كيف وجدت التعامل مع دريد لحام؟ - هذا الانسان المدرسة لا يمكن وصفه بكلمات، انه متواضع الى درجة الخجل ولا ينسى ان يقدم آيات الشكر والامتنان الى أصغر من يتعامل معه، ولا يتوانى عن رش كلمات العاطفة والمحبة على كل الناس الذين يتعامل معهم. انه انسان كبير، بمحبته ولطفه. وأتمنى ان نصل يوماً الى محبة الجمهور التي حظي بها دريد لحام. هل تجد ابنة العشرين نفسها مسروقة من حياة خاصة تود ان تحياها أسوة بأبناء جيلها؟ - لم أعد أشعر بحياتي الخاصة، وكأن الشاشة الصغيرة صارت كل اهتمامي وكل عشقي وأنستني كل من حولي، فالأضواء تخطفني الى داخلها، وتجعلني بعيدة عن شؤون وشجون ابنة العشرين وطفولتها ومراهقتها التي لا أعتبر نفسي عشتها. هل حصلت على شهادتك الجامعية" ام انك نسيت تخصصك في خضم التجربة التلفزيونية؟ - أنا في الجامعة أدرس التلفزيون والاخراج، لكنني قللت من المواد الفصلية حتى يتسنى لي الوقت للعمل، لأنني أعتبر عملي فرصة لا أحب ان أضيعها، أما العلم فيمكن ان أحصل عليه ساعة أشاء. شقيقتك ناتالي معماري ايضاً مذيعة تلفزيونية، هل أثرت العائلة في اتجاهكما الى هذا العمل؟ - لا يعمل احد من عائلتي في هذا المجال. لكن الصدفة لعبت دوراً كبيراً في حياتي وحياة شقيقتي ناتالي، والعائلة، لا سيما والدتي، شجعتنا على خوض غمار هذه التجربة. ولها يعود الفضل في امدادنا بالثقة والعاطفة. هل تجدين انك وناتالي في حالة منافسة من نوع ما؟ - لا يوجد منافسة بيننا، بل هناك نوع من التكامل والثقة ونحن نحفز بعضنا البعض، والا لما استطعنا العمل في محطة تلفزيونية واحدة. فنجاح أختي هو نجاحي والعكس صحيح. الغيرة ممنوعة بيننا. وأنا أسمع كلاماً كثيراً مفاده ان أختي دخلت بعدي الى التلفزيون ونالت شهرة واسعة، وأنا أقول لهؤلاء نجاح ناتالي في برنامج "ميوزيكانا" يفرحني جداً. نجد مذيعة اليوم تتجه نحو المبالغة في الحركة بينما أنت أكثر رصانة، هل يمكن ان تغيري أسلوبك نحو ديناميكية أكبر؟ - أنا لا أحب المبالغة في الحركة أمام الكاميرا لأنني أحب صورة "الليدي" ان تصل الى الجمهور وصورة الفتاة الرصينة. هذا هو خطي. أحب ان أجد لنفسي اطاراً يميزني عن سواي، فلا أقلد أحداً ولا أتأثر بأحد. بكلمة أخرى لا أحب ان أكون المذيعة الخفيفة بل المذيعة ذات الصورة التي يصعب تقمصها. المستمع يفرح لكلامي والقائي وحضوري ونظرتي وليس لجمالي او هندامي او حركاتي المبالغة أمام الكاميرا. هل تفضلين الوقوف أمام الكاميرا ام وراءها؟ - لقد حدث ان حملت الكاميرا وكنت وراءها وهذا يقع في مجال تخصصي في الاخراج. أنا أحب الكاميرا من كل الجهات ان صح التعبير. أحب ان ألتقط الحوارات من كل حدب وصوب وأذهب الى موقع الأحداث وأصور، وهذا ما يتناوله موضوع برنامج "أكشن" الذي أعده وأقدمه. هل خدمك جمالك في عملك؟ - الجمال لا يغش أحداً، فلو لم أكن أملك امكانات في مجال التقديم والاعداد لكان جمالي صفراً، فأنا أصحو في الاستديو وأقضي معظم أوقات نهاري وليلي هنا أعمل وأعمل