لم تكن قد مضت دقائق على ارتطام طائرة البوينغ-767 ببرج مركز التجارة العالمي الجنوبي، بعدما صدمت طائرة أخرى البرج الشمالي، حتى هرع خالد ... الى الهاتف في شقته في هامبورغ ليتصل برفيقه محمد ... ليهنئه ويؤكد له ان "شباب الثلاثين" الذين ذهبوا الى الولاياتالمتحدة نجحوا في تنفيذ العملية. لكن الاستخبارات الالمانية التي كانت تسجل الحديث، فهمت الرسالة خطأ وسارعت الى ابلاغ الاميركيين وتنبيههم الى ان هناك ثلاثين إرهابيا على أراضيهم بعدما اعلنوا ان 19 خاطفا فقط كانوا على متن الطائرات الثلاث التي دمرت البرجين وقسما من البنتاغون وعلى متن الطائرة الرابعة التي سقطت قبل الوصول الى هدفها. لم يدر في خلد الالمان والاميركيين ان المقصود بكلام خالد كان "شباب الخلية رقم ثلاثين" في هامبورغ ومدن اميركية، فباشر عملاء مكتب التحقيقات الفيديرالي اف. بي. آي. حملة اعتقالات واسعة في صفوف العرب الذين تعلموا الطيران او يسكنون قرب المطارات او يترددون على المساجد او يثير سلوكهم الشبهات أو حتى الذين اشتكى جيرانهم منهم. وبلغ عدد المعتقلين 450 شخصا أوقفوا لمخالفتهم قوانين الهجرة والاقامة بصورة غير شرعية. لكن هؤلاء لم تكن لهم اي علاقة بالارهابيين. وبدأت عملية الافراج عنهم تدريجيا على رغم كل الروايات والاشاعات التي تناقلتها وسائل الاعلام، وبعضها بتضخيم مقصود للاساءة الى العرب. كان عملاء الامن الاميركي قد اعتقلوا في 17 آب اغسطس عربيا يدرس الطيران في اوكلاهوما بعد شكوى من مدربيه الذين قال لهم انه يريد فقط تعلم قيادة طائرة من طراز بوينغ، وانه ليس مهتما بكيفة الاقلاع او الهبوط. وابقوه قيد الاعتقال بعدما اكتشفوا انه خالف قوانين الهجرة وانه بقي في الولاياتالمتحدة على رغم انتهاء فترة تأشيرته. اعتقد المحققون ان زكريا موسوي المغربي الاصل الذي يحمل الجنسية الفرنسية واقام في بريطانيا قرابة خمس سنوات مجرد متسلل لا يدعو الى القلق. لكن بعد حصول الاعتداءات في نيويورك وواشنطن اعادوا التحقيق معه واكتشفوا انه اتصل خلال فترة تدريبه بأحد الخاطفين الذي كان يشارك محمد عطا، المنسق المفترض للمجموعة الارهابية في الولاياتالمتحدة، شقته في هامبورغ. ويومها اعترضت الاستخبارات الالمانية المكالمة ايضا. وبدا واضحا ان اعتقال موسوي في آب اغسطس حال دون مشاركته في خطف الطائرة التابعة لشركة "يونايتد ايرلاينز" التي كانت تقوم بالرحلة رقم 93 وتحطمت في بنسلفانيا في طريقها المفترض الى البيت الابيض في واشنطن. المساعدة من أوروبا لكن المحققين أيقنوا بعد فترة قصيرة ان الخاطفين ال19 الذين قضوا مع ركاب الطائرات لم يتلقوا مساعدة كبيرة من داخل الولاياتالمتحدة، وان الذين كانوا يقيمون فيها منهم كانوا يتصرفون بالتنسيق مع رفاقهم في ألمانيا ودول اوروبية اخرى، على رغم ان اربعة منهم على الاقل تلقوا تدريبات في معسكرات تنظيم "القاعدة"، بقيادة اسامة بن لادن، في افغانستان. وتلاشى مع تقدم التحقيق التضخيم الاعلامي الذي تلا الاعتداءات وتحدث عن "خلايا نائمة" موزعة في انحاء عدة من الولاياتالمتحدة تنتظر الاوامر ل"تصحو" وتهاجم. وتحولت الانظار الى اوروبا. 3 خلايا كان رجال الامن في مطار دبي قد اعتقلوا في تموز يوليو شابا من أصل جزائري يدعى جمال بقال يحمل جواز سفر فرنسيا لدى هبوطه من طائرة قادمة من باكستان، بعد افادة وردت اليهم من اجهزة الامن الاميركية. واظهرت التحقيقات ان بقال أمضى سنة في أفغانستان، وانه على علاقة وثيقة باحد رجال ابن لادن الاساسيين، وهو زين العابدين محمد حسين المعروف باسم "ابو زبيدة"، وبثلاث خلايا ارهابية في كل من فرنسا وبلجيكا واسبانيا تخطط لشن هجمات على اهداف اميركية في هذه الدول. السلطات الاماراتية اطلعت الاميركيين بعد حصول الاعتداءات على نتائج التحقيق فقام هولاء بابلاغ كل من باريس ومدريدوبروكسيل حيث قامت قوات الامن بمراقبة الارهابيين المشبوهين طوال ايام قبل ان تعمد الى تنفيذ مداهمات اسفرت عن اعتقال حوالي 20 شخصا واكتشاف مخابىء لمواد يمكن ان تتحول في حال خلطها الى مواد حارقة، خصوصا اذا امتزجت بكمية من وقود الطائرات. مروحيات وكيماويات وكانت الخطة تقضي ان يستأجر أوروبيون، احدهم شقيق زوجة بقال الفرنسية، طائرات مروحية يتم شحنها بالمواد المخزنة الكبريت والاسيتون ويقودها انتحاريون يهاجمون بها سفارات وقنصليات اميركية في الدول الثلاث. وعثر بحوزة المعتقلين على خرائط مفصلة للسفارات ومواقع مكاتب السفراء ومواعيد حضورهم ووسائل الحماية. ويرجح المحققون ان بقال ارسل من افغانستان لتحضير هذه الخلايا وتهيئتها لتنفيذ خططها بمجرد بدء أي هجوم اميركي على مواقع ابن لادن وقوات "طالبان"، وبشكل يثير الذعر والخوف من حصول هجمات اخرى ويخلق رأيا عاما مناهضا للتدخل العسكري الاميركي. لكن هل تم فعلا "تحييد" كل الخلايا الارهابية؟ ام ان هناك ارهابيين آخرين ينتظرون؟ سؤال يقض مضاجع أجهزة الامن في الغرب كله وتصعب كثيرا الاجابة عليه. الاعتقالات والاتهامات في جميع أنحاء الولاياتالمتحدة خلال شهر أيلول سبتمبر تم اعتقال أكثر من 120 شخصا لانتهاكهم قوانين الهجرة غداة الاعتداءات الارهابية، عشرون منهم يحملون بطاقات مزورة ترخص لهم نقل مواد خطرة، بمن فيهم نبيل المرابح 34 سنة، وهو سائق سيارة أجرة سابق في بوسطن يعتقد انه مسؤول إحدى الخلايا الإرهابية. مينيسوتا، آب اغسطس: اعتقال الفرنسي من أصل جزائري زكريا موسوي 33 عاما بسبب الإشتباه في سلوكه، بعدما طلب من مدربه على الطيران الاكتفاء بتعليمه كيفية قيادة الطائرة دون التركيز على الإقلاع والهبوط. ويشتبه في انه الخاطف العشرون. نيويورك، 11 ايلول سبتمبر: اعتقال رجل يحمل رخصة طيران مزورة يوم الاعتداءات نفسه. واعتقال ستة آخرين بعد ذلك. واشنطن، 11 ايلول سبتمبر: اعتقال خالد الدريبي اثناء ابتعاده عن مطار دالاس، والعثور على كتيب تعليمات للطيران في سيارته. تلقى دروسا في الطيران واستخدم عشرة أسماء مختلفة. فيرجينيا، 15 ايلول سبتمبر: اعتقال محمد عبدي بعد العثور على رقم هاتفه في سيارة للخاطفين. وفي 26 ايلول سبتمبر اتهم هيربرت فيلالوبوس بمساعدة أحد الخاطفين المفترضين في الحصول على بطاقة هوية في فيرجينيا. فورت ويرث، 15 ايلول سبتمبر: اعتقال هنديين في قطار وهما يحملان مبلغا نقديا كبيرا. ويشتبه في انهما كان يفترض ان يستقلا طائرة في الوقت نفسه مع الخاطفين لكنهما تأخرا ثم اختفيا. سان دييغو، 15 ايلول سبتمبر: اعتقال ثلاثة اشخاص كانوا يعرفون الخاطفين، باعتبارهم شهودا محتملين. لوس انجيليس، 17 ايلول سبتمبر: اعتقال طارق محمد فياض 33 عاما لعلاقته بأحد الخاطفين. ديترويت، 19 ايلول سبتمبر: اعتقال ثلاثة رجال عرب يحملون بطاقات هوية مزورة وخرائط لقاعدة اميركية في تركيا. هامبورغ، 13-22 ايلول سبتمبر: اعتقال اكثر من عشرة أشخاص التي يعتقد انها كانت محطة انطلاق الخاطفين. باريس، 22 ايلول سبتمبر: اعتقال أربعة مشبوهين يعتقد بأنهم متورطون في خطة لصدم مبنى السفارة الاميركية في باريس بطائرة مروحية. بروكسيل، 12 ايلول سبتمبر: اعتقال التونسي نزار طرابلسي بتهمة التخطيط لصدم السفارة الاميركية في باريس بطائرة مروحية. اكتشفت الشرطة البلجيكية ايضا حوالي 100 كيلوغرام من الكبريت و13 غالونا من الاسيتون خلال احدى المداهمات، كذلك تمت مصادرة جوازات سفر مزورة وخرائط للسفارة. دبي، تموز يوليو: اعتقال جميل بقال 35 عاما المقيم سابقا في بريطانيا بعدما أمضى سنة في معسكرات تدريب في افغانستان. قيل ان له علاقة بثلاث خلايا إرهابية في أوروبا. اعترافاته أدت الى اكتشاف خطة مهاجمة السفارة الاميركية في باريس والقنصلية الاميركية في مرسيليا. وتم تسليمه الى فرنسا. كراتشي، 27 ايلول سبتمبر: إعتقال شركاء محتملين لابن لادن. مدريد، 27 ايلول سبتمبر: إعتقال ستة اشخاص في أماكن مختلفة من اسبانيا: محمد بوعلام حنوني المعروف باسم عبد الله، القائد المفترض للمجموعة. يعتقد انه من تنظيم "المجموعة السلفية للدعوة والقتال". والعثور على شرائط فيديو عن مخيمات لتدريب الارهابيين تستخدم لإعداد الناشطين على ارتكاب هجمات إنتحارية عبر أوروبا. وبعض الشرائط يحتوي على صور لاعتداءات ارتكبت في الجزائر. لندن، 21 ايلول سبتمبر: إعتقال ثلاثة اشخاص بينهم الطيار لطفي الرايسي 27 عاما الذي ينتظر تسليمه الى الولاياتالمتحدة. زوجته صونيا 25 عاما وشقيقه محمد الرايسي 29 عاما اطلقا لاحقا. اعتقال الجزائري كمال الداودي 36 عاما وتسليمه الى فرنسا التي فر منها والتي تشتبه في انه كان يخطط لاعمال ارهابية ضد مصالح اميركية في باريس. أمستردام، 12 ايلول سبتمبر: إعتقال جيروم كوتيلييه في إطار مخطط تفجير السفارة الاميركية في باريس بطائرة مروحية. نواكشوط، 29 ايلول سبتمبر: اعتقال محمدو ولد صلاحي 31 عاما وهو تلميذ سابق في الهندسة الكهربائية في جامعة بمدينة دويسبرغ الالمانية بسبب الاشتباه بعلاقته بابن لادن. عاش في المانيا خمس سنوات تقريبا زار خلالها معسكرات "القاعدة" في افغانستان مرتين على الاقل، على حد قول التلفزيون الالماني.