النائب في الكنيست الاسرائيلي عصام مخول كان اول من فرض اجراء بحث برلماني في موضوع التسلح النووي في اسرائيل. فقد كان هناك اجماع، طوال 42 سنة لابقاء هذا الموضوع طي الكتمان. وعندما حاول مخول بحثه كان جواب رئيس الكنيست ابراهام بورغ الرفض القاطع. فتوجه مخول الى المحكمة العليا، وعندها تغير الموقف، وتم طرحه على الكنيست. وعلى رغم محدودية تأثير هذا الطرح، الا انه سجل تاريخاً في اسرائيل، اذ فتح هذا الموضوع للمرة الاولى وبشكل آخر غير الذي يطرح في العالم، الا وهو خطر هذا التسلح على اسرائيل نفسها وعلى جيرانها العرب. "المشكلة الاساسية"، كما يقول عصام مخول، في حديث مع "الوسط"، هي "الاخطار التي ترتبط بالمفاعل النووي وامتلاك الترسانة النووية وكل ما ينجم عن ذلك، حتى لو لم تستعمل في حرب. فالمفاعل النووي في اسرائيل اصبح قديماً، عمره اربعون عاماً، وقد بات يشكل خطراً حقيقياً في كل لحظة، على الاسرائيليين وعلى جيرانهم العرب. وليس صدفة ان هذا الامر يثير قلق اوساط عدة في اسرائيل مثل البروفسور عوزي ايفن، وهو من العلماء الذين عملوا في المفاعل، ويدرك عن كثب ما الذي يجري فيه، فايفن يطرح القضية من منطلق ترهل هذا المفاعل وخطرالتصدع وافلات الاشعاعات النووية وربما حدوث كارثة لا تقل خطورة عن هيروشيما. فالمفاعل النووي في مثل هذا الجيل في الولاياتالمتحدة يغلق، والكل يدرك خطورة ما يمكن ان يحدث خصوصاً اننا نتحدث عن وجود 250-300 قنبلة نووية بإمكانها تدمير الشرق الاوسط عشر مرات. لكن القيادة الاسرائيلية تزعم ان التسلح النووي هو مسألة حياة او موت بالنسبة الى قوة الردع الاسرائيلية. هذا المنطق مرفوض في الدفاع عن فكرة ابقاء المفاعل النووي امام الخطر الكبير الذي يحمله. والحقيقة ان في اسرائيل ثلاثة مبررات اساسية وراء المنطق في الغاء المفاعل: الاول، خطر احداث هزة ارضية قوية او زلزال من شانه احداث انفجار في هذا المفاعل تؤدي الى كارثة لا يمكن تصورها. الثاني، امكانية نشوب حرب. والثالث، النفايات النووية التي يصدرها المفاعل ولا يمكن لها ان تتحلل حتى بعد مليون سنة. من هنا فإن خطر وجودها ابدي. اسرائيل من الدول التي تشملها الازمة التي تعيشها المنطقة منذ احداث 11 ايلول سبتمبر والضربات الاميركية على افغانستان، والخوف من نشوب حرب. فاين تكمن خطورة المفاعل النووي في اسرائيل في ظل هذه الاجواء؟ - اسرائيل اليوم قادرة وجاهزة وتهدد بشكل مبطن باستعمال القنبلة النووية، وهذا يشكل خطراً حقيقياً خصوصاً في الاجواء القائمة في العالم والتي كل شيء فيها مباح ومتاح. وقد هددت بشكل واضح في ما لو وجهت اليها قنابل واسلحة دمار مثل صاروخ كيماوي وما الى ذلك. ذكرت ان وجود المفاعل النووي في اسرائيل يشكل خطراً كبيراً على المنطقة، بل ان نفايات هذا المفاعل بحد ذاتها خطيرة، فأين تلقى هذه النفايات؟ - انه سر لم يتمكن احد من كشفه بعد. فمنذ اثارة القضية في الكنيست فبراير/ شباط 2000 طلبت وزيرة البيئة في حينه، داليا ايستك، معرفة مكان القاء هذه النفايات للاطلاع عليه ومراقبته، لكن احداً لم يتجاوب مع طلبها. وهناك معلومات تشير الى ان اسرائيل تحاول ارسال النفايات الى دول افريقية في مقابل حفنة من الدولارات. والاحتمال الثاني، وهو شبه مؤكد، ان هذه المواد تدفن وتلقى في منطقة المفاعل النووي في ديمونة. وهذا يعني ان العمال هناك مهددون بشكل خطير بالاشعاعات النووية، واحدى الدراسات دلت على ان اكثر من 70 عاملاً هناك اصيبوا بالسرطان. فضلاً عن الخطر الذي يهدد سكان تلك المنطقة وجوارها. طبعاً هذه القضية لا يسمح لأي عنصر خارجي بفحصها والاطلاع عليها، فسياسة التعتيم في كل ما يتعلق بالمفاعل النووي لا تقل خطورة عن وجوده. ما هي الاخطار المباشرة التي يحملها المفاعل على المنطقة؟ - خلال عملية انتاج المواد تخرج غازات سامة ومشعة يتم حفظها في المدخنة وتحريرها في اوقات معينة. وما هو معروف ان المداخن تفتح عندما تكون الرياح غربية بمعنى انها لا تتجه نحو اسرائيل انما الى مناطق غور الاردن وجنوب فلسطين اي انها اقرب الى الدول العربية. هل العالم العربي مدرك لهذه الاخطار؟ - ليس الى الحد المطلوب، هناك حاجة لادراك هذا الخطر اكثر وعلى رغم اننا لاحظنا اخيراً وجود وعي لطرح القضية في مصر وسورية والاردنوفلسطين، لكن هناك حاجة لطرحها اليوم ليس فقط من باب القانون الدولي انما من ناحية البعد الامني وادراك الخطر على حياة الناس. فهم موجودون في وضع معقد والحكومات تجد نفسها امام سؤال مركزي: "اي جواب تعطونه لهذا الخطر. والمشكلة الاساسية التي تواجه العالم العربي والقوى التي تقاوم وتعمل على فضح السياسة النووية في اسرائيل تكمن في عدم وجود قوى مناهضة للتسلح النووي داخل اسرائيل فهذه بحاجة الى تجاوب من الرأي العام الاسرائيلي وهذا غير موجود، اضافة الى ان الموضوع في العالم العربي، لا يطرح على صعيد النقاش الشعبي. فالعالم العربي هو المحور الرئيسي الذي عليه ان يتحرك ويضغط عالمياً لان اسرائيل تحظى بدعم الولاياتالمتحدة في ممارسة دورها التهديدي النووي على العالم العربي وعلى الشرق الاوسط، فمن دون وضع الولاياتالمتحدة في قفص الاتهام سيبقى العالم العربي يصرخ واسرائيل تطور سلاحها واستراتيجيتها النووية. فاسرائيل تنتقل من فكرة الردع المبني على الادعاء بالضعط امام العالم العربي المحيط بها الى مرحلة التهديد واللعب بالملعب الدولي كقوة نووية تحاول ان تسهم في احكام السيطرة الاميركية على منطقة حساسة في العالم. ما هو المسموح معرفته والممنوع عن المفاعل الاسرائيلي؟ - كل شيء ممنوع، هناك سياسة تعتيم تعتبر جزءاً لا يتجزأ من الاستراتيجية الاسرائيلية في السلاح النووي، فالمفاعل النووي اقيم على الكذب والخداع والغش. وفي مرحلة معينة كانوا يعتمون حتى على حقيقة وجود هذا المفاعل. واخيراً نشرت صور تظهر بشكل واضح تفاصيل عن المفاعل النووي ومواقع تخزين الاسلحة وتركيبها في منطقة خليج حيفا والغواصات الاسرائيلية ومخازن ما يسمى اسلحة نووية تكتيكية موجودة قرب البعينة في الجليل، فهذه القنابل قادرة على ابادة كل ما هو حي من دون ان تدمر المادة، وقد نشرتها اسرائيل في المنطقة الحدودية مع سورية، وفق خطة مبنية على صد هجوم سوري في اليابسة، فاذا مرت الدبابات على هذه الالغام، يقتل الجنود وتبقى الدبابات وكل العتاد من دون اذى.