تنتمي باسكال مشعلاني الى نجوم الأغنية العربية اليوم، مع كل ما يرافق نجومية هذا العصر من ملاحظات وما تثيره من جدل في أوساط النقاد الفنيين. وإذا كانت مشعلاني تتمتع بمواصفات النجومية الحديثة ومتطلباتها من الشكل والحضور والجمال، فهي تتطلع أيضاً الى التميز عبر ما تقدمه من أغنيات. ومنذ 10 أعوام نجحت في تقديم أغنية مختلفة إن لم يكن بالألحان التي غالباً ما يطغى عليها الإيقاع فأقله عبر المواضيع التي تختارها من صميم الحياة اليومية والتي تحاكي بواقعيتها وعفويتها وبساطتها مختلف الأجيال، مما جعل بعضها من "الكلاسيكيات" الشبابية الحديثة على غرار "طلب إيدي" و"مش وقت لبدك بتفل" وسواهما. عندما سمعها الشاعر توفيق بركات للمرة الأولى، كان يقوم بزيارة الى "بيت الجيران"، وكانت باسكال لا تتجاوز 13 عاماً، ولما استدعاها وطلب منها الغناء رفضت وخافت ثم غنت وراحت تتمرن سراً بإشراف الملحن إحسان المنذر وسجلت شريطها الأول بالخفاء ثم أسمعته لوالدتها التي باركت انطلاقتها الفنية بعد معارضة. وباسكال التي فقدت والدها وهي في عامها الاول تعتمد كثيراً على والدتها. بعد صدور 7 ألبومات لها "سهر سهر"، "نظرة عيونك"، "بنادي"، "قلبك قاسي"، "لما بشوفك"، "خيالة" و"نور الشمس" لا تزال الفنانة الشابة تطمح الى نشر الأغنية اللبنانية من دون أن تلغي التنويع الضروري لإرضاء مختلف الأذواق. وكشفت ل"الوسط" عن مشروع شريط غنائي بالفرنسية تستعد لانتاجه. التقت "الوسط" باسكال مشعلاني في الحوار الآتي: ما هي دراستك الموسيقية؟ وهل تعتبرينها ضرورية للمغني؟ - درست البيانو والعود على يد أساتذة متخصصين، وأتمرّن دوماً. أعتبر أن الموهبة تفوق الدراسة اهمية، شرط تطويرها بالمعرفة والبحث الدائم، فمن الضروري مثلاً ان يدرك المغني لفظ مخارج الحروف وطريقة التنفس والأداء. بمن تأثرت في أسلوب غنائك؟ - جميع الملحنين والشعراء الذين سمعوا صوتي اتفقوا على كونه جديداً بنوعيته ولم يشبّهوني بأحد حتى بلوني الغنائي. لكنهم نصحوني بالاستماع الى كلاسيكيات الغناء العربي وهذا ما أفعله دوماً. من لا ينطلق من خلفية راسخة لا يلبث أن يفشل ومن ينطلق من أرضية قوية يتمكن من غناء الألوان كلها. من جيل الى جيل هل في مقدور جيل "النجوم" الحالي أن يؤسس لمدرسة يعود اليها الجيل الذي سيليه؟ - شخصياً لا أزال في بداية مشواري الفني ولا يمكنني الحديث عن مدرسة تخصني. لكن انتشار أغنياتي في بلدان عدة وتردادها من قبل الناس واستمراريتها أمور تؤكد انني كرست هويتي الخاصة واسمي وهذا أمر ايجابي. لكن جمهور هذه الأيام يردد كل ما يسمعه عبر وسائل الاعلام... - لا يردده إلا لفترة وجيزة، ان اغنية "طلب إيدي" مستمرة بنجاح منذ 6 أعوام، كذلك "مش وقت لبدك بتفلّ" منذ 7 أعوام. ولو لم يكن لديها استمرارية لما بقيت. الأغنيات الراسخة يتعلق بها الناس دائماً ولا تموت. ما الذي يحدّد حياة الأغنية واستمراريتها؟ - موضوعها وكلماتها، لو مرّت مئة سنة ستستمر الحبيبة تقول لحبيبها "مش وقت لبدّك بتفل وبتقلّي بطّل بدّي..." أبحث دائماً عن موضوع من صميم حياتنا اليومية، سواء كان سفراً أو حزناً أو هجرة. وأحياناً تنسيني الكلمات الجميلة اللحن، لكنني أشدد أيضاً على اللحن الذي يخدم صوتي ويبرز امكاناته كما في "يا طير الغرام"، و"خيالة". يفتش الناس عن الكلمة الجديدة و"النهفة" المهضومة، وهذا ما أفتش عنه أيضاً. أنت من الجيل الغنائي الجديد ونجمة معروفة، إلام تردّين هذه الشهرة؟ الى صوتك، أم حضورك على المسرح أم نوعية الأغنيات التي تقدمينها؟ - الى صوتي وحضوري على المسرح ونوعية الأغنيات التي أقدمها. الصوت في عصر الصورة في عصر الصورة، هل لا يزال للصوت دور كما في الماضي حين كان يجتمع الناس حول الراديو للاستماع الى مطرب معين؟ - للصوت دور أساسي لكن عليه أن يترافق مع الحضور الجميل ونوعية الأغنيات الجيدة. الشعب العربي عموماً واللبناني خصوصاً يحب الكلام الجميل والصوت المعبّر، لذا لا يؤمن الشكل الاستمرارية إذا لم يترافق مع الموهبة الحقيقية. إن جيلكم لا يقدّم، بحسب رأي النقاد، الأغنية اللبنانية الأصيلة لا كلمات ولا ألحاناً. لماذا؟ - ينبغي أن يطرح السؤال على من يشجع هذه النوعية من الأغنيات. ثمة ملحنون يسرقون ألحاناً تركية وينسبونها الى أنفسهم. هناك دور للاذاعات، شخصياً نجحت في اللونين اللبناني والمصري لكنني عُرفت بأنني أقدّم "القفشة" اللبنانية. حين أطللت منذ عامين على الجمهور المصري في "ليالي التلفزيون" راح يردّد أغنية "لما بشوفك قلبي بيوقع". أعتبر انني خدمت الأغنية اللبنانية ونشرتها، وأبرز الأغنيات التي نجحت هي لبنانية أذكر منها: "لما بشوفك"، "دلعونتنا دلعونتين"، "مش وقت لبدك بتفل"، "طلب إىدي"، "نور الشمس"، "نشفتلي دمّي" وسواها. لكنني أشير الى انني لا أختار الأغنية بحسب لهجتها بل بحسب موضوعها الجديد ولحنها الذي يلائم صوتي. من واجبي كلبنانية نشر الأغنية اللبنانية في الأقطار العربية والعالم كله. فنانة شمولية! يُتّهم جيلكم الفني بتقديم أعمال تجارية أكثر من تقديم أغنية راقية تخلد في المكتبة الموسيقية... - شخصياً أرى ان بعض أغنياتي لا يزال مستمراً الى اليوم، والأسواق الغنائية حافلة بالنوعية الجيدة والرديئة لكن النسبة الجيدة أكبر. ثمة موجات تظهر وتختفي كل 4 أو 5 سنوات، لكن الأصيل يبقى ويستمر. وبرأيي ان الحفاظ على مستوى راق في الكلمات هو الأهم. يلاحظ أن أعمال باسكال مشعلاني في بداياتها كانت مدروسة أكثر من حيث اختيار الكلمات والألحان المشغولة نوعاً ما، بينما صار نتاجها في ما بعد متماشياً مع السائد في الأسواق الفنية أعني به الأغنية السريعة، ما رأيك؟ - اسمع آراء معاكسة لهذا القول، بمعنى ان النضج الفني في الصوت والكلمة واللحن صار أكبر في ألبوماتي الأخيرة، لكن لكل شخص ذوقه. إن أغنيات مثل "لما بشوفك" و"خيالة" أدخلتني الى مصر والدول العربية بينما لم تدخل "طلب ايدي" بهذه القوة الى مصر. وأنا يهمني الانتشار في العالم العربي والعالم. هل يدغدغك حلم العالمية؟ - بالطبع، أخيراً وقعت شركة الانتاج الخاصة بي ميوزيك ماستر عقداً مع شركة "يونيفرسال" وسيتم تسجيل "نور الشمس" و"خيالة" بالفرنسية، وقد أصررت على أن تحوي الأغنيتان مقاطع معينة باللهجة اللبنانية، وأن يرافقني الناي مع تخت شرقي متكامل. أدّيت الأغنية الخليجية. بعضهم يعترض على أداء مطرب لهجة مغايرة للهجته... - لم أؤد سوى اللهجة "البيضا" أي البدوية المفهومة من الجميع والتي يؤديها جميع مطربي الخليج ويفهمها الناس. على الفنان أن يؤدي اللهجات كلها، نبيل شعيل غنى اللهجة اللبنانية ونجح، والصوت القادر على أداء اللهجات كلها عليه ألا يتردد. لم أدّيت اللهجة الخليجية؟ هل لتسهيل عملك في هذه البلدان؟ - لا البتة، فأنا محبوبة عند الجمهور الخليجي منذ بداياتي ولكنني أديت هذه الأغنية لأنني أحبّ ومن باب التنويع لا أكثر. ضم ألبومك الأخير "نور الشمس" اللهجتين اللبنانية والمصرية، وكانت الروح الغربية واضحة في أغنية "نور الشمس" المستوحى لحنها من الفولكلور اليوناني، كما استخدمت للمرة الأولى بعض الجمل الايطالية على لسان الكورال في أغنية "أرجوك إرحل"، لم اعتمدت هذا الدمج في الموسيقى والكلمات؟ - في عصر الانفتاح والعولمة علينا أن نكون متوحدين كبلدان عربية مع احتفاظ كل بلد بخصوصيته. ان الانفتاح ضروري على الموسيقى العالمية إرضاء للأذواق كلها، وشخصياً أحب أن أكون فنانة شمولية، وصوتي قادر على ذلك ويُطلب مني التنويع باستمرار. هل من عروض سينمائية امامك حالياً؟ - أدرس حالياً سيناريو فيلم لبناني - مصري لكني لم أوافق عليه بعد. ما هو جديدك؟ - أحضّر لألبومي الجديد الذي سيصدر مطلع الصيف المقبل وأستمع الى عدد من الأغنيات، من ملحنين وشعراء لبنانيين وعرب، وسيضم عملاً غنائياً مميزاً أعدّة لي الملحن إحسان المنذر. كما أصور حالياً فيديو كليب لأغنيتي "نشّفتلي دمّي" و"تكذب عليّ"، مع المخرجة ميرنا خيّاط أبو الياس. وثمة أغنية ستتعرض لقضية القدس